المسؤولية المدنية في مجال حوادث السير

1 16٬818

المقدمــــــــــــــــة :

يحق لكل الأفراد داخل المجتمع ممارسة حقوقهم في إطار ما تسمح به القوانين المعمول بها  أو ما تخوله لهم الاتفاقات التي يبرمونها مع الغير ،شريطة الالتزام  باحترام هذه القوانين والاتفاقات ،وكل إخلال من طرف احدهم يؤدي إلى تحميله مسؤوليته عما يحدثه للغير من ضرر ،إما في إطار المسؤولية الجنائية التي أقر لها المشرع عقوبات محددة أوفي إطار المسؤولية المدنية عن طريق التعويض .

والمسؤولية كما عرفها الأستاذ René Savatie  [1]  هي التزام يمكن ان ينطبق على شخص ،يلزم بتعويض خسارة يتسبب فيها للغير إما بسبب فعل أشخاص أو أشياء  يوجدان تحت رعايته أو مسؤوليته .

وإذا كانت وسائل النقل  بمختلف أنواعها سواء الفردية او الجماعية ،تعد بمثابة ضرورة اجتماعية لا مجال للاستغناء عنها ،لنقل الأشخاص والأموال  عبر المسالك والطرق  المخصصة لذلك في المجالين الحضري والقروي .

وعلى هذا الاساس فوسائل النقل تعتبر بمثابة سلاح ذو حدين ،تتحقق السلامة للمجتمع باحترامه بينما يؤدي الاستهتار واللامبالاة والإخلال بضوابط السير إلى حصول الاضطراب والفوضى وارتفاع عدد الضحايا سنويا بين قتيل ،وجريح وأخر مصاب بعاهة مستديمة وهو أمر إلى تدمر واستقرار الاسر والعائلات وتكليف الدولة مبالغ طائلة.

ويرجع الخبراء تفاقم  ظاهرة حوادث السير عادة  لعوامل ثلاث  أولاها يهم العنصر البشري المتحكم في الناقلة وثاني هذه العوامل له ارتباط بالشبكة الطرقية المخصصة لتنقل العربات وجولانها اما العنصر الاخير فيرجع للحالة  الميكانيكية للعربات والشاحنات المستعملة كوسيلة لنقل الاشخاص والاموال .[2]

ومن هذا المنطلق كان لزاما على كل شخص أحدث ضرر لغير بفعل عربة ذات محرك يقوم على حراساتها أن يلتزم بتعويض الضرر الذي تسبب فيه في إطار قواعد المسؤولية المدنية .

وقد عالج المشرع هذه المسؤولية بموجب القواعد العامة خصوصا الفصل 88 ق ل ع وكذا المادة 485 من مدونة التجارة ،ولم يقف عند هذا الحد  بل ذهب أبعد من ذلك، بإخضاعه العربات ذات المحرك للتأمين الإجباري للسيارات بمقتضى ظهير 20 أكتوبر 1969 الذي تم إلغاؤه بموجب القانون 17 99 المتعلق بمدونة التأمينات إضافة إلى ظهير 1984 المعلق بتعويض ضحايا حوادث  السير، وصولا إلى القانون 05 52 المتعلق بمدونة السير .

وتكمن أهمية هذا الموضوع بحت ودراسة مواطن القوة والضعف في الترسانة القانونية المرصودة لحماية المضرور من خطر الحوادث القاتلة وسبل الوقاية  والتقليص منها ،من خلال بحث إلى أي مدى وفق المشرع في سن نصوص قانونية  قادرة على الحد من تفاقم ظاهرة حوادث السير ؟

هذه إشكالية عامة تتفرع عنها بعض الأسئلة منها :

ماهي طبيعة المسؤولية المدنية عن حوادث السير ؟هل مسؤولية تقصيرية ام عقدية أم هما معا؟ وما هي الخصائص المميزة للنصوص التشريعية في هذا المجال ؟ما حدود الحماية المقررة للضحية ؟وما هي عناصر تقدير التعويض حالة وقوع الضرر ؟وأهم السبل والإجراءات للحصول عليه ؟وأخيرا ما مدى مصداقية القول بعدم جدوى وفعاليات النصوص القانونية في الحد من  الحوادث؟

لأجل الإجابة على هذه الأسئلة نتبع منهجا وصفيا تحليليا نمزجه أحيانا بالنقد كلما سنحت الفرصة لذلك ،وفق خطة عمل مكونة من مبحثين :

المبحث الاول :الطبيعة القانونية للمسؤولية المدنية  عن حوادث السير

المبحث الثاني : الآثار المترتبة عن تحقق  المسؤولية المدنية  

 

 

 

 

 

 

المبحث الاول :طبيعة المسؤولية المدنية في حوادث السير

نبحث طي هذا المبحث طبيعة المسؤولية المدنية في حوادث السير وما إذا كانت مسؤولية تقصيرية  (المطلب الاول ) أم هي مسؤولية عقدية ( المطلب الثاني )

المطلب الأول :المسؤولية التقصيرية في مجال حوات السير

يعلم كل منا، بأن المسؤولية التقصيرية أو العمل غير المشروع تعد من أهم مصادر الالتزام [3]،فكل فعل ضار يصدر من شخص عن عمد أو غير عمد يترتب عنه ضرر للغير، يوجب عليه التزام بإصلاحه عن طريق  التعويض،  وكما تنشأ المسؤولية التقصيرية للشخص من أفعاله التي تسبب ضرر للغير ، فقد تثور هذه المسؤولية أيضا نتيجة الأضرار التي تحدث من فعل الأشخاص الذين يخضعون لرقابته وقد  يتحمل نفس الشخص مسؤولية الأضرار التي يحدثها للغير حيوان او أشياء أخرى يتولى حراستها [4] هذا بشكل عام .

 وخصوصا فقد حظي موضوع المسؤولية التقصيرية عن حوادث السير ببالغ الاهتمام في  المجال القانوني والقضائي ،ولعل السبب في ذلك يرجع بالأساس إلى التزايد الخطير الذي تعرفه حوادث السير في الفترة الأخيرة ،وعدم نجاعة الترسانة القانونية المرصودة لتقنين هذا المجال في  وقف زحف طوفان الحوادث القاتلة .فما هو الأساس القانوني للمسؤولية التقصيرية في حوادث السير ؟

نظم المشرع المغربي هذه المسؤولية من خلال القواعد العامة بداية ،وعززها بعد ذلك بقوانين خاص يأمل فيها الإصلاح، حيث بادر إلى إخضاع العربات البرية ذات المحرك للتامين الإجباري للسيارات بمقتضى ظهير 20 أكتوبر 1969[5]،إلى جانب ظهير 02/10/1984 المتعلق بالتعويض ضحايا حوادث السير.

وإن الباحث القانوني المهتم بحوادث السير ،ليشد انتباهه تباين فروع هذه المنظومة التشريعية وتعقدها ،إلا  أننا سنقتصر من خلا ل مثن هذا  المطلب  على دراسة هذه المسؤولية في القواعد العامة وبتعبير أضيق على ضوء مقتضيات الفصل 88 منها  .  على اعتبار  أن نطاق إعمال  الظهيرين المذكورين يكون بعد وقوع الحادث .  فإلى أي مدى استطاع المشرع من خلال هذا الفصل توفير الحماية للمتضرر من جراء هذه الحوادث ؟

 

الفقرة الأولى :إمكانية إعمال الفصل  88 من  ق ل ع على حوادث السير

إن إلقاء نظرة على مقتضيات الفصل 88 من ق ل ع [6] ،يتبين أن المشرع المغربي واكب التطور الآلي وأعطى لركن الضرر أهمية بالغة إلى درجة يعجز الحارس عن الأشياء أن يجد السبب لإبعاد المسؤولية عنه .

فمقتضيات هذا الفصل تجعل على كاهل حارس الأشياء مسؤولية مفترضة ،حيث يصبح مبدئيا مسؤول عن الضرر الذي تحدته الأشياء الداخلة تحت حراسته، ولا مجال لإبعاد هذه المسؤولية إلا بإثبات انه فعل كل ما كان يجب لإبعاد الضرر أو أنه كان نتيجة حادت فجائي أو قوة قاهرة أو أن خطأ المضرور هو السبب في وقوع الضرر [7].

لقد اتجهت نية المشرع إلى التشديد من مسؤولية حارس السيارة وهو ما يظهر بجلاء من الفصل 88 الذي جعل الإعفاء من المسؤولية رهين إثبات شرطين لا محيد عنهما ،ولعل في ذلك ما فيه من الحماية للمتضرر جراء حادت سير  فالمشرع خلافا للقواعد العامة جعل  عبء الإثبات على حارس السيارة [8]

وبذلك يمكن القول أن قرينة الخطأ التي بنيت عليها مسؤولية حارس السيارة هي قرينة قاطعة  ،لا يجوز التمسك بما يخالفها ،إلا إذا أثبت المسؤول  أنه فعل ما كان ضروريا لمنع وقوع الضرر ،وأن الضرر يرجع إما لظروف طارئة أو قوة قاهرة أو لخطأ المضرور [9] ،وقد اشترط المشرع توافر شرطين للقول بمسؤولية حارس السيارة وهما أن يكون الشخص حارسا لسيارة (أولا) وأن تحدت هذه السيارة ضررا للغير (ثانيا)

 

 

 

 

الشرط الأول :ضرورة كون الشخص حارسا للسيارة[10]

إن الموقف الذي أخد به المشرع المغربي في الفصل  88 ق ل ع هو نفس الموقف الذي سلكه المشرع الفرنسي في المادة 1384 ،إذ انه أورد مصطلح  الأشياء مبهما من غير تحديد [11] ،باستثناء تنصيصه على أن مسؤولية الشخص تكون قائمة  عما تحدثه  الأشياء التي في حراسته من ضرر  وعليه فالأصل أن تكون الحراسة لمالك الشيء ،ولكن قد يمكن أن تكون حراسة الشيء لشخص أخر غير  مالكه  فلا تكون تمت من مسؤولية من قبله  ــ المالك ـ عما يحدثه الشيء من ضرر إلا في الحالة التي يثبت فيها خطأ من جانبه طبقا للقواعد العامة كما لو عهد  سيارته إلى شخص عديم الدراية بالقيادة .

