هكذا… نريد جامعة اليوم
مما لاشك فيه أنه يقع على الجامعة مسؤولية القيادة الفكرية والمعرفية للمجتمع الذي تنتمي إليه، فهي منبع الإنتاج العلمي ومنجمم الابتكارات والدراسات المختلفة، ومسؤوليتها تفاعلية وتكاملية وعطاءها لا يقف فهو يتجدد بتجدد وتغير البنى الاجتماعية. باعتبارها مؤثرة في المجتمع إن هي أدت رسالتها كما يجب.
لكن أين نحن من هذا النموذج الفريد الذي تعمل فيه الجامعة على تخريج النخب السياسية والفكرية لتعزيز وتقوية مؤسسات الدولة، بعد عملتي الحوار والتربية والتكوين هذا الثالوث الذي لو احترمته الجامعة المغربية وعملت به مند زمن لما وصلت إلى ما هو عليه الآن حيث حل العنف محل الفكر وأصبح التطاحن من خصائص الجامعة.
فجامعتنا للأسف تحولات من ممارسة الفكر والنقاش الجماعي المثمر إلى صناعة العنف الذي يفضي لا محالة إلى الموت، فهو عنف جسدي أكثر مما هو رمزي، ومذبحة ظهر المهراز بفاس غير بعيدة عنا، حيث وضحت لنا بجلاء انحططات المستوى الطلابي مرسخة بذلك صورة سوداء على الجامعة لدى ثلة من الفئات الاجتماعية التي فقدت ثقتها فيها، بالإضافة إلى بحث الكثيرين من أبنائها على بدائل تعفيهم من الخوف والرعب المتكرر.
لا نجازف إن قلنا أن سرطان العنف قد أصاب الجامعة المغربية مند عقود ومن الصعب أن ينتهي بين عشية وضحاها رغم المبادرات التي تأتي من هنا وهناك، فهو عنف محمي من طرف البعض الذي يستفيد منه بدرجة عالية مستغلا الفراغ العقائدي والتيهان العقلي الذي أصيبت به فئات معينة إثربعدها عن الواقع المحلي، وأخذت بنهج أشخاص قدموا لأوطانهم الكثير عبر خطوات ابتكروها لذلك ، لكن مع تفشي التقليد الأعمى وعدم الفهم العميق لتجارب السابقين ومحاولة تطبيقها على المجتمع المغربي عبر مؤسسات التعليم العالي أفرز ما شهدته الجامعة في تسعينيات القرن الماضي وما عشناه في أبريل 2014 المنصرم لتبقى الجامعة المغربية في أسفل السافلين.
في ظل كل الذي حدث دعونا نتحدث عن النموذج الذي نبتغيه اليوم بعيدا على كل التناقضات والصراعات الايديولوجية العمياء التي لا خير من ورائها سوى الانشغال بغير المهم وتفويت الفرص الحقيقة على الطلبة والجامعة.
إن الجامعة التي نريدها اليوم هي جامعة تعيد الثقة للمجتمع وتقوده نحو ما هو أفضل وتزود مؤسساته ومؤسسات الدولة بالنخب الفكرية، جامعة يرحب المجتمع بخريجها باعتبارهم عماد التنمية والتقدم، جامعة يطبعا التوافق وتدافع على اللاعنف كمبدأ، جامعة يملؤها الجد والنقاش الفكري الهادف، جامعة يسودها التعاون بين المنتسبين إليها على اعتبار أن الكل في سفينة واحدة.
هكذا إذا نريد جامعة 2015 وما بعده حتى نضمن لها مكان بين الجامعات العالمية، ونتمنى أن يستفيد الجميع من أخطائه السابقة لأن الوقت قد حان لتدارك ما فات ومواصلة العمل والاجتهاد.