إفران وإيموزار كندر : ما الفرق؟

1 458

لقد حبا الله المغرب الأقصى بطبيعة خلابة تأسر العقول وتملك الأفئدة. فلقد مكنه موقعه الجغرافي من بنية إيكولوجية وبيئية جعلته ينعم بأجمل السواحل و أروع الجبال وأبهى الواحات وأسنى الوديان والبحيرات مما بوأه هذا التنوع البديع من صدى طيب على المستوى الدولي يفسره هذا الإقبال المتزايد من السياح من عرب وعجم زاده رونقا وحيوية ذلك التنوع الثقافي وتلك اللوحة الفنية البارعة من تراث شعبي وفلكلور يؤثث جميع الفضاءات.
فإذا أخذنا مثالا من هذا الفسيفساء الطبيعي الخلاب، ألا وهو جبال الأطلس وبالضبط الأطلس المتوسط نجد بأن حاضرتين رائعتين تربضان في شموخ وبهاء، تكادان تنطقان من الحسن والصفاء. والأمر ينسحب على مدينتي إفران وإيموزار كندر ، فالزائر لهما لا يكاد يفرق بينهما على مستوى المناخ البارد شتاء والمعتدل صيفا والطبيعة الخلابة من أشجار باسقة وعشب يؤثث الفضاء وجداول رقراقة تعزف موسيقى رائعة أبدعتها يد القدرة الإلهية، وبحيرات فجر مياهها الصانع المتقن جلا وعلا.
لكن المفارقة العجيبة التي تستعصي على الفهم تكمن في البون الشاسع بينهما من ناحية العمران والتجهيزات الأساسية والبنية التحتية…
فأغلب زوار مدينة إفران يكادون يجزمون أن المدينة نشاز من بين مدن المغرب ويعتبرونها مدينة أوربية بامتياز. فبالإضافة إلى الجمال الطبيعي الأصيل الذي أبدعه الله الجميل الذي يحب الجمال، هناك جمال أبدعه الأشخاص سواء كانوا ذاتيين أو معنويين بلغة القانون. لقد تواطأت الجماعة الحضرية -ونضع خطوطا حمراء تحت كلمة حضرية- مع السلطات الإقليمية والمحلية تواطأ محمودا وتآمر الجميع على هذا الإبداع الفريد وهذه اللوحة الرائعة القشيبة التي ألهمت الفنانين من شعراء ومطربين فغنوا لجمالها وبهائها وكلنا ترن في مسامعه أغنية:”محلى إفران ومحلى جمالو”.
قد يقول قائل بأن المدينة تحتضن القصر الملكي وأنها تحظى بعناية خاصة لا يمكن إزاءها للمسؤول المحلي إلا أن يكون في مستوى ما ينتظره القصر من منتجع ملكي متميز. لكن على كل حال، ليس مقبولا أن تكون مدينة إيموزار كندر جماعة حضرية وهي تسبح في فضاء من البداوة تخبرك عن ذلك قطعان الماشية السارحة في مساحاتها الخضراء وقرب مقر الباشوية وفي كل مكان معشوشب، والفراغات الموحشة حيث تنمو النقط السوداء لاحتضان الأزبال والنفايات وحيث يختلي عشاق الماحيا وأم الخبائث. أما السواقي التي تجري بها مياه عين السلطان وغيرها من العيون فهي المكان المفضل لغسل الزرابي والأفرشة والثياب. أما بنية الطرق والأزقة فمتهالكة لا يزيدها الزمن إلا تدهورا. فالحفر والأخاديد والبرك هي العنوان الأبرز للمدينة من أراد أن يساهم في إعطاب سيارته فعليه بالتجول عبر جنبات الحاضرة القروية…
إن من يتعلل بتفضيل إفران على إيموزار بسبب القصر الملكي فبإيموزار إقامة ملكية يطلق عليها اسم القصر محيطها متهالك هو الآخر .
والزائر للمدينة حينما يرى تدهور البنية التحتية بأم عينه، لا يرجع باللائمة إلا على المجلس البلدي والسلطة المحلية الذين تواطآ على خراب المدينة. ولا ننسى الموقف المخزي للمجتمع المدني والسياسي الذين يتفرجان على هذا الوضع المتردي دون حراك أو مبادرات تنبيها للمسئولين.
ويتبادر سؤال وجيه في هذا الإطار عن علاقة إيموزار بصفرو والطقس غير الطقس والوضع غير الوضع، في حين نرى التشابه الغالب إلى حد التطابق بين إيموزار وإفران، لا على المستوى الإيكولوجي ولا على المستوى الجغرافي والإثني. فلماذا لا تنضوي مدينة إيموزار كندر في إقليم إفران؟ وهل هناك حسابات سياسية وراء هذا الاختلال؟
الأكيد أن وضعية المدينة لا تعجب المسئولين ولا المواطن على السواء وهناك محاولات حثيثة لإخراجها من هذا التردي المؤلم نتمنى للمجلس البلدي والسلطات أن تتغلب عليه وذلك بتضافر الجهود الخيرة وذوي النوايا الحسنة لجعل مدينة إيموزار كشقيقتها إفران، ويتم تصحيح الاختلال بضمهما ضمن قطب واحد وإقليم واحد وما ذلك على الشرفاء من أصحاب الشأن العام بعزيز.

بقلم عبد الواحد رزاقي

تعليق 1
  1. غيور يقول

    أتمنى صادقا من المسؤولين التمعن في المقال الرصين وتصحيح الاختلال الناجم عن هذا التمييز غير المقبول بين المدينتين لا فض فوك أيها الغيور على عرائس الأطلس المتوسط.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.