جان ميو: الصحافة المكتوبة ستتفوق وستكون لها الكلمة الفصل
الرباط (زاكورة بريس) أكد الصحفي الفرنسي المعروف٬ جان ميو٬ أن الصحافة المكتوبة ستتفوق وستكون لها دائما الكلمة الفصل أمام اجتياح التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال (الأنترنيت والتويتر وسمارتفون وغيرها).
وشدد ميو٬ في مداخلة في ندوة حول موضوع “المكتوب سيتفوق”٬ نظمت مؤخرا بالدار البيضاء في إطار سلسلة ندوات جامعة المعرفة للمكتب الشريف للفوسفاط٬ على أنه “في زمن الحديث المفرط عن الأنترنيت المحشو باللغط والإشاعات وتحديات الذكاء٬ وفي زمن (سمارتفون) و(آيباد) والموقع الاجتماعي (تويتر) والمدونات ومواقع الدردشة٬ فإن التأكيد على أن المكتوب سيواصل فرض وجوده يعد في نظري ضرورة ملحة”.
واعتبر رئيس وكالة فرانس بريس سابقا أن أي وسيلة إعلام جديدة لا تلغي سابقتها٬ فالإذاعة لم تقض على القرص٬ والتلفزة لم تقتل السينما٬ والشاشة لن تقضي على المكتوب رغم ما يلاحظ من أن الورق فقد قيمته المطلقة.
وأكد أن الأنترنيت لا يحكم حتما على الصحافة بالموت الأكيد٬ بل على العكس من ذلك يفتح آفاقا جديدة لهذه الصناعة الآخذة في الشيخوخة وللإنتاج الذي يغفو على أمجاد السنوات المشرقة للبلدان الصناعية.
ومهما يكن من أمر٬ يؤكد ميو٬ فإن النشر الافتراضي لن يحكم على المطبوعات بالموت لأنه يبقى حصنا مضادا لداء الأنترنيت المتمثل في الفورية٬ موضحا أن الورق والصفحة التي يتم الرجوع إليها٬ تلك التي يتم طي زواياها حتى لا يتم فقدها٬ هي المرجع والتحليل والتفكير.
وأبعد من ذلك٬ ذهب الصحفي الفرنسي إلى أن الثورة الرقمية تعتبر عكس ذلك فرصة بالنسبة للصحافة٬ فالشاشة ستنقذ المكتوب.
واعتبر أنه بالنسبة للصحفيين٬ يجب أن تقود هذه الثورة الرقمية أكثر من أي وقت مضى إلى الرجوع لأساسيات المهنة٬ موضحا أن الصحفي يبقى الممرر الذي لا محيد عنه والشاهد الذي يتولى كمهمة رئيسية عملية الفرز في إطار تدفق معلوماتي متواصل وينحو في اتجاه التضخم وأيضا وعلى الخصوص المراجعة والتفسير والتحليل.
وعلى الرغم من ذلك٬ أشار ميو إلى أن مهنة الصحافة تعاني اليوم من هذا الخلط بين الاتصال والإعلام٬ فالاتصال يتجه نحو المستهلك والإعلام يستهدف المواطن٬ مؤكدا أن العدو اللذوذ للصحافة اليوم هو الوقت وليس التكنولوجيا الرقمية في حد ذاتها كيفما كان الحامل الذي تفرضه قدرة ذاكرة الأجهزة الرقمية.
وحذر من كون فورية العالم الرقمي تمثل الخطر الحقيقي والقرحة الفعلية للإعلام٬ مذكرا بأن الإذاعة فقدت السبق في إعلان الحدث٬ وأن التلفزة ليست وحدها من يقدم الصورة٬ ولم تعد الصحافة المكتوبة تحتكر التعليق كما لم تعد الصحافة وحدها تمارس الصحافة.
لذلك٬ يضيف الصحفي الفرنسي٬ بين كل ما قيل وما تمت مناقضته وما أعيد قوله وتكذيبه من جديد على مستوى المواضيع الأكثر جدية التي تهم العالم المحيط بنا٬ فإن المواطن بحاجة إلى تراجع وإلى تفسيرات وإلى تركيب من أجل الفهم٬ مؤكدا أن الصحفي بحاجة إلى هذا الوقت الأساسي وهو وقت الكتابة.
وقال إنه “من المؤسف٬ ملاحظة أنه منذ أسلافنا لم يتقدم تفكيرنا خطوة”٬ معتبرا أن ما يمكنه إنقاذنا من هذا الاضمحلال في الفكر هو وحده المكتوب٬ والكتاب٬ والصحيفة والمجلة.
وأوصى بأن يكون صحفي القرن الواحد والعشرين بالضرورة تعدديا في استخدام وسائل الإعلام٬ وعليه أن يعطي الأولوية للمعلومة مقابل الحدث الراهن والتحقيق مقابل الفورية.
يذكر أن جان ميو المنحدر من منطقة بيري بدأ مساره عن عمر 16 سنة من خلال “جمهورية الوسط” قبل أن يصبح سنوات بعد ذلك رئيسا لوكالة فرانس بريس (1996-1999). ومارس بعد ذلك مختلف أصناف الصحافة حيث عمل٬ على الخصوص٬ سكرتير تحرير ب(سونتر بريس)٬ وصحفيا ب(فرانس أنتي)٬ ومديرا سياسيا ب(هافر بريس)٬ ومديرا مساعدا ب(فرانس أنتي) ثم مديرا منتدبا ل(فيغارو).