وعليه  فمن له حراسة الشيء هو الذي تفترض مسؤوليته عما يحدث هذا الشيء من ضرر . [12]

وقد تكون هذه الحراسة إما قانونية أو فعلية ،فالأولى يكون فيها للحارس سلطة قانونية تمكنه من استعمال تلك السلطة أحيانا من التصرف في السيارة تصرفا عاديا ،أو قانونيا في الحدود التي تسمح بها القوانين والأنطمة ،أما الثانية فتثبت كلما إنتفي السند القانوني الناقل للحق العيني أو المولد للحق الشخصي الذي يرد على السيارة واستغلالها يتولد عنه الحراسة الفعلية وليس القانونية ،وحري بالبيان أن الحراسة المنصوص عليها في الفصل 88 هي الحراسة الواقعة على الأشياء المادية غير الحية إذ تخرج الحيوانات من هذا النطاق  وتخضع للفصل 86 ق ل  ع[13].

جاءت عبارة الفصل 88 ق ل ع عبارة فضفاضة لم يحدد فيها المشرع من هو المسؤول مباشرة عن الشيء ، كما يمكن اعتبار أيضا  استعمال المشرع لمصطلح الأشياء تعبير عام ،يسمح لنا بالقول بإمكانية إعمال السلطة التقديرية فيه على نطاق واسع  لمعرفة أمر ما هل يدخل ضمن قائمة الأشياء التي توجب المسؤولية .

الشرط الثاني : أن تتسبب السيارة في وقوع ضرر للغير

إن الأساس القانوني المعول عليه  للقول بمسؤولية الحارس عن فعل الأشياء التي في عهدته ،هو صريح عبارة الفصل 88 ق ل ع “كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته إذا تبين أن هذه الأشياء  هي السبب المباشر لضرر …. “ومن هذا المنطلق يحق لنا التساؤل عن متي تكون السيارة هي المتسبب في وقوع الضرر ؟وهل هناك مجال للتمييز  بين تدخل السيارة كفاعل إيجابي أو سلبي  في وقوع النتيجة الضارة ؟ إذا كان الجواب إيجابيا فما هو الأثر المترتب على ذلك ؟

دأب الفقه المغربي على التمييز بين التدخل الايجابي للسيارة والسلبي في إحداث الضرر للغير بحيث نميز بين حالتين :

الحالة الأولى :التدخل الإيجابي وهو في الحالة التي تكون فيها السيارة الفاعل الأساسي في وقوع الضرر ،وعليه تكون مسؤولية حارسها قائمة ،هب أن سيارة تنطلق مسرعة في الطريق العمومي فتصيب أحد المارة وتلحق به ضرر بكسر في رجله ،يعتبر تدخلها هنا إيجابيا [14]

الحالة الثانية : وهي حالة سلبية لا يكون فيها للسيارة أي دخل  تخيل مثلا أن تكون السيارة واقفة في مكانها الطبيعي ،فإذا بشخص يرتطم بها في لحظة غفلة، فتحدث له جروحا بليغة  ففي هذه الحالة لا تقوم مسؤولية حارس السيارة، كأصل عام لأن دور السيارة كان سلبيا .

واستثناء يمكن أن تترتب مسؤولية حارس السيارة حينما تكون في وضعية  غير قانونية ،كأن يوقف السيارة في منحدر  دون أن يقوم بما يلزم من احتياطات السلامة ،ففي هذه الحالة تتحقق مسؤولية الحارس  عن الأضرار التي تسببت فيها السيارة حتى مع تمسكه بأن دورها كان سلبيا ،وفي سابقة للمجلس الأعلى ذهب فيها “وبما أن محضر  الحادثة يفيد أن سبب تدحرج السيارة  من المنحدر هو ركنها من طرف حارسها القانوني ،وهذا يقتضي إتخاذ ما يلزم لمنع تدحرجها فإن محكمة الموضوع ،والحال ما ذكر عندما اعتبرت حارس الشيء قد فعل ما كان ضروريا لتفادي الحادث ،وحملت المسؤولية  كانت للطبيعة تكون قد خرقت الفصل 88 من ق ل ع  المحتج به وعرضت قرارها للنقض “[15].

لقد أثارت مسألة متى تكون السيارة في حالة التدخل الإيجابي والمباشر في حدوت الضرر ، سجال بين الفقه ،فأشترط البعض منهم لوجود فعل السيارة أن تكون قد اتصلت مباشرة بالمضرور أو بمحل بحيث يتحقق التلامس المادي بينهما ،ورأى البعض الأخر أن فعل السيارة لا يتحقق إلا إذا كانت وقت حدوث الضرر في حالة حركة .[16]

الفقرة الثانية :موقف القضاء المغربي من تطبيق الفصل 88 ق ل ع

   لقد ساير القضاء المغربي توجه المشرع من خلال إقرار، وجعل  مسؤولية حارس الشيء مسؤولية تقصيرية مفترضة ،وهي قرينة قاطعة لا يجوز استبعادها إلا إذا أتبت أنه فعل كل ما كان ضروريا لمنع وقوع الضرر  ،وأن الضرر يرجع وقوعه إما إلى ظروف طارئة أو قوة قاهرة أو لخطأ من جانب المضرور .

وهذا ما سنعمل علي رصده فيما يلي من خلال إثبات عدم الخطأ كشرط لدفع المسؤولية عن حارس السيارة (أولا ) وخطأ المضرور سبب وقوع الفعل الضار (ثانيا ) 

أولا :انتفاء الخطأ من جانب حارس السيارة لدفع مسؤوليته عن الحادث

إن رصد الاجتهاد القضائي الصادر في  إطار الفصل 88 يظهر من خلاله تشدد القضاء في حكم مسألة استبعاد الخطأ من جانب المسؤول للحكم ببراءته ،بل المسؤولية مفترضة وعلى من يدعي خلاف ذلك الإثبات ، كما أن الحكم بالبراءة الجنائية لفائدة الحارس  لا يستتبعه بالضرورة انتفاء الخطأ التقصيري [17]ففي قرار للمجلس الأعلى “تكون المحكمة قد طبقت خطئا قواعد المسؤولية وخرقت الفصل 88 ق ل ع عندما قضت بعدم مسؤولية السائق ،في حين أن المحكمة لاحظت في حكمها أن السيارة اصطدمت بمجموعة من الأشجار فانقلبت مرات متعددة وأنه مات من جراء الحادث أربعة أشخاص كانوا على متنها ،في حين أن هذه الأفعال تجعل حارس السيارة مسؤولا عن الضرر الذي تسببت فيه السيارة إلى أن يثبت إعفاءه أولا بأنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر ،وثانيا بأن الضرر يرجع إما لحادث فجائي أو قوة قاهرة او لخطأ المضرور “[18]

وفي قرار أخر تكون المحكمة قد طبقت   الفصل 88 من ق ل ع تطبيقا خاطئ بقولها أن الحكم بالبراءة يثبت أن السائق عمل كل ما في استطاعته ليتجنب الضرر إذ لا يكفي أن يطلب من الحارس عدم ارتكاب خطأ بل المطلوب منه القيام بعمل إيجابي أو اتخاذ احتياطات خاصة تفرضها الظروف لتجنب الحادث.”[19]

ثانيا : خطأ المضرور كوسيلة لدفع المسؤولية عن حارس السيارة

إذا كان أن لا خلاف حول تأكيد القضاء وصرامته في إقرار مسؤولية حارس السيارة الواردة في الفصل 88 ق ل ع ، على أساس مسؤولية مفترضة ،فقد أثيرت عدة نقاشات حول دفع مسؤولية حارس السيارة  بسبب خطأ صادر عن المضرور ،وذلك بين تحميل حارس السيارة المسؤولية الكاملة رغم ورود هامش الخطأ من جانب المضرور وفي أحيان أخرى تعفي الحارس من المسؤولية أو تعمد إلى تشطيرها بين الطرفين 

(1):تحميل حارس السيارة  كامل المسؤولية رغم خطأ المضرور

أقر المجلس الأعلى في أحد قراراته “يستوجب النقض القرار الذي أعفى الحارس من المسؤولية لمجرد أن الضرر يرجع إلى خطأ الضحية دون أن يبحث ما إذا فعل هذا الحارس حقا من جانبه ما كان ضروريا لتفادي  وقوع الضرر “[20]وعن نفس المجلس صدر قرار يعتبر أن “إظهار خطأ الضحية في إقدامه على قطع الطريق بصفة تهورية لا يكفي تحميله المسؤولية إلا بعد تبيان الأعمال الضرورية والإنقاذية التي قام بها السائق “[21]وهناك أيضا قرار غاية في الأهمية وهو الذي قضى فيه المجلس الأعلى “لا يكفي للإعفاء من المسؤولية إلى جانب خطأ الضحية  تصريح المحكمة بأن المسؤول كان يسير بسرعة محدودة  ومنحاز لليمين ،بل يجب أن تبين المحكمة بأسباب  ما إذا كان المسؤول قد فعل كل ما كان ضروريا لتجنب الضرر وتناقش الدفع القائل بأنه في  إمكانه أن يوقف السيارة لأنه كان يسير بسرعة محدودة “[22]

 يفهم من جل هذه القرارات بأن القضاء جعل مسؤولية حارس الشيء قائمة حتى مع تسجيل خطأ في جانب المضرور ،وعليه يتسنى لنا القول بأنه قول بأن هذا فيه مخالفة للفصل 88  ق ل ع مردود ،وأن هذا التوجه فيه انسجام مع روح الفصل المذكور والفلسفة التشريعية للمشرع التي يرمي من خلالها التقليص من حوادث السير بفرضه مسؤولية مفترضة على حارس الشيء .

بيد أن هذا القول لا يرقى إلى مستوى الثبات والاستقرار، بل هناك العديد من القرارات التي أعفت فيها المحكمة حارس السيارة من أي مسؤولية أو قضت بتشطيرها بين الطرفين  .

(2) القضاء بين إعفاء حارس السيارة من المسؤولية وتشطيرها بين الطرفين

جاء في قرار للمجلس الأعلى ” يعفى السائق من المسؤولية إذا اثبت أنه قام بما يلزم لمنع حدوث الضرر أو لم يرتكب أي خطأ من جانبه والقرار المطعون فيه صادف الصواب حين اعتبر السائق كان يسير بسرعة معتدلة ملتزما أقصى اليمين وفعل ما كان ضروريا لتفادي وقوع الاصطدام وحاول التوقف  قبل  وقوع الحادثة إلا أن سرعة الضحية في اتجاه ممنوع وعلى يسار الطريق جعله يفقد التحكم في مقوده دراجته ويرتطم بالسيارة ،وترتب على ذلك عدم تحميل السائق أي جزء من المسؤولية “[23]

وجاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بمراكش “… وحيت يتضح من محضر المعاينة للحادث أن السبب في  الاصطدام يرجع للخطأ المشترك بين المهتمين يتمثل في السير في الاتجاه الممنوع والتقابل المعيب ،الأمر الذي ارتأت معه المحكمة تعديل الحكم الابتدائي في المسؤولية بإعادة تشطيرها مناصفة بينهما[24] .

