الثقة أولا ثم الإحصاء ثانيا
إن المتتبع لعملية الإحصاء العام للسكنى بالمغرب لعام 2014 وما واكبه من تعبئة إعلامية من وصلات إشهارية متنوعة وملصقات ولوحات ولقاءات تحسيسية ، ليقف على حركة غير طبيعية في سير العملية ، فبعد انطلاق العملية نجد أن هناك مجموعة لا يمكن أن يستهان بها من أبناء الشعب تقاطع هذا الإحصاء سواء بطريقة مباشرة عبر الامتناع عن الإدلاء بالمعلومات وتجاهل الباحثين وعدم فتح الباب لهم أو بطرق غير مباشرة كالإدلاء بمعلومات خاطئة والتهرب من الإجابة عن بعض الأسئلة إلى غير ذلك من طرق التملص من أداء “الواجب الوطني” كما يحلوا للبعض أن يسميه ، ويرجع سبب امتناع عدد من المواطنين عن استقبال المكلفين بالإحصاء، أو عدم صحة الأجوبة التي يقدمونها لهم ، أو التهرب من لقائهم … إلى طبيعة العلاقة التي تربط المواطن العادي بالدولة ومشاريعها وممثليها… علاقة عدم الثقة وتهرب وتوجس. الثقة أولا ثم الإحصاء ثانيا.
فالمواطن المغربي يعيش تحت ضغط الواقع المر ، والذي لا تنتهي معه معاناته سواء في المستشفيات والتي لا يجد من يواسي ألامه هذا إن تمكن من الدخول إليها أصلا، أو الإدارات والتي في اغلب الأحيان لا تجد من يبالي بأوراقك ومدى وقوفك وانتظارك ، وحينها تحس بوطنيتك بسبب انك لا تستطيع قضاء أغراضك او حتى حصولك على حقك إلا بعد نفاذ صبرك إضافة إلى الاكتواء بنار الأسعار وضغط المجمع…. .،
كما يرجع سبب امتناع بعض الشباب عن الإدلاء بالمعلومات إلى الباحثين الإحصائيين إلى إقصاءهم من الإحصاء بغير وجه حق وما شاب ذلك من محسوبية وزبونيه في انتقاء ملفات الباحثين ،
كل هذه المعانات في القرى والمدن كان على الدولة أن توفر للمواطن حاجاته ومتطلباته لا أن تهمشه وعند حاجتها إليه تعزف له على حبل الوطنية والواجب الوطني كما في الانتخابات آو الإحصاء وما شابه ذلك…
كان من الأحرى أن المواطن ينخرط في هذه المشاريع بدون ضجة إعلامية ولا غيرها ، وذلك بكل طواعية ورضا وأن يؤدي واجبه في الإحصاء والانتخابات وغيرهما، ولكن لابد من توفير الحقوق أولا ، فكيف لنا أن نسأل عن الواجب في غياب الحق وبغياب هذا الأخير غابت الثقة والرضا .
فعندما غابت الحقوق أصبح المواطن يائسا من واقعه وسياسات الدولة غير مبال بمشاريعها و أوراشها ، لأنه لا يسلك في أذن الجائع إلا خبر يبشره بالخبز.
وخير ما نختم هو وقفة مع شعاره الذي يقول ” قيمة بلادنا سكانها ” نعم هذا صحيح ولكن إذا ” أعطية القيمة لسكن بلادنا “، كما انه لا يجب القيام بالإحصاء من اجل الإحصاء ، فأين كناشات الحالة المدنية والبطاقة الوطنية هل هذا غير كاف أو غير مضبوط ؟ ، وقد أشار إلى ذلك الأستاذ الدكتور محمد الكشبور في كتابه الوسيط في شرح مدونة الأسرى ج 1/ ص 98 ” ونؤكد أن نظام الحالة المدنية إذا ما ضبط وعمم واعتمدت بصدده المعلوميات بكيفية دقيقة وسليمة يغنينا عن الإحصاء العام للسكان الذي تلجأ غليه الدولة بين الفينة والأخرى ، وتجند له طاقات بشرية لا تعد ولا تحصى “.