اخــر معاقـــل الصمــــود … معركـــــة آيت عبــــــد الله 2/1

0 2٬450

 

خــر معاقـــل الصمــــود … معركـــــة آيت عبــــــد الله   2/1

 

بقلم الأستاذ حمزة عبدالله قاسم

 

في صمت تحل ذكرى من أعظم الذكريات الخالدة التي سجلهاالشعب المغربي ضد الإستعمار الفرنسي، وهي معركة تم فيهاالإستيلاء على تافراوت المركز من طرف القوات الغازية، والذييعتبرآخر معقل الصمود، ومند1907 الى 1934 ، وفرنسا تحاولتحقيق أغراضها الإستعمارية، إ…لا أنها تلقت الضربة القاضية منسكان القبائل الجنوبية، انتهت بتحرير المغرب وعودة رمز السيادةجلالة الملك محمد الخامس الى عرش أسلافه الأكرمين سنة 1955والغريب في الأمر أن أحزابنا الوطنية تجاهلت هذه المعركةالتاريخية، وكأنها لم تكن لم تكن الحرب التي استشهد فيها خيرةالشباب المغربي الذين اختاروا العمل المسلح واستماتوا في الدفاععن الوطن حتى الرمق الأخير، لهذه الأسباب إرتأيت ألا تفوتنيالفرصة دون تسجيل هذا الغياب المبرر، وأتذكر بعض الرجالاتالذين سطروا أسماءهم على أديم الوطن بمداد من الفخر والإعتزاز.

 

أيــــــت عبـــــــدالله ( المـــــــوقــــــع الجغـــــــرافي) :

 

تقع قبيلة أيت عبدالله بالأطلس الصغير على بعد 60 كلم من إغرم ،ونحو 40 كلم من تافراوت ، تحيط بها قبائل ” ئدوسكا” و”ئبركاك”و”ئسافن” و”ئداك- نضيف” و”أملن” ، وهي عبارة عن مجموعة منالقرى المنتشرة فوق الهضاب، وفي سفوح التلال وبين الجبال ،وعلى مقربة من الوديان، حيث يغلب على التضاريس الطابع الجبلي،ويكثر فيها شجر اللوز كما كان الأمر بالنسبة للقبائل المجاورة ،وتتكون المنطقة السكنية ل “أيت عبدالله من هضبة متوجة ذات علومتوسط يتراوح بين 1600 و 1800 متر، تقع في المنحدر الشماليللأطلس الصغير ، وتشكل أقصى جنوب بلاد ” أيلالن” التي ترتفعفوق إنحدارات خفيفة على شكل مدرج من سهل سوس ، إلى مقسمالمياه بين حوض سوس وحوض وادي درعة في إتجاه  “ئكنان”و”أمانوز” و”أملن” .

تأخد دروة الأطلس الصغير ب “أيلالن” شكل منحدر صخري خفيفتتوجه هضبة تمتد على قمة منحدره الشمالي، وعلى قمة منحدرهالجنوبي ، ويبقى البلد متشابها من الجهتين ب ” تيزي ئبركاك”نفس الأراضي المنبسطة نفس المزروعات ونفس السكان.

يتكون الخط الجبلي الممتد من الجنوب إلى الشمال من أدرار(2077متر) بمدده شمالا وجنوبا “أدرار أسطيف” و “أدرارتيزالاغين” (أفا – ن – أزاغورن) (2023متر) ، ويشكل الحد الفاصلبين ” أسيف أدمان” ، أو ” أسيف أوراغ” من روافد وادي سوس أوحوض وادي ” أقا” من روافد وادي درعة ( أسيف يسمى ” أدمام”لا عثمان ، كلمة” أدمام ” : نوع من الثمر).

تذهب مياه الأمطار التي تسقط غرب هذا الخط الجبلي ببلاد أيتعبد الله إلى أسيف ” أدمام ” بينما تذهب مياه الأمطار المتساقطةشرقه ببلاد “أيت فايد ” و ” أيت وارحو ” القبائل التابعة حاليا منالناحية السياسية لأيت عبدالله ، إلى أسيف…”..” وفي الوقتالحالي فجل هذه القبائل تابعة لإقليم تارودانت .

 

الحـــــاج عبد الله زاكــــور- أمغـــــــار-

 

يعتبر عبد الله زاكـور- أمغار- {أوك عبلا} وبه عرف، بالشخصيةالمناضلة الخالدة، الذي ينحذر من عائلة أيت لحسن أو عبد الله،وينتمي لفخدة منقسمة إلى عدة قرى، وهو رجل مقتدر باسل شجاعلا ترهبه قوة ولا يخشى الحروب، بل يقرع الخطوب ويركب الأهوالوينفق الأموال حفاظا على قبيلته ودفاعا عن سمعته وبأسه، والكليشهد له بالشجاعة ورباطة الجأش والشدة في منازلة الأعداء وعدمالرضوخ لضغوط ومطامع المغيرين الذين يبتغون النفود ويطلبونالنهب والسلب، وكان رجلا متزهدا صبورا مؤمنا بقضاء الله، وقاومالإستعمار الفرنسي ببسالة وشجاعة نادرة.