 

المطلب الثاني : المسؤولية العقدية عن حوادث السير- عقد نقل الاشخاص نموذجا-

بالعودة إلى مقتضيات ظهير 2 أكتوبر 1984 المتعلق بالتعويض عن حوادث السير، نجدان المشرع المغربي لم يتناول الأحكام المؤطرة  للمسؤولية العقدية عن حوادث السير ما عدى إذا استثنينا بعض المقتضيات المتعلقة بتشطير المسؤولية و التقادم . ومنه فإن هذه المسؤولية تبقى خاضعة لأحكام المسؤولية العقدية بشكل عام ، والمادة 485 من مدونة التجارة [25] على وجه الخصوص.

و للوقوف عند أحكام المسؤولية العقدية في مجال حوادث السير و بالضبط مسؤولية ناقل الاشخاص بعوض ، سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين ؛ بحيث سنعالج في الفقرة الاولى ضوابط المسؤولية العقدية لناقل الأشخاص بعوض في مجال حوادث السير على أن نتطرق لأسباب انتفاء هذه المسؤولية في الفقرة الثانية.

الفقرة الأولى: ضوابط المسؤولية العقدية للناقل بعوض في مجال حوادث السير

لا بد لنا و نحن نلقي الضوء على المسؤولية العقدية لناقل الأشخاص بعوض من استحضار إحدى  أهم المبادئ التي تلقى على عاتق هذا الأخير ويتعلق الأمر هنا بمبدأ الالتزام بضمان سلامة الراكب(ثانيا). غير أنه وقبل الحديث عن هذا المبدأ لا بد ان نتطرق إلى شروط قيام هذه المسؤولية (أولا).  

أولا: شروط قيام المسؤولية العقدية لناقل الاشخاص بعوض

إن العلاقة التي تحكم أطراف عقد النقل تجد أساسها في المجال التعاقدي الناشئ عن هذا العقد، لذلك فإن مسؤولية الناقل لا تثار إلا في الحالة التي يخل[26] فيها الناقل بالتزاماته التعاقدية تجاه المسافر وفق شروط يترتب عن تخلف أحدها انعدام تلك المسؤولية. وهذه الشروط كالتالي:

  1. ضرورة وجود عقد نقل بين الناقل و المسافر:

يعرف عقد النقل بأنه ذاك الاتفاق الذي يلتزم بموجبه شخص طبيعي أو معنوي بالقيام بنقل بضائع أو أشخاص من مكان إلى مكان آخر بوسيلة من وسائل النقل مقابل أجر[27].

و التزام الناقل هذا يجد مصدره في عقد النقل المبرم بينه و بين الشخص المسافر والذي لا  يكون صحيحا إلا إذا كان مستجمعا للأركان الجوهرية التي يقوم عليها [28].

و يتميز عقد النقل بكونه من العقود الرضائية؛ بحيث لا يتطلب شكلا خاصا لانعقاده و إنما ينعقد لمجرد توافق أطراف العقد على النقل و الأجرة ، كما يدخل هذا العقد ضمن زمرة عقود الإذعان لأن الناقل يقبل شروط العقد المطبوعة في سند النقل بدون أن تكون له إمكانية مناقشتها ، وهو كذلك عقد معاوضة بحيث يحصل كل متعاقد على مقابل ما يقدمه ، ويقوم عقد النقل على تقابل الالتزامات بحيث ينشئ التزامات تبادلية بين الأطراف.

ويمكننا القول إذن أنه في حالة عدم وجود عقد صحيح لا تقوم المسؤولية التعاقدية للناقل ، غير أنه قد تثور صعوبة في بعض الأحوال حول التحقق من وجود عقد أو عدم وجوده كما في النقل المجاني , فمبدئيا يمكن القول بأنه إذا كان النقل بغير أجر فلا يكون هناك عقد.[29]

و يتضح من تعريف عقد النقل أنه يقوم على عناصر أساسية يمكن إجمالها في ثلاث نقاط:

  • عملية النقل :

ويتعلق الأمر هنا بنقل شخص حي[30] ، بحيث يتم تحديد عملية النقل من مكان معين يسمى نقطة الانطلاق للوصول إلى نقطة اخرى تدعى نقطة الوصول إذ من الممكن أن تشمل الرحلة الذهاب و الإياب كما هو الشأن في الرحلات السياحية ، بحيث يبقى الناقل ملتزما بإيصال المسافر سالما سواء في الذهاب أو الإياب.

  • الصفة المهنية للناقل :

يدخل عقد النقل ضمن العقود التجارية استنادا إلى المادة السادسة من مدونة التجارة [31] و بالتالي فإن الناقل يكتسب صفة تاجر ولو قام بهذا العمل بطريقة عرضية و غير منتظمة.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن عقد النقل إما أن يكون عقدا تجاريا إذا كان يربط بين تاجرين ، كما قد يكون مدنيا من جهة واحدة إذا كان أحد طرفيه مدنيا ، وتجاريا بالنسبة للناقل المهني وهنا نطبق أحكام المادة الرابعة من مدونة التجارة فيما يخص الإثبات[32]

و حتى يتسنى للراكب مطالبة الناقل المهني تعويضه في حالة وقوع ضرر، عليه أن يقيم الدليل على وجود عقد صحيح يربط بينهما. والوسيلة المعتمدة في ذلك هي تذكرة السفر.

ولا بد لقيام المسؤولية العقدية للناقل أن يكون إخلاله بالتزامات واردة في عقد صحيح من الناحية القانونية ، أما إذا وجد المسافر أو الراكب نفسه قد تعاقد مع الناقل بعقد باطل [33] ، فالأمر يغير موازين المسؤولية العقدية إلى مسؤولية تقصيرية ، وذلك لأن الالتزام يكون باطلا بقوة القانون إذا كان ينقصه احد أركانه أو كان ذلك مقررا بمقتضى نص قانوني [34].  

  • التحكم في عملية النقل:

تعتبر عملية النقل من أهم أعمال النقل، بل إن عقد النقل سمي باسم هذه العملية و وصف بها. حيث يتم نقل الأشخاص أو البضائع من مكان لآخر، و الناقل هنا هو من يتولى بنفسه عملية القيادة أو أحد مستخدميه، عن طريق وسيلة من وسائل النقل.[35]  

وما دام الأمر هنا يتعلق بعقد نقل الأشخاص فإن التحكم في عملية النقل هو الذي يفسر مسؤولية الناقل تجاه المسافرين وذلك في حالة وقوع ضرر ، إلا أنه إذا اسندت عملية المراقبة للمسافر أو الراكب أثنا عملية النقل فإن هذا من شأنه ان يبعد صفة عقد النقل عن هذه العملية و بالتالي انتفاء مسؤولية الناقل.[36]

  1. إصابة الراكب أو المسافر بضرر

يعتبر الضرر الصورة الملموسة التي يتمثل فيها نتائج الخطأ العقدي و هذا يعني أن الخطأ إذا لم يترتب عنه ضرر فلا داعي لإعمال قواعد المسؤولية[37].

و يعتد بالضرر الناتج عن الناقل إذا حال هذا الاخير دون تنفيذ التزامه المتعلق أساسا بضمان سلامة الراكب طيلة المدة التي تفصل بين لحظة موافقة الراكب على ركوب الناقلة و اللحظة التي غادر فيها هذه الناقلة المذكورة. على اعتبار أن الأضرار التي تنتج عن الإصابة التي تقع للراكب إثر انزلاقه من فوق سلم الناقلة أثناء صعوده أو نزوله تدخل هي الاخرى في إطار المسؤولية الناتجة عن عقد النقل[38].

و تجدر الاشارة هنا غلى ان هذا الالتزام الملقى على عاتق الناقل لا يرتبط بشراء تذكرة السفر على أساس أن شراء التذكرة و أداء مقابلها قد سبق ركوب وسيلة النقل بفترة زمنية قد تطول و قد تقصر . وفي هذا الإطار قررت محكمة الاستئناف بباريس في قرار صادر عنها بتاريخ 24 يونيو 1964 أن ” الالتزام الذي يتحمل به الناقل لا ينشأ بمجرد تسليم التذكرة إلى المسافر و لكن بأخذه هذا الأخير على عاتقه . وبناء على ذلك لا تعتبر شركة الاوتوكار مسؤولة مسؤولية عقدية عن الإصابة التي تقع لشخص بعد استلامه لتذكرة مسلمة من شباك التذاكر أثناء نزوله من سلم يفصل بين شباك التذاكر و بين المكان الذي يوجد فيه الاوتوكار”.

  1. العلاقة السببية بين النقل و الضرر:

لا يكفي لقيام المسؤولية العقدية أن يكون هناك خطأ من جهة و ضرر من جهة ثانية، بل لابد من توافر علاقة سببية بينهما؛ أي عدم تنفيذ الناقل لالتزامه التعاقدي مما أدى إلى حدوث ضرر للمسافر أو الراكب.

ولما كان إثبات الضرر في الاحوال العادية للمسؤولية العقدية يقع على عاتق الدائن الذي يطالب المدين بتعويضه عن الاضرار التي لحقته. فإن الامر يختلف بخصوص عقد النقل إذ ان الدائن المطالب بالتعويض (الراكب) في إطار هذا النوع من المسؤوليات التي تقوم على أساس تحقيق نتيجة معينة لا يلزم إلا بإثبات الضرر العقدي دون الخطأ ، اعتبارا لكون المسؤولية قائمة عل أساس الخطأ المفترض في جانب المدين (الناقل)[39].

و القضاء الفرنسي قد ذهب في نفس الاتجاه لما قرر قرينة مفادها أن جميع الحوادث التي تصيب الراكب أثناء نقله يفترض أنها ترجع لعملية النقل ذاتها و تبعا لذلك يسأل الناقل عنها.[40]

وخلافا لما ذهب إليه القضاء الفرنسي نجد بعض الفقه يفرض على الراكب إثبات العلاقة السببية القائمة بين الضرر الذي أصابه و عملية النقل، حيث لا يكفيه ادعاء الجرح أو مثلا او الإصابة ، بل عليه إقامة الدليل ان الضرر اللاحق به . بل عليه إقامة الدليل أن الضرر اللاحق به كان بفعل الناقلة .[41]

ثانيا: مبدأ الالتزام بسلامة الراكب

يعتبر مبدأ الالتزام بضمان سلامة الراكب الأساس الذي تقوم عليه مسؤولية الناقل تجاه الراكب أو المسافر ،  وقد تبنى المشرع هذا المقتضى من خلال المادة 485 من مدونة التجارة.

