مُفتش التعليم أو مُفتش القشور..

0 456

دعونا نتحدث شيئا ما عن السيد المفتش، هذا الشخص الذي يقوم بزيارات محبة و ود للأساتذة،بل و في أقسامهم. ناذرا ما يدعوهم هو للقاء تكويني معه. فبكثرة اشتياقه يزورهم و لو مرة بعد سنين.

لاشك أن كل مفتش يختلف عن مفتش اخر، له كل التقدير و الاحترام. هناك من يقوم بدوره على أحسن ما يرام. يزور الأستاذ كل ما استطاع ذلك. فيقدم توجيهات و إرشادات تفيده. ذلك في ما يخص المنهجية المتبعة في تقديم الدرس. يناقش كل صغيرة وكبيرة لمراحله.يُحضر  و يُقدّم وثائق و مستجدات تساعد المدرس في هذه المهنة الصعبة. إذ هي تعامل مع عقول  متعلمين مختلفين عمرا و مستوى و رغبة في التمدرس. رأينا نماذج من هؤلاء المفتشين و لا نزال نتذكرهم جيدا لحسن عملهم و الدعم الملموس الذي يقومون به.

من بين الازمات التي تعاني منها منظومة التعليم بالمغرب هي ايضا استمرار هذه العقلية المتخلفة في التفتيش، هي تحمل خلفها عقلية إرهاب الأستاذ و محاولة إبراز الذات أمامه بوعي أو عن غير وعي.  عندنا، المفتش لا يهتم إلا بالقشور كما يقال: الوزرة البيضاء، دفتر النصوص أو المذكرة و الجذاذة… الخ. ربما هي أمور لها أهميتها و لكن هناك أمور أكثر أهمية من ذلك. يكتفي السيد المفتش بالنظر لدفتر النصوص و الجذاذة، و يرمي في الهواء بعض الملاحظات. يجب عليك أيها الأستاذ أن تهتم أكثر بالوثائق الرسمية. فهي تعبر عن مدى انضباطك وهي صورة عملك. فيُعيد نفس الكلام في تقرير قد يُرسله. إن أراد أن يعبر عن مدى جديته و عمله القيم، يغضب غضبة على الأستاذ: ” انت ما تستاحقش تكون أستاذ” أو ” ماشي خدمة هادي الأستاذ هو للي يقوم بالواجب ديالو” …  و هناك من الزملاء من حصل على الكفاءة المهنية مرفقة بإهانة و انتقاص من القيمة.

و من جهة أخرى، ذات صباح باكر، تفاجأ أساتذة لمدرسة مركزية باقليم زاكورة بالسيد المفتش امام باب المؤسسة، و هو يشير لساعته اليدوية، يوبخ على الدقائق التي تأخر فيها بعض الأساتذة. ثم بعد ذلك انصرف، بهذا الاجراء القيم لاشك أن التعليم ببلدنا سيزداد الى الامام خطوات كبيرة و يتطور. ولكن أعود  لأطر ح السؤالماذا أضاف بهذا الاجراء؟ ربما يكون هناك أستاذ ملتزم بالوقت لكن في هذا اليوم بالذات تأخر لسبب من الأسباب. هل هذا يعني أنه غير مواضب؟ و ما دور المدير ان لم يراقب حضور و غياب الأساتذة؟تساؤلات كثيرة…

لماذا لا يكون هذا التفتيش مُفعما بروح المحبة و التعاون؟ لماذا لا يكون المفتش، بما أنه كان أستاذا،هم مصدر إلهام للأستاذ و لينقل له تجارب السنوات التي مضاها في التدريس. فيصبح المدرس  ينتظر اليوم الذي سيزوره عوض أن يكره هذا اليوم بالذات. إنها أزمة حقيقية يجب إعادة النظر فيها. العلاقة يجب أن تبنى من جديد، فعوض زرع اليأس و الاحساس بالفشل يُنشر الامل و  الحماس في التحسين المستمر للمنهجية و الالقاء معا. هنا سيكون التأطير التربوي فعالا.التكوين الذاتي لوحده غير كافي و لا يمكن مقارنته بتجربة عدة سنوات تنقل له مباشرة من السيد المفتش. و حضور هذا الاخير لمدة لا تزيد عن عشرة دقائق في الحصة لن يضيف للأستاذ شيئاـ و إنما حضور حصة بكاملها و مناقشتها من كل الجوانب قد تعطي إفادة أكبر. بهذا يمكن أن نرفع شيئا من مستوى الاساتذة و بالتالي الرقي بالتعليم.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.