 

معركـــــة آيت عبــــــد الله:

 

كانت أعنف المعارك استعملت فيها فرنسا مختلف الأسلحةالجهنامية، منها القصف بالطيران فالتجأ الناس إلى الجبال،والطائرات المغيرة تقصف المنازل وتميت النساء والأطفال، وقدحطمت الطائرات الفرنسية قرى عديدة، وقتلت وشوهت العديد منالناس والمواشي والبهائم، وما زالت الأنقاض باقية وشاهدة علىضراوة الهجومات المتتالية التي لا تميز بين الأشجار والمحصولات،وبين البهائم والبشر والبنيان، أردت كل شيء خرابا وأنقاضا، وكانالناس يهربون في النهار ويختفون في حفر حفروها أو كهوفعرفوها، ويرجعون في الليل الى منازلهم طلبا للقوت وبحثا عن مؤونةيسدون بها رمقهم ليرجعوا مرة أخرى إلى مواقعهم حيث يستأنفونالمقاومة والجهاد ضد حشود من المرتزقة وعلى رأسهم قوادفرنسيون يخططون للهجومات، ويقدمون السلاح للمغاربة ضدإخوانهم، ولما رأى المستعمر أن هذه القوات لم تحقق أهدافها فيالقضاء على القبيلتين والسيطرة عليها، إلتجأ إلى وسائل الحربالنفسية يدس المكائد وخلق الأكاذيب وزرع البغضاء بين الناس عنطريق الخونة فلم يفلح أيضا.

أما ” أمغار عبدالله ” أوك – عبلا ، فيعتمد في أوقات الشذة على”أيت أومري” وهم حكام ” ئداو – زكري ” لأنه يناصرهم ويعاضدهمعندما يتعرضون لهجومات و إعتداءات خارجية ، أي أنه يوجد بينقبيلتي ” أيت عبدالله ” و ” ئداو زكري” معاهدة الصداقة والتعاونوالدفاع .

 

أمـــــاكــــــن الزحــــــف الإستعمـــــــاري :

 

في يوم الأربعاء 29 فبراير 1934، قامت قوات هائلة من جنودفرنسا بتطويق كل المنطقة بألياتهم الحربية العتيدة ، و اتجهت هذهالجيوش نحو تيزنيت و ” طاطا” و ” ئمي – ؤكادير” فم الحصن ،وتغجيجت ، و أكلميم، ولما أستتم إحتلالها لأخر معقل من الأطلسالصغير الذي قاوم مقاومة عجيبة إلى أخر النفس، هيأة حملة عظيمةوجيوشا كثيرة وطوقت بها تلك الجبال الصامدة ، وذكر الأستاذالعلامة محمد المختار السوسي في كتابه ” طاقة ريحان من روضةالأفنان ” حول الأمكنة التي زحفت منها الجيوش الإستعماريةكالتالي :

1) جيش طلع من بونعمان ، فلاقاه البعمرانيون فوق الثنية ، فحاربوهحتى لم يجدوا قرطاسة واحدة ، فمال إلى الأخصاص حيث ألتقىمع الأخر .

2) أخر طلع من ميرغت فلم يلق كيدا إلى أن ألتقى مع ما قبله فيوسط الأخصاص .

3) أخر تسلق جبل ” ئغير ملولن ” بعدما مهد بالقنابر الطريق أمامه، وهو الذي نزل في بسيط “تارودانت” ولم تبحبح ئداو- باعقيل ولميلق حربا.

4) أخر من أيت باها إلى أيت صواب .

5) أخر من  ئدزسكا إلى أيت عبدالله.

6) أخر من ئسافن – ن- أيت هارون إلى أيت عبدالله

وقد وقعت مقاومة لابأس بها في ” أيت عبدالله ” من بعض التملييين، وفي هذا الجيش كان القائد التييوتي وهو الذي نزل في أملن ثمإلى ” تاهلا” ثم ” ئداو – سملال” حتى ألتقى الذي في بعقيلة .

7) أخر جاء من ” أقا” التي أحتلت قبل ذلك الحين بسنوات، وقد مر” بتامانارت ” إلى تيغجيجت ولم يلق حربا.

8) أخر جاء من صحراء الجزائر بالدبابات ، فلم يقف حتي وصلأكلميم ، وهذان الجيشان هما الذان هيأ لمطاردة ” النكادي” و” أيتحمو” و ” أيت خاباش” الذين أووا إلى جهة ” تامانارت” و”تغجيجت” بعدما أنسحبوا من تافيلالت التي كان فيها ” النكادي”أميرا بعدما قتل التزونتي، وقد هربوا إلى ما وراء أكلميم حتىأستسلموا .( انتهى المختار السوسي).

image

……………………………………………………………………………..

جريدة رسالة الامة عدد 8089 الخميس 12 فبراير 2009

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.