و بالعودة إلى ما جاء في هذه المادة نجد أن المشرع المغربي لم يحدد الطبيعة القانونية لهذا الالتزام هل هو التزام ببذل عناية أم بتحقيق نتيجة؟ وذلك على خلاف بعض التشريعات المقارنة كالتشريع التونسي الذي نصفي المادة 653 من المجلة التجارية على ما يلي: ” يجب على ناقل الأشخاص أن يوصل المسافر إلى وجهته المقصودة سالما “بمعنى أن الناقل يلتزم في إطار عقد النقل  بإيصال المسافر أو الراكب إلى مكان الوصول سالما بغير ضرر و لا أدى وبالتالي فإن هذا الالتزام لا يعدو أن يكون التزاما ببذل عناية و إنما هو التزام بتحقيق نتيجة.[42]

وهو نفس التوجه الذي تبنته محكمة النقض المغربية من خلال إحدى قراراتها الذي جاء في حيثياته :” ويعيبون عليه في الوسيلة الثانية خرق القانون بخرق الفصل 106 من القانون التجاري ، ذلك أن عقد النقل هز عقد بتحقيق نتيجة وهي وصول المنقول سالما إلى نقطة وصوله و أن النتيجة الحتمية لهذا الالتزام هي ان يسأل المكاري عن كافة الأضرار الحاصلة للأشخاص المنقولين ….”[43]

ومنه نستنتج أن الالتزام بضمان سلامة الراكب هو التزام بتحقيق  نتيجة ، وهذا ما أكده غالبية الفقه المغربي[44] و أيده الاجتهاد القضائي .

الفقرة الثانية: وسائل دفع مسؤولية الناقل العقدية

تنعقد مسؤولية ناقل الأشخاص إذا أثبت أنه هو السبب المباشر للضرر المتسبب فيه ، ولا يكفي لدفع هذه المسؤولية أن يقيم الناقل الدليل على انتفاء أي خطأ من جانبه بل عليه أن يثبت رجوع الضرر لسبب أجنبي لا يد له فيه . و قد نصت المادة 485 من مدونة التجارة على ما يلي : “يسأل الناقل عن الأضرار اللاحقة بشخص المسافر خلال النقل و لا يمكن إعفاءه من هذه المسؤولية إلا بإثبات حالة القوة القاهرة أو خطأ المتضرر”   

 و بناء على مقتضيات هذه المادة يمكن القول أنه يتم دفع مسؤولية الناقل عن طريق إثبات القوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو إثبات خطأ المضرور أو خطأ الغير وهي أسباب قانونية(أولا)، كما قد يتفق كل من الناقل و الراكب على الإعفاء من المسؤولية، فنكون آنذاك أمام أسباب اتفاقية (ثانيا).

 

 

 

 

أولا: الأسباب القانونية لدفع مسؤولية ناقل الأشخاص

  1. القوة القاهرة أو الحادث الفجائي[45]

بالعودة إلى مقتضيات المادة 485 من مدونة التجارة المشار إليها آنفا نجد أن الناقل لا يستطيع دفع عبء المسؤولية الناتجة عن الإخلال بالتزام ضمان سلامة الراكب إلا إذا كان السبب في ذلك يرجع إلى قوة قاهرة أو حادث فجائي.

نفس المقتضى كذلك نجد المشرع الفرنسي ينص عليه من خلال مقتضيات المادة 1147من قانونه المدني .[46]

و يشترط عموما للقول بأن الواقعة تعتبر قوة قاهرة أو حادثا فجائيا توفر ثلاث شروط وهي:

  • شرط عدم التوقع: يعني ذلك أن يكون الحادث غير متوقع و لا يخطر في الحسبان حصول مثله عند وقوع الفعل الضار أي أن يكون حادثا ناذر الوقوع كالفيضانات و الزلازل مثلا، فإن كان الناقل يتوقع حدوث الحادث فلن يعفى من المساءلة.[47]
  • شرط استحالة الدفع: ليكون الحادث قوة قاهرة أو حادث فجائي معفيا من المسؤولية العقدية لابد أن يكون زيادة على الشرط السابق مستحيل الدفع و المقاومة ، وبمعنى آخر أن لا يكون في طاقة المدين دفع وقوعه ولا تلافيه ولا التغلب على نتائج الحادث عقب وقوعه[48].
  • شرط الخارجية : و يتعلق الأمر هنا بالمصدر الخارجي أو الأجنبي عن إرادة الناقل[49].

والقضاء المغربي و معه كذلك القضاء الفرنسي يتجهان نحو التشدد في قبول الدفع بالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي الذين يعفيان الناقل من إقرار مسؤوليته العقدية حيث أحاطهما بضوابط يصعب في الغالب إثبات وقوعها.[50] 

  1. خطأ المضرور أو خطأ الغير

يعتبر من قبيل الأسباب القانونية لدفع مسؤولية ناقل الأشياء كل خطأ كان نتيجة لفعل المضرور نفسه أو بسبب الغير.

 أ ـ خطأ المضرور:

تطرق المشرع المغربي إلى خطأ المضرور في المادة 485 من مدونة التجارة حيث جاء في مقتضيات هذه المادة أن مسؤولية الناقل العقدية تنتفي بإثبات القوة القاهرة أو خطأ المضرور و نفس الأمر نصت عليه معظم التشريعات المدنية المقارنة[51].

وقد جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بباريس أنه “يعتبر خطأ المضرور أحد أسباب إعفاء الناقل إذا كان هذا الأخير لم يستطع توقعه أو حصوله ، و بالتالي تعفى الشركة الوطنية للسكك الحديدية من المسؤولية التي تقع على عاتقها إذا أقامت الدليل على أنها لم تقترف أي خطأ مهما كان بسيطا ، علاوة على إثباتها ارتكب إهمالا أو عدم الاحتياط كان هو السبب فب حصول الضرر ولم يكن في مقدورها أن تدفعه”[52].

ويرى جانب من الفقه المغربي[53]  هذا التوجه الذي تبنته محكمة الاستئناف بباريس يستبعد تطبيقه على مستوى التشريع المغربي؛ على اعتبار أن نص المادة 485 جاء صريحا في الفصل بين القوة القاهرة وخطأ المضرور باستعمال حرف(الواو) الذي يفيد التخيير و بالتالي لا داعي لاشتراط كل من صفتي عدم التوقع و إمكانية الدفع للقول باستبعاد مسؤولية الناقل. و من جهة ثانية إذا ثبت أن فعل الراكب المضرور كان السبب الوحيد في الحادث ، فإنه يعفى الناقل من المسؤولية حتى ولو لم يشتمل على خاصيتي القوة القاهرة[54].

 

ب ـ خطأ الغير:

بالعودة لما نصت عليه المادة 485 من مدونة التجارة نجد أن المشرع لم يدرج خطأ الغير ضمن أسباب انتفاء أو زوال المسؤولية العقدية للناقل وهنا يرى جانب من الفقه المغربي أنه لا ضير بالأخذ في هذا الإطار بما استقر عليه القضاء المغربي بخصوص الاعفاء من المسؤولية التقصيرية بسبب خطأ الغير و تكييفه على أساس قوة قاهرة أو حادث فجائي[55].

 

ثانيا: الإعفاء الاتفاقي من المسؤولية العقدية للناقل

هناك اختلاف فقهي بخصوص إمكانية الاتفاق على الاعفاء من المسؤولية عن الأضرار التي قد تصيب المسافرين أثناء عملية تنفيذ عقد النقل، فظهر من داخل النسق القانوني الفقهي اتجاهين:

الاتجاه الاول : يرى إمكانية إدراج شروط تعفي في العقد تعفي الناقل من مسؤوليته العقدية عن الأضرار التي قد يتعرض لها المسافرين إلا أن هذا يقتصر فقط على الأخطاء اليسيرة دون الجسيمة[56].

الاتجاه الثاني: يذهب هذا الاتجاه الفقهي إلى أن أي شرط يقضي بإعفاء الناقل من مسؤوليته جراء الأضرار التي قد يتعرض لها المسافرين أثناء عملية النقل تعتبر باطلة ولا يمكن الاعتداد بها لأن السلامة الجسدية للمسافر فوق كل اعتبار ومن ثم لا يمكن أن تكون محلا لاتفاقات معينة.[57]

وبخصوص موقف التشريع المغربي عن الإعفاء الاتفاقي من المسؤولية العقدية بالنسبة لناقل الأشخاص بعوض يمكن الرجوع إلى المقتضيات العامة في إطار قانون الالتزامات والعقود خاصة الفصل [58]232  منه ، الذي يقر –بمفهوم المخالفة- صحة شروط الاعفاء من المسؤولية العقدية عن الأخطاء الشخصية من جانب المدين وذلك في حدود الخطأ اليسير ، مما يعني أن أي شرط مقدم من طرف المدين شخصيا بعم مسؤوليته عن الخطأ الجسيم يكون باطلا ، وعن الغش أو الخطأ الجسيم الحاصل من أتباعه كذلك.[59]

المبحث الثاني : الآثار المترتبة عن توقيع المسؤولية

إذا كانت مسؤولية المسؤول عن حوادث السير مسؤولية مفترضة مالم يثبت هذا الاخير أنه فعل ما من شأنه الوقوف لمنع وقوف الضرر او ان الضرر يرجع إلى قوة قاهرة او حادث فجائي ،أو خطأ صادر عن المضرور. فإنه يتحمل تعويضا عما لحق المصاب من أضرار في إطار ظهير 1984 الذي أحاطه المشرع بسياج قانوني محكم (المطلب الاول) محددا من خلاله الإجراءات و السبل الكفيلة التي تسعف المضرور في الحصول على تعويض يناسب ما لحقه من ضرر جراء التصرف المشين للمسؤول (المطلب الثاني).

المطلب الاول: نظام التعويض في مجال حوادث السير

يعتبر ظهير 2/10/1984 من أهم الإصلاحات التشريعية التي خص بها المشرع المغربي ميدان حوادث السير ، حيث بين الأضرار التي يشملها التعويض الناتج عن مساءلة الشخص المسؤول عن الحادث (الفقرة الأولى) قبل أن يحدد الأشخاص الذين يمكن أن يستفيدوا من الحق في التعويض الذي يمنحه المسؤول أو نائبه القانوني في هذه المسؤولية (شركة التامين)بصفة اصلية او صندوق ضمان حوادث السير بصفة استثنائية (الفقرة الثالثة)بعد ان نتطرق  لعناصر تقدير التعويض (الفقرة الثانية)

 

الفقرة الأولى: الاضرار القابلة لتعويض في اطار ظهير 02/10/1984

تعتبر المادة الاولى [60]من الظهير النطاق العام لتطبيق مقتضيات التشريع الخاص بالأضرار البدنية التي تلحقها العربات البرية ذات المحرك بالغير متى كان يربطه عقد تأمين سليم من الناحية القانونية و الزمنية وفقا لقواعد التأمين الإجباري مالم يقض القانون بخلاف ذلك. و لمقاربة الاضرار المشمولة بالتعويض نحاول دراسة الاضرار المجزوم بتعويضها (اولا) بين وسط الفقهاء قبل ان نتطرق إلى المختلف بشأنها (ثانيا).

