الجنوب المغربي بين قساوة الظروف واهمال السلطة

0 441

أمام هول كارثة الفيضانات الأخيرة في الجنوب وماخلفته من أضرار بشرية ومادية ،تذكرت مقولة أمازيغية مفادها “رغم طول الصراخ لا أحد يستمع” فرغم الصيحات المتتالية المطالبة منذ سنين بتنمية مناطق الجنوب-الشرقي- ورفع التهميش والاقصاء عنها، فقد ظلت هذه المناطق تقبع في آخر سلم أولويات المسؤولين في الدولة عن التنمية رغم ماتحتفظ به-هذه المناطق-من الثرواث وماتغدق على الدولة من عائدات ،فان كانت بعض الوعود قد ترجمت فعلا على أرض الواقع فان القسم الأكبر الباقي ترك المنطقة ترقد في مستنقع التهميش والعزلة جاءت الفيضانات الأخيرة لتزيد من عمق هذه العزلة وتكشف الوجه القبيح للتنمية المغشوشة بهذه المناطق ،منازل تسقط على المواطنين ليحملوا على الأكفان وجثامين جرفتها المياه تنقل في شاحنات النفايات-فاجعة كلميم- وقناطر مهترئة لم تصمد أمام كميات المياه الدافقة وقرى معزولة بأكملها لأيام تواجه قساوة الظروف وخيبات الزمن المتتالية ،في انتظار أن تسمح “لغة التعليمات”للمعنين بالأمر التدخل لانقاذ وتدارك مايمكن تداركه .

ان الشعور باهمال السلطة ولامبالاة المسؤولين هو ماكان يدفع سكان الجنوب عبر تاريخهم الى سلوك مسلك العصيان و الانتفاضة في وجه السلطات القائمة لاثارة انتباهها اليه وكرد فعل على تعسفها و تجاوزاتها ففي زمن العلويين الأوائل انتفضت قبائل الجنوب الشرقي على حرمانها أمام قساوة الجفاف من السهول و المراعي الخصبة

كما وقفت ضد الضغط الجبائي للسلطة  الذي أثقل كاهل السكان في فترات الركود الاقتصادي وكما وقفت هذه المناطق ضد جنوح السلطة وظلمها ، حملت السلاح وأبلت البلاء الحسن في الذود عن حياض الوطن وانتصبت مدافعة بامكانيتها البسيطة أمام جحافل الجيوش الفرنسية  الغازية غير أن  دفاعها المستميت  عن حمى الوطن لم يشفع لها ان تستفيد من تنمية حقيقة في مغرب الاستقلال ،حيث ظلت هذه المناطق ترزح تحت وطأة الأمية  والهشاشة وضعف البنية التحتية فلايعقل ان يبقى اقليم “تنغير” مثلا بساكنة تعدادها 300 ألف نسمة بدون مستشفى اقليمي وأن نسمع بوفيات ناتجةعن لسعات العقارب و عضات الكلاب والاهمال الطبي باقليم “زاكورة” وأن تعزل الفيضانات دواوير “ورزازات” لأيام بدون مأوى ولا أكل و لاشرب في انتظار رحمة المسؤولين فيما تهرع الدولة وتنزل بثقلها لحماية وانقاذ الانسان الأجنبي وكأن انسان تلك المناطق ولد غير مكتمل لعناصر المواطنة.

 

خلاصة القول قد نترك الكلام عن الثرواث المادية المحتكرة في هذه المناطق لكن لايمكن ان نستسيغ بأي وجهه من الأوجه ان تضيع الثروة البشرية بكل هذه البساطة، فالبحث عن الاستقرار والأمن وتوطيد دعائم الدولة لا يتعايش مع التفقيروالتسلط ومنطق الفساد المستشري الذي يحرم الانسان من أبسط شروط العيش الكريم. 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.