عندما تتلون الحرباء

2 586

لاشك أن المتتبع للاعلام العمومي المغربي اليوم يقف مشدوها أمام بعض التصرفات الغريبة والتي تحتاج الى قاموس خاص لفهمها. فأحيانا تتفنن قنواتنا المدلعة في ابراز مفاتنها وعوراتها أمام الكل دون احترام لأدنى خصوصيات الثقافة المغربية الأصيلة، وأحيانا أخرى تلبس هذه القنوات ثوب العباد والزهاد والقديسين حتى يتخيل اليك أنك أمام خليط لانفلات أخلاقي منسم بنكهة التسبيح والتهليل. هذا ماينطبق على قنوات القطب العمومي المغربي خصوصا القناة الشابة ( دوزيم)، فتارة تطل علينا القناة بمسلسلات تركية وأخرى مكسيكية أقل مايقال عنها أنها لاتصلح حتى للنقاش، وبرامج مسابقات للرقص واكتشاف ( المواهب) الضالة المميعة لايوائها وتأمين مسار لها. وحتى لايكثر القيل والقال عن هذه المواد تتفضل القناة في تقديم مسابقآت قرآنية في شهر رمضان الكريم، لتنسى بعد ذلك أجواء الشهر الفضيل، ثم تعود حليمة الى عادتها القديمة.

 الغريب أن القناة التي منعت الحجاب على مقدمات البرامج داخلها لمدة طويلة سمحت لبعض مراسلاتها بارتدائه أخيرا، وهكذا أطلت علينا مراسلتين للقناة الثانية عشية فوز حزب اسلامي في استحقاقات 25 نونبر وهما ترتديان الحجاب في سابقة غريبة داخل القناة. السؤال المطروح هنا هو: لماذا بالضبط سمحت القناة لمراسلاتها بارتداء الحجاب في هذه الظرفية بالذات؟ وهل أصبحت الحريات الشخصية مرتبطة بالظروف السياسية للمجتمع؟ أم أن ( دوزيم) تعمل بالمثل المغربي القائل : ” دير راسك بين الريوس وعيط ياقطاع الريوس”؟

   لاشك بأن المشاهد المغربي أدرك مدى الاستهتار الكبير الذي يمارسه الاعلام العمومي عليه. فهذا الاعلام الذي يمول من جيوب المواطنين بواسطة الضرائب لم يؤدي لحد الآن دوره المنوط به في تنوير عقول الناس خصوصا الشباب الذي تحول دوره من الانتاج الى الاستهلاك، استهلاك لما ينتجه الآخر من ثقافة مائعة تخترق البيوت عبر الصحون المقعرة وغيرها. لم نعد اليوم نحتاج الى اعلام الحرباء الذي يتلون ويتغير حسب الظروف السياسية والاجتماعية خصوصا بعد الربيع العربي ونجاح الثورات العربية في انتاج اعلام حر يستجيب لتطلعات الشعوب ويدافع عنها. فالحكومه المغربية أمام امتحان كبير في مجال الاعلام العمومي، لقد نادى المناضلون من داخل العدالة والتنمية كثيرا باصلاح هذا المجال، وبات عليهم الآن بعد الوصول الى الحكم أن يباشروا عملهم لتمكين المغاربة من اعلام حر ونزيه.

     أريد في الأخير أن أوجه بعض الأسئلة الى من يسير أمور هذه الأمة في السنوات المقبلة:

    هل ستتمكنون من تنفيد وعودكم في مايخص سير الاعلام العمومي؟

   ألم يصبح من الضروري على البيجيدي اصلاح ما أفسده المفسدون خلال عقود طويلة من الحكم.

  وأخيرا، هل سيستجيب المسؤولون الجدد لمطالب الأمة، أم سيتلونون كما تتلون الحرباء؟

 

 

عبد المجيد المالكي 

        

2 تعليقات
  1. زاكوري درعاوي يقول

    Khasna n9at3o had l9anat

  2. ابن زاكورة يقول

    تكلمت عن هذا سابقا ،واقول ان الاعلام المغربي لايعكس صورة المغرب والمغاربة بل لا الاولى ولا الثانية فهم قنوات غربية بامتياز ،وهنا نطالب الجهة المعنية التي تقتطع اموال المغاربة لدعم هذه المزلة ان يعفو المغاربة من هذه الضريبة المفروضة عليهم ولتبقى انذاك تلك القنواة حرة من شاء يتتبعها ومن شاء يتركها ولاتدعم ولاتحمى من طرف السلطات المغربية لأنها لاتمثل الاغلبية الساحقة من المغاربة،وبالمناسبة حتى بعض الصحف داخلة في هذا الميدان ،فكل صحيفة تعتمد على الاكاذيب وتشويه سمعة الوطن والمواطنين فهي مثل هذه القنواة،نسال الله ان يكفينا شرهم ومكرهم وان يجعل كيد من اراد بالمغرب والمغاربة سوءا ان يخرجهم عن دينهم وتمييعهم في نحره ،وان يجعل الله الفشل حليفه،واي دعم يقدم من اموال الشعب لهذه القنواة او هذه الجرائد التي تسيء الى المغرب ،فيعد ضياع المال العام،لابد من المحاسبة،

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.