 

أولا: الأضرار المادية

يحق للمضرور مواجهة المسؤول ومطالبته بتعويض الأضرار المادية التي لحقته من جراء الحادثة وتشمل الاضرار المادية و الجسمانية ، و نظرا للأهمية التي يحظى بها التعويض فقد أولاها كل من التشريع والقضاء مكانة من الضبط والتنظيم حتى تكون أكثر حماية للطرف المضرور.

  1. الأضرار المادية:

وتشمل كل الأضرار التي لحقت المضرور والخسارات و النفقات التي اضطر المصاب أو ذوي حقوقه إلى إنفاقها بسبب الحادث وهو ما اشار إليه الظهير من خلال ما تضمنته مقتضيات كل من الفصل الثاني[61] والفصل الرابع [62] . إلا أن جل الفقه المغربي ذهب إلى اعتبار مقتضيات المادة 2 جاءت على سبيل الحصر وليس المثال[63] .

و لقد أشارت الفقرة الثانية من المادة الثانية إلى أن المصاريف و النفقات يتم استرجاعها بعد تقديم الدليل على صرفها ، و يتكون التعويض بناء على سعرها القانوني إذا كانت مسعرة وإلا خضعت للأثمان المعمول بها.

إلا أنه بعد القراءة المتأنية لهذه المادة يتبين ان المشرع أتى بمقتضيات فضفاضة ؛ فإذا كانت مصاريف نقل المصاب و الشخص المرافق له إلى المستشفى تعتبر من امور الواقع التي لا تخضع لتقييد الإثبات ، فإن الأمر يدق في الوقت الذي يتم نقل المصاب و الشخص المرافق له بسيارته الخاصة [64] ؟ فهنا يبقى الأمر للسلطة التقديرية للقاضي بحيث يتعين ان يراعي بموجبها حقوق المضرور وردعا للشخص المسؤول عن الضرر ، وتحقيقا لمصلحة المجتمع من جهة المتجسدة في الحد من حوادث السير التي تقدر بما يقارب 4000 شخص في السنة وما تكلف خزينة الدولة من أموال من جهة ثانية.

وعموما يجب أن تكون في حدود المعقول وتناسب الوضعية المالية للمصاب وبدون مبالغة، وذلك ما أكده قرار المجلس الأعلى(محكمة النقض حاليا) بتاريخ 29/11/2006 بأن استرجاع النفقات يكون باعتبار الاثبات سعرها إن كانت مسعرة و إلا فتطبق الأثمان المعمول بها عادة بالاعتماد على التسعيرة المعتمدة بالمغرب لكل نوع من العلاجات التي يخضع لها المصاب لا تلك التي يتلقى بها المصاب العلاج[65].

  1. الأضرار البدنية:

تعتبر أضرار بدنية تلك الأضرار التي تلحق المصاب في جسمه أو قدرته العقلية ، فتسبب له عجزا بدنيا مؤقتا أو دائما . الأمر الذي يضطره في الغالب إلى الاستعانة بغيره من أجل قضاء حوائجه الشخصية. [66]  ولقد ذكر المشرع على سبيل المثال الاضطرار لتغيير المهنة الاصلية بهنة أخرى . والانقطاع النهائي عن الدراسة بالنسبة للطلبة مثلا.

ويرتبط الضرر البدني في الغالب بمجموعة من الأضرار الأخرى ذات الطابع المادي كالتشوهات الخلقية للمظهر الخارجي للمصاب (المواد 3 و 5 و10).

ثانيا: الضرر المعنوي

ثار نقاش فقهي بين أوساط الفقه و القضاء الحديث حول مدى إمكانية تعويض الضرر المعنوي، حيث كانت المحاكم المغربية تذهب إلى الحكم بتعويضات رمزية على المساس بالشرف والاعتبار. وذلك لكون الظهير المنظم للتعويض عن حوادث السير لم يعر اهتمام كبير للضرر المعنوي اللهم ما تمت الاشارة إليه في الفقرة الثانية من المادة 4 أثناء عرضه لتعويض الألم الذي يلحق بعض الأشخاص من جراء وفاة الضحية.

وبالرغم من أن المشرع ذكر الألم فإن الضرر المعنوي قد يتخذ أكثر من صورة ، فعلى سبيل المثال الضرر الذي يصيب الجسم و الألم الذي عن التشوهات، والضرر الناتج عن المساس بالسمعة . ومن الاضرار التي تلحق السلامة الجسدية والتي سبق للقضاء الفرنسي أن أقر التعويض عليها ؛ الحرمان المؤقت من المتعة في العلاقة الجنسية[67].

وكما سبق الإشارة إلى أن إشارة الظهير كانت قاصرة جدا في تغطية الضرر المعنوي الأمر الذي دفع القاضي في حالة عرض نزاع لا تسعفه مقتضيات ظهير 1984 في إيجاد حل له ان يعود إلى القواعد العامة الوارد النص عليها في الفصلين 77 و 78  من ق ل ع والفصل 264[68].

وحبذا لو قام المشرع المغربي بلم الشتات الذي تعرفه قواعد التعويض في مجال حوادث السير حتى لا يضيق المتضرر زيادة على الألم الحاصل له التردد المتكرر على المحاكم من اجل استيفاء حق لسبب واحد وخصوصا إذا كانت الحادثة تجمع بين ثناياها صفتي حادثة سير و حادثة طريق.

الفقرة الثانية: عناصر تقدير التعويض

إن الضرر الذي يلحق المصاب إما ان يسبب له عجزا مؤقتا فقط كما في حالة الشفاء النهائي من دون عجز (اولا) و إما أن يسبب له عجزا دائما (ثانيا).

أولا : التعويض عن العجز البدني المؤقت

يختلف عدد الأيام و الساعات التي يقضيها المضرور في حالة العجز حسب قوة الصدمة التي تعرض لها. والتعويض قد يشمل الأجرة و ما فات الضحية من كسب مهني ناتج عن الصدمة.

فالمصاب إما أن يكون راتبه  محددا شهريا أو أجيرا يحصل على أجر يوميا أو أسبوعي أو نصف أسبوعي أو يحصل عليه بواسطة القطعة أو الطريحة أو الساعة ، أو عاملا…. ففي جميع الحالات يكون له أجر ثابت وبالتالي فإن التعويض الذي يطالب به يكون معروفا ومحددا. فإن كان موظفا فعليه الاداء ببيان الالتزام و إذا كان اجيرا فببطاقة الاداء و إذا لم تتوفر لديه فعلى رب العمل أن يسلم له شهادة الأجر الذي كان يحصل عليه الاجير.

فمثلا إذا كان موظف يتقاضى راتبا شهريا بمقدار 8000 درهم ووقعت له حادثة سببت له عجزا عن العمل يقدر ب 90 يوما، فحساب التعويض الذي يحصل عليه يتم حسابه ك الآتي:

95.000  = 12  ×  8000

التعويض المستحق عن العجز المؤقت هو:

90 × 95.000 / 365 =   2367123.

 

وقد وقع الخلاف بين المجلس الأعلى و محاكم الموضوع فيما يتعلق بالتعويض الذي يستحقه العاطل . فقد قضى في القرار الصادر في قضية المفتي جميلة صادر عن سنة 3 نوفمبر 1992 بناء على الفصل 3 فإن التعويض عن العجز المؤقت يكون عند فقد أجرة الكسب المهني خلال مدة العجز المؤقت مما تكون مع محكمة الدرجة الثانية قد أساءت تطبيق مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل الثالث لما قضت للمطالبة للحق المدني عن العجز المؤقت[69].

وقد انتقد بعض الفقه [70] ما ذهب إليه المجلس الاعلى (محكمة النقض) حيث اعتبر كما لو كانت أجرته أو كسبه المهني يساوي المبلغ الأدنى المحدد في الجدل المشار إليه في الظهير.

ولو أن البعض الآخر من الفقه[71]قد أخذ على الاستاذ بلهاشمي التسولي عدم فهمه للمادة السادسة و إغفاله مقتضيات المادة الثالثة التي تعطي إمكانية إثبات الدخل بالخبرة القضائية.

ثانيا: التعويض عن العجز البدني الدائم

يختلف التعويض بين م إذا أثبت الشخص المصاب أن له أجر أو كسب مهني ثابت أم ليس له شيء أو يتلقى  تكوينا مهنيا أو يتابع دراسة معينة . والتعويض هنا يكون على نوعين:

أـ التعويض الأساسي:

ويحدد على أساس رأسمال المعتمد و المحدد تفي الجدول الملحق بالظهير، و ذلك استنادا إلى سن الأجير.

وشبه العجز يحددها طبيب خبير على ان الا تكون نقطة العجز البدني الدائم التي تمثل واحد من الرأسمال المعتمد أقل من خمس الأجرة الدنيا المحددة في 9270

و التعويض الممنوح للشخص الذي لم يستطع إثبات أجره او الكسب المهني ، فما هي الوسيلة التي تستهدي بها المحكمة الفي ضبط عنصر الكسب المهني خاصة إذا كان المضرور يستورد دخله من أنشطة متعددة ، فهل يمكن اعتماد التصريح لدى المصالح الضريبية ؟

أكد الفقيه مولاي محمد الأمراني زنطار إلى عدم جدية هذا التصريح لأن التصريحات تتعلق بفترة زمنية قصيرة لا تعكس الصورة الحقيقية لحالة الازدهار والركود الاقتصادي.

و أن الرجوع إلى المصالح الضريبية و عند إغفالها لبعض التصريحات ما يجعل التعويض غير متناسب مع حقيقة الضرر و الخسائر المادية. والسبيل الميسر لهذه العملية هو اللجوء إلى الخبرة القضائية.

أما التعويض الممنوح للتلاميذ و الطلبة فقد فصلت فيه المادة 8 من الظهير وحددت أسس الذي يمنح لهؤلاء التلاميذ والطلبة معا.

ب ـ التعويض التكميلي عن العجز البدني الدائم:

أضاف المشرع علاوة على التعويض الأساسي تعويضا تكميليا عن العجز الدائم. في الحالة التي تتوفر فيها الشروط التي اشترطها المشرع المغربي من ظهير 2 اكتوبر 1984 وللتي تتجسد في أحوال خمس كالآتي:

  • حالة التعويض عن العجز البدني الدائم التي يضطر المصاب إلى الاستعانة على وجه الدوام بشخص آخر للقيام بأعمال الحياة العادية.
  • حالة الألم الجسماني
  • حالة التشويه الخلقية
  • العجز البدني الدائم الذي يضطر إلى تغيير مهنته أو الذي له آثار سيئة على حياته المهنية.
  • حالة العجز البدني الدائم الذي يؤدي إلى الانقطاع عن الدراسة ، وفيما يتعلق بالحالة الأولى نجد ان المشرع اعطى للمسؤول إمكانية تخفيض نسبة التعويض كلما تقدم الضحية بالسن والواقع يفرض عكس ذلك . حيث أنه كلما تقدم الشخص في السن ، إلا و كان أحوج للرعاية و المساعدة .ونظم صوتنا في هذه النقطة إلى صوت أستاذنا امحمد الأمراني زنطار الذي يلتمس من المشرع في اول فرسة تتاح له تعديل هذا المقتضى من الظهير، حتى يساير الواقع في الحياة العملية[72] .أما فيما يخص الضرر المعنوي فيحق الرجوع إلى ما أشار إليه المشرع في المادة الرابعة و التي حددت الاشخاص الذين يستفيدون من الالم النفسي وفقد مورد عيشهم وهو ما سنحاول الوقوف عنده بشيء من التفصيل في الفقرة الموالية.

الفقرة الثالثة: الأشخاص المستفيدين من التعويض في إطار ظهير 2/10/1984

بين المشرع قائمة الأشخاص الذين يحق لهم الاستفادة من التعويض عن الأضرار التي خلفتها الحادثة سواء تعلق الأمر بالأضرار المادية. التي نتج عنها عجز  دائم  أو مؤقت. أو تلك التي سببت ضررا معنويا سواء للمصاب نفسه أو لذوي حقوقه.

إلا أنه باستقراء المادة الرابعة من الظهير يتضح ان المشرع قد ضيق من نطلق المستفيدين من الحق في التعويض . وهو ما حدى ببعض الفقه[73] إلى انتقاد  موقف المشرع من إصداره هذا الظهير. لكونه جاء استجابة  لطلب الفاعلين في مجال التأمين  والضغط          على المشرع من أجل التعجيل بإخراج هذا المقتضى إلى حيز الوجود. ففي الوقت الذي كان أمر التعويض يخضع  للسلطة  التقديرية  للمحكمة  والتي  قد تحكم بغرامة مالية رادعة للمتهورين في الطريق العمومية . ضغطت مؤسسة التأمين على المؤسسة التشريعية[74] 

 

أولا : الأشخاص المستحقون للتعويض المادي

نصت المادة الرابعة من الظهير على انه أذا نتج عن الإصابة وفاة المصاب استحق من كانت تجب عليه نفقتهم وفقا لنظام أحواله الشخصية وكذا كل شخص آخر كان يعوله تعوضا عما فقدوه من مورد عيشهم بسبب وفاته.

ولزوج المصاب المتوفى و أصوله و فروعه من الدرجة الأولى وحدهم الحق في التعويض عما أصابهم من ألم جراء وفاته وذلك ضمن الحدود الآتية :

  • الزوج ضعف مبلغ الاجرة الدنيا أو الكسب المهني الادنى المبين في الجدول المشار إليه في المادة الخامسة بعده (إذا تعددت الأرامل استحقت كل واحدة منهم المبلغ المشار إليه).
  • الأصول والفروع ثلاث أضعاف المبلغ الأدنى الآنف الذكر لكل منهما.

فباستقراء المادة أعلاه يتبين ان الشخص المصاب هو الذي له الحق في التعويض في جميع الأحوال بسبب ما خلفته له الحادثة من عجز بدني مؤقت أو دائم. إلا أنه نظرا لأهمية تعلق هذا الشخص بالحقوق الشخصية للآخرين . فإن المشرع أعطى لفئة من الأشخاص الوارد النص عليها في المادة أعلاه الحق في الحصول على تعويض وهو ما تم تأكيده من قبل القضاء؛ ففي قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 27/06/2007 ” أن محكمة الدرجة الثانية قد خرقت المادة الرابعة عندما قضت لفائدة المطلوب في النقض بالتعويض عن الضرر وذلك لعدم تحقق شروط الحق في التعويض وذلك لكون والد الضحية 1960 ويعمل بإسبانيا أي قادر على الكسب و بالتالي فإن فقده لابنه من جراء الحادثة لا يؤدي إلى فقده مورد عيشه”[75]

وبعد ذلك جاءت المادة 11 وقررت طريقة تقسيم التعويض المستحق لذوي المصاب عن فقد مورد عيشهم من جراء وفاة المصاب على اعتبار قسط المسؤولية الذي يتحمله المتسبب في الحادث أو نائبه القانوني.[76] 

ثانيا: الأشخاص  المستفيدين  من الضرر المعنوي

ضيق ظهير 1984 من  دائرة  الأشخاص  الذين يمكنهم  المطالبة  بالتعويض  عن الضرر المعنوي في حالة وفاة الضحية حيث يستفيد من التعويض عن الضرر المعنوي الزوج و الأصول و الفروع من الدرجة الأولى. فإذا كان المشرع قد حصر الضرر في الألم وحده فإن مصطلحي الضرر المعنوي قد يتخذ أكثر من صورة وهذا ما أكدته محكمة النقض المصرية في قرار لها لسنة1990 بأنه ليس هناك من معيار لحصر أحوال التعويض عن الضرر الأدنى إذ كل ضرر يؤدي الإنسان في شرفه واعتباره  أو يصيب عاطفته و إحساسه ومشاعره يصلح أن يكون محلا للتعويض [77] .

ولما كان التعويض من الامكانيات التي أعطاها المشرع_ من خلال القوانين التشريعية الحديثة_ للطرف المضرور تضميدا للجراح التي خلفتها الحادثة بسبب تصرف المسؤول غير المتبصر. فإن المشرع لم يترك الأمر على الغالب بل حددت الإجراءات والسبيل الكفيل للحصول على هذا التعويض وهو ما سنحاول مقاربته من خلال نقط المطلب الموالي.

المطلب الثاني: إجراءات المطالبة بالتعويض

يعتبر موضوع إجراءات المطالبة بالتعويض من المواضيع التي استأثرت باهتمام الفقهاء و الباحثين في مجال القانون ، معتمدين في ذلك على ما سطره المشرع المغربي من خلال مقتضيات ظهير 02 أكتوبر 1984 من خلال أسلوبه الجديد في المطالبة في التعويض عن الأضرار التي تتسبب فيها العربات البرية ذات المحرك ، و المتمثل في اللجوء إلى المطالبة الحبية (الفقرة الأولى) في إطار الصلح بين مؤسسة التأمين و الطرف المضرور قبل اللجوء إلى المطابة القضائية (الفقرة الثانية) في الوقت الذي لم تسعفهم الإمكانية الأولى في إيجاد حل ملائم لوضعيتهم القانونية.

الفقرة الأولى: حدود الصلح في المطالبة بالتعويض

تعد مسطرة المطالبة الودية من المستجدات التي أتى بها ظهير 2 أكتوبر 1984 في صيغة تتأرجح بين الوجوب و الاختيار وذلك استنادا إلى الفصل [78]18 من الظهير .

و على الرغم من أن كون هذا المقتضى يحسب لمشرعنا إلا أنه لا يخلو من بعض النقائص التي لا تتماشى البتة مع الفلسفة التشريعية التي يهدف المشرع من خلالها إلى حماية المضرور من الحوادث التي تتسبب فيها العربات ذات محرك من جهة و إلى الصفة الردعية التي يمكن أن يتعظ بها غير المسؤول. حيث جاء بهذه الامكانية بذريعة المحافظة على النال العام ، زيادة على الضغط المفروض على المشرع من طرف مؤسسات التأمين بصفة عامة [79] ما ألزم المشرع على التعجيل بإخراج هذا الظهير إلى حيز الوجود ، وفي خضم هذه الولادة القيصرية لهذا الظهير سنحاول مقاربة الحالات التي أوجب فيها المشرع توجيه الصلح لشركات التأمين (أولا) لنقف بعد ذلك على المساطر الشكلية الهادفة إلى إعمال الآثار المرجوة من الصلح (ثانيا)

 

أولا: صور توجيه الطلب و استثناءاته

ألزم المشرع ضباط و أعوان الشرطة سواء بصفتهم القضائية أو الإدارية، الذين أوكل لهم معاينة الحادثة التي نتجت عنها أضرار مادية أو معنوية أن ينجزوا محضرا في الموضوع. يتم إرسال نسخة منه إلى مؤسسة التأمين المعنية بالأمر ونسخة منه إلى المسؤول المدني و كذلك المصاب أو ذوي  حقوقه  في حالة  الوفاة  بعد  استنفاذ  الخبرة [80]

التي تثبت نسبة عجز المصاب أو تحقق الوفاة. ففي هذه النقطة يحق للطرف المعني بالأمر مطالبة شركة التامين بالتعويضات التي يمنحها له الظهير طبقا للفصل منه[81] .

و بالرغم من ان المشرع لم يبين اي جزاء على إخلال ضباط الشرطة بهذا الأجراء الهام . إلا أن الواقع يثبت أن الضباط يقومون بهذا الاجراء تجاه مؤسسة التأمين ، ويتم التهاون فيه في حق الطرف المدني و المضرور ما يلزمهم بالعودة إلى مصلحة حوادث السير من أجل استخراج نسخة من محضر الحادث الذي يتم إعداده من طرف الضباط المشار إليهم أعلاه.

وقد حدد المشرع بعض الحالات التي لا تخضع لإجبارية سلوك مسطرة الصلح :

  1. استرجاع المصاريف و النفقات : طبقا للفصل 18 من الظهير فإن هذا الاجراء لا يخضع لمسطرة الصلح ويحق لصاحب الشأن أن يقدمه متى شاء ، إلا ان منطوق هذا الفصل جاء مطلقا بعض الشيء . ففيما يتعلق بزمان تقديم المصاريف و النفقات . هل يخضع لأجل تقادم لدعوى ضد مؤسسة التأمين أم يمكن تقديم ذلك إلى التقادم الطويل الوارد النص عليه في القواعد العامة. فحسب موقف محمد العلمي أنه يجب تقديم تلك الطلبات قبل فوات اجل التقادم تحت طائلة سقوط الحق دون ان يحدد أي من التقادمين هل الوارد النص عليه في الظهير أم الأمر يتعلق بذلك الذي نصت القواعد العامة؟[82]
  2. التعويضات المستحقة لضحايا حوادث السير أو ذوي حقوقهم التي تخرج عن نطاق التسوية الودية إذا كانت مستوفاة من قبل صندوق ضمان حوادث السير أو المسؤول المدني إذا لم يكن الصندوق ملزم بالتعويض و لا حتى مؤسسة التامين.
  3. الحوادث التي تتسبب فيها العربات التي يملكها أشخاص لا ينتمون إلى حضيرة التأمين الإجباري وكذلك الحوادث التي تتسبب فيها العربات التابعة للسكك الحديدية.
  4. الأضرار المادية اللاحقة بالعربة لا تخضع لمقتضيات الظهير فبالأحرى مسطرة الصلح . ففي قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 14/10/2009 بهذا الصدد ما يلي :” حيث تبين صحة مانعته الوسيلة على القرار ذلك أن مقتضيات ظهير 2/10/1984 لا تسري على الأضرار المادية اللاحقة بالعربة بسبب حادثة السير و أن محكمة الاستئناف لما اعتبرت الأضرار المادية غير مستثناة من مسطرة الصلح المنصوص عليها في المادة 18 من الظهير المذكور ، تكون قد خرقت القانون، ولم تعلل قرارها تعليلا سليما بالوسيلة واردا عليه ومبررا للنقض” [83]

و إذا كانت الدعوى العمومية قائمة فللمضرور الخيار بين طلب الصلح مع مؤسسة التأمين أو بتنصيبه طرفا مدنيا للمطالبة بالحق المدني. أما في الوقت الذي تحفظ النيابة العامة الملف ففي هذه الحالة يتعين اتباع خاصية الملائمة حيث يتعين عل ى المتضرر سلوك مسطرة الصلح أولا.

إلا أن هذه المسطرة غالبا ما تكون عديمة الجدوى و تفوت على المضرور فرصة إمكانية التدخل في الدعوى العمومية لأسباب متعددة من قبيل عدم معرفته و علمه بإقامة الدعوى العمومية[84]

 

ثانيا: المساطر الشكلية لتوجيه طلب الصلح و آثاره

أ_ المساطر الشكلية:

بين الفصل 18 مجموعة من الإجراءات التي يتعين على المصاب من الحادث او ذوي حقوقه ابتداء من الوثائق التي يتضمنها ملف طلب الصلح والطريقة التي يتم بواسطتها بلوغ هذا الأخير لصاحب الشأن_ شركة التأمين_ وما يترتب عن ذلك من آثار ناجمة عن نجاح إمكانية الصلح.

فبناء على الفصل المومأ إليه أعلاه يتضح بينا على أنه يجب أن يرفق الطلب بالوثائق التالية :

  1. نسخة من المحضر الذي حرره ضباط و أعوان الشرطة القضائية
  2. مستخرج من شهادة ميلاد المصاب المستحقين من ذوي حقوقه إذا اقتضى الحال
  3. الوثائق المثبتة للأجر أو الكسب المهني
  4. نسخة من تقرير الخبرة الطبية
  5. غير ذلك من المستندات اللازمة

 وللوقوف على هذه النقط يقتضينا تفصيل بعض منها لأهميتها ، فإذا كان المشرع ألزم ضباط الشرطة القضائية عند معاينة الحادثة بإرسال نسخة منه إلى مؤسسة التأمين فأين تكمن الغاية من إرسال هذا المحضر من جديد؟

أما فيما يتعلق بالنقطة الرابعة التي تتعلق بالخبرة ففي الواقع العملي أن المصاب او ذوي حقوقه غالبا ما يبعثوا لمؤسسة التأمين بالتقرير الذي أعطاه إياه الطبيب المختص في علاجه. إلا أن شركة التأمين غالبا ما لا تقم معها الأدلة و تقدير نسبة العجز الذي يقررها الطبيب المختص لتحاول القيام بخبرة مضادة محاولة منها للتملص من سداد مبلغ التعويض[85].

لقد بينت المادة 19 الأجل القانوني الذي يجب على مؤسسة التأمين ان تشعر فيه المتضرر بالمبلغ المقترح داخل أجل ستين يوما بواسطة برسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل أو بواسطة كتابة ضبط المحكمة. و إلا اعتبر رفضا من طرف شركة التأمين . وسواء تعلق الصلح بالتعويض الأساسي و حتى التكميلي .

ففي الوقت الذي تقبل فيه مؤسسة التأمين الصلح فإن المشرع الزم مؤسسة التأمين بأن توفي للمضرور المبلغ المقترح داخل أجل 30 يوم من التوصل بالرد تحت طائلة أداء التعويض لا يتجاوز 50 بالمئة من المبالغ المحجوزة غير موجب[86] .

ب _ الآثار الناجمة عن الصلح:

عرفت المادة 1098 من ق ل ع ” الصلح عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه ذلك بتنازل كل منهما للآخر عن جزء مما يدعيه لنفسه أو بإعطاء مالا يعينا أو حقا ” ويترتب عن الصلح طبقا للفصل 1111 ق ل ع :

  • أنه يحسم النزاع
  • لا يمكن الطعن فيه إلا إذا كان نتيجة إكراه او تدليس أو وجود سند مزور أو بسبب غلط مادي وقع في شخص المتعاقد الآخر أو صفة في الشيء الذي كان محلا للنزاع.

الفقرة الثانية :المطالبة القضائية

يحق للمضرور في حالة عدم نجاح المطالبة الحبية او في ا وقت الذي تكون فيه  الدعوى مرفوعة امام القضاء الجنائي ان يتقدم بطلب الى المحكمة من اجل الاستفادة من مبلغ التعويض المستحق له جراء الإصابة التي لحقته من جراء الحادثة .فقد سمح له القانون برفع الدعوى مباشرة ضد مؤسسة التامين التي تحل محل المؤمن له في اداء التعويض .ما لم يتبث ان هناك امكانية تسمح لطرف المضرور لرجوع على المسؤول مباشرة من اجل اتمام التعويض .لدى سنحاول دراسة الدعوى المباشرة ضد شركة التامين(اولا) على ان نفرد النقطة (الثانية) عن الدعوى المدنية التابعة .[87]

أولا: الدعوى المدنية ضد شركة التأمين ضد شركة التامين

اشترط المشرع لقيام هذه الدعوى توفر عناصر ثلاث نجملها في ضرورة تبوت مسؤولية  المضرور،وأن تكون هذه المسؤولية مؤمن عليها لدى مؤسسة التأمين و أن يتم رفع هذه الدعوى في الأجل المحدد قانونا طبقا لما اورده الفصل 18 اعلاه.

فالواقعة التي تضمنت كل هذه العناصر تعطي للمضرور حق المطالبة المباشرة إلا ان الطبيعة القانونية التي على أساسها الدعوى تتجاذبها أقطاب اربعة تتمثل في:

  1. دعوى المضرور ضد المسؤول و أساسها العمل غير المشروع (لا مسؤولية على الأشياء و المسؤولية على الأشخاص .) او عقد النقل طبقا للفصل 485 من مدونة التجارة.
  2. دعوى مباشرة التي للمضرور ضد المؤمن طبقا للفصل 129[88] من مدونة التأمينات
  3. دعوى المؤمن له ضد مؤسسة التأمين طبقا لعقد التأمين
  4. دعوى المؤمن ضد المؤمن له في إطار دعوى الرجوع فيما يخص جزاء التعويضات أو الإجراءات و المصاريف التي تتجاوز حدود الضمان.

من هنا فالمضرور له    لمطالبة الأولى ضد مؤسسة التأمين و الثانية ضد المسؤول المباشر ؛ ففي الوقت الذي يدفع المؤمن التعويض فإنه يحل محل المؤمن له في حقوقه و دعاويه ضد الأغيار الذين تسببوا في وقوع الحادث و ذلك في حدود مبلغ التعويض.

فقد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى ( محكمة النقض ) 1/4/2009 على انه ” حقا تبين حصة ما عابه الطاعن على القرار ذلك أنه بمقتضى الفصل الثاني من ظهير 18 يوليوز 1937 المتعلق بأداء المصاريف والتعويضات المستوجبة بعد وقوع حوادث السير. وكذا الفصل 129 من ظهير 03/10/2002 فإن الحكم الذي يقضي بالتعويض او الإيراد يشمل بالضرورة التنصيص على إحلال المؤمن محل المؤمن له في حدود الضمان المنصوص عليه في عقد  التامين ، ومحكمة الاستئناف حيث قضت على الحارس القانوني بتحمله كمسؤولية الحادث و بأدائه التعويض المحكوم به دون الحكم بإخلال مؤمنه شركة التأمين الملكي المغربي محله في الاداء تكون خرقت مقتضيات الفصل 129 من مدونة التأمين المحتج به ، وعللت قرارها تعليلا ناقصا يوازي انعدامه، فعرضه بالتالي للنقض”[89].

أما فيما يتعلق بأجل رفع هذه الدعوى فيجب ألا يكون خارج خمس سنوات إما من تاريخ إجراء الخبرة المثبتة لاستقرار جراح المصاب أو من تاريخ وفاة المصاب و يشمل نطاق تطبيق هذا الأجل ليس فقط لتعويض الأساسي و التكميلي ، لكن يشمل حتى ذلك الذي يتعلق بمراجعة التعويض[90].

 

ثانيا: الدعوى المدنية التابعة

سبقت الإشارة فيما اورده الفصل 18 المومأ إليه اعلاه أن المسطرة القضائية ترفع في الوقت الذي تكون فيه الدعوى جارية اما القضاء الزجري ، لكن الحادث تصطبغ بصبغة جنائية وفي هذه الحالة فالمضرور يبقى في خيار ثلاث :

  • فإما ان يقيم دعوى مدنية تابعة للدعوى العمومية
  • و إما ان يطلب التعويض من مؤسسة التامين المعنية
  • أو مواصلة المفاوضات التي كانت جارية في هذا الشأن

ويثبت الواقع العملي أن المضرور غالبا ما يلجأ للمطالبة القضائية – أنه ينتصب كطرف مدني في الدعوى العمومية – ضنا منه أنها ستحكم له بمبلغ أكبر إلا أن الواقع العملي يفيد عكس ذلك حيث أن الاحكام التي تصدرها المحكمة الابتدائية غالبا ما تكون موضوعا للمراجعة وتتسم بعدم الاستقرار ، وذلك لعدم إلتآم الجروح بصفة نهائية من جهة و إمكانية مراجعة التعديل من جهة ثانية . هذا الاخير الذي يمكن ان يتم داخل اجل سنة من وقوع الحادث أو من زمن إجراء الخبرة .

ويجدر التنبيه إلى ان مؤسسة التأمين التي لم توفي بالتزاماتها القانونية تجاه  الأطراف المستحقين للتعويض ألزمها المشرع بجزاء مدني يتمثل في زيادة 50 بالمائة من البالغ المحجوزة دون موجب و جزاء إداري يتجسد في الرقابة المخولة لوزارة المالية باعتبارها الوصية على القطاع ، فلوزير المالية بعد  استطلاع رأي اللجنة الاستشارية للتأمينات الخاصة ان يعاقب المؤسسة بغرامة تتراوح بين 1000 و 100000 درهم إذا لم نوفي للمضرور التعويضات المستحقة له في  الأجل المحدد[91].

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخــــــــــــاتمة

تنظيم المشرع للمسؤولية المدنية في حوادث لم يكن  بموجب  نص صريح وموحد تجمع في كل المقتضيات ،بل جاء عبارة عن نصوص متفرقة مشتتة هنا  وهناك .

وتقوم مسؤولية الشخص المدنية حين يخل بأمر  التزام به في مواجهة الغير قانون  في إطار المسؤولية التقصيرية التي نظمها المشرع في الفصل 88 ق ل ع ،أو ان نفس الشخص  يخل بالتزام ناتج عن اتفاق مع الغير  وتكون مسؤوليته عقدية مثلا مسؤولية الناقل في الفصل 485 من مدونة التجارة .

ووعيا من مشرعنا بخطورة حرب الطرق ونتائجها الوخيمة ،فهي تحصد يوميا الاف الضحايا ،وتكلف الدولة مبالغ باهظة  تؤثر على الاقتصاد الوطني ودوران عجلة الاستثمار ببلادنا ،لهذا سن المشرع ظهير 02 أكتوبر 1984  لتحديد التعويضات المقررة لضحايا حوادث السير  .

يرمي المشرع من خلال  سنه لكل هذ ه النصوص  إلى الحد من الوتيرة المزايدة للحوادث أساسا ،واحتياطا حماية الفئة المضرورة والاقتصاد الوطني .وذلك ما نلامسه   من خلال تشديده في إقرار مسؤولية:

حارس السيارة في الفصل 88 ق ل ع  حيث جعلها مسؤولية مفترضة  من الصعوبة بمكان إثبات ما ينفيها.

كما فرض على الناقل الالتزام بضمان السلامة ،إذ لم يعد كافيا الاهتمام  والحذر وبدل عناية الرجل المتبصر كافية لانتفاء المسؤولية بل عليه التزام بتحقيق نتيجة .

ونخلص في الأخير إلى ان تزايد الحوادث لا يرجع إلى قلة  النصوص القانونية والتي ترتكز على الزجر والعقاب ،بل أن الأوان لطرح هذا الأسلوب جانبا والتركيز على توعية العنصر البشري وفق أساليب وقائية مدروسة ،وإلزامه بأخذ كل الاحتياطات الضرورية قبل زجره بناء على أساليب الردع المعروفة ،وكحلول عملية لفك هذه المعضلة ندعو الى:

توعية العنصر البشري ،وإصلاح الشبكة الطرقية والتشدد في منح رخص السياقة ،وترسيخ بكل الوسائل المتاحة ارتداء حزام السلامة وعدم استعمال الهاتف أتناء القيادة وفي الأخير التكتيف من أساليب المراقبة …..

 

                                     لائحة المراجع

الكتب

 1 ـــ حسن عامر وعبد الرحيم عامر .المسؤولية المدنية  التقصيرية والعقدية .الطبعة الثانية 1979 .دار المعارف .القاهرة  .ص 11

2 ــ محمد العزوزي .أبحات فقهية وقانونية مدعمة بإجتهادات قضائية .طبعة 2012 .مطبعة الأمنية .الرباط .

3 ــ محمد الكشبور .حراسة الأشياء .طبيعتها وأثرها .دراسة مقارنة في مجال  المسؤولية المدنية .1990 مطبعة النجاح الجديدة .الدار البيضاء.

4 ــ محمد البوشواري .المسؤولية المدنية العقدية والتقصيرية ،سلسة محاضرات جامعية ميسرة . مطبعة أشرف .تاسيلا.أكادير ،الطبعة الأولى 2008.

 5 ــ محمد بفقير  قانون الالتزامات والعقود والعمل القضائي .المغربي .الكتاب الأول الالتزامات بوجه عام .منشورات دراسات قضائية .سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين .طبعة ثالثة 2013

 

7 ــ محمد حسين منصور ، المسؤولية عن حوادث السير ، منشأة المعارف الاسكندرية ، طبعة اولى 2005،

  8ــ مأمون الكزبري ، نظرية الالتزامات و العقود في ضوء القانون المغربي، الطبعة الثانية ،بيروت ، 1982

9 ــمحمد الكشبور ، نظام التعاقد ونظريتا القوة القاهرة و الظروف الطارئة ، دراسة مقارنة من وحي حرب الخليج ، الطبعة الأولى مطبعة النجاح الجديدة

10ــ جمال الدين عوض ، القانون البحري النهضة العربية القاهرة ، طبعة أولى 1970

 11 ــ إدريس العلوي العبدلاوي ، شرح القانون المدني النظرية العامة للالتزام ج 2  الطبعة الأولى ، مطبعة النجاح الدار البيضاء 2000

12 ــ محمد أوغريس ، تعويض المصابين في حوادث السير على ضوء التشريع و القضاء،سلسلة الدراسات القانونية

13 ــ مولاي احمد الأمراني زنطار، شرح قانون التأمين دراسة نظرية تطبيقية ، طبعة أولى 2005 ، مطبعة الوراقة الوطنية مراكش ص 219

14 ــ محمد أوغريس  قضاء المجلس الأعلى في التفويض والتأمين، ج الثاني ، مطبعة دار القرويين ، الدار البيضاء ، 2010

 

الرسائل والأطاريح

1ـمحمد العلمي .المسؤولية والتعويض عن حوادث السير بين حماية المضرور والمصالح  الإقتصادية  لمقاولات التامين .أطروحة لنيل  الدكتوراة في القانون الخاص .وحدة التكون والبحث في قانون العقود والعقار .بوجدة .2011/2012

 

 2ــ حنان عازم .تشطير المسؤولية المدنية في حوادث السير،خطأ المضرور نمودجا .دراسة على ضوء قرارات المجلس الأعلى .رسالة لنيل دبلول الدراسات العليا .2010 .

3ــ محمد عالي الدحمي ، المسؤولية المدنية للناقل الطرقي للبضائع ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص جامعة القاضي عياض مراكش ، السنة الجامعية 1999_2000

المقالات

  1ــ  أحمد بحمان .المسؤولية التقصيرية في إطار حوادت السير على ضوء الفصل 88  ق ل ع  مقال منشور بمجلة القه والقانون  .العدد السابع سنة 2012

 

  [1] la responsabilité civile est l’obligation qui peut incomber à une perssonne de répare le dommage causé à autrui par son fait des personnes ou des choses dépendant délle »  

حسن عامر وعبد الرحيم عامر .المسؤولية المدنية  التقصيرية والعقدية .الطبعة الثانية 1979 .دار المعارف .القاهرة

[2] ذ عبد القادر العرعاري .مصادر الإلتزاملت .الكتاب الثاني .المسؤولية المدنية .الطبعة الثالثة2011 .توزيع دار الامان .الرباط ص215

[3] راجع الفصل الأول من ق ل ع المغربي ،مع تسجيل أنه هناك من الفقه من يعتبرها أثر من أثار الالتزام وليس مصدرا  له

[4]  للتوسع راجع عبد القادر العرعاري . مصادر الإلتزامات .الكتاب الثاني المسؤولة المدنية .الطبعة الثالثة .دار الأمان .الرباط 2011

    ـ حسن عامر وعبد الرحيم عامر .المسؤولية  المدنية  التقصيرية والعقدية  الطبعة الثانية .دار المعارف . 1979  ص.709 وما بعدها 

[5]  تم إلغاء هذا القانون بدخول مدونة التأمينات حيز التنفيذ  القانون رقم 17 99 صادر في03 اكتوبر 2002 .الجريدة الرسمية عدد 5054 .07نونبر 2002

 

[6]  ينص الفصل 88 من ق ل ع على أنه “كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر للضرر ،وذلك ما لم يثبت :

  • أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر
  • وان الضرر يرجع إما لحادت فجائي ،أو لقوة قاهرة او لخطا المتضرر “

[7] ومن جانبنا نرى أن المشرع المغربي حسنا فعل عندما جعلها مسؤولية مفترضة حيث من غير المنطقي أن نطالب من المضرور  إثبات خطأ حارس السيارة ،مراعاتا منه لمركزه الضعيف ،إذ عادتا ما يلحق الضرر جسم الشخص المضرور ويجعله طريح أسرة المستشفيات .

[8]  يجري سياق الفصل 399 من ق ل ع “إثبات الالتزام على مدعيه”

[9] محمد العزوزي .أبحات فقهية وقانونية مدعمة بإجتهادات قضائية .طبعة 2012 .مطبعة الأمنية .الرباط . ص 76  نقلا عن أحمد بحمان .المسؤولية التقصيرية في إطار حوادت السير على ضوء الفصل 88  ق ل ع  مقال منشور بمجلة القه والقانون  .العدد السابع س 2012 ص 213.

[10]  ” والحراسة تعني كقاعدة عامة ،أن تكون للشخص الحارس سلطة استعمال الشيء ورقابته وتوجيهه  إما بنفسه أو بواسطة الأشخاص الآخرين الدين يسأل عنهم مدنيا في إطار الفصل 85 ق ل ع .” 

       يراجع في هذا الموضوع  الدكتور العلامة محمد الكشبور .حراسة الأشياء .طبيعتها وأثرها .دراسة مقارنة في مجال  المسؤولية المدنية .1990 مطبعة النجاح الجديدة .الدار البيضاء.

[11]   د. عبد القادر العرعاري .م.س .ص 179

خلافا لهذا التوجه ذهبت بعض التشريعات الأخرى منحا معاكسا من حيث تحديد نطاق المسؤولية في الأشياء الميكانيكية والأشياء التي تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها مادة 178-  من القانون المدني المصري ” كل من تولي حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولا عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر ، ما لم يثبت أن وقع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه ، هذا مع عدم الإخلال بما يرد في ذلك من أحكام خاصة.

[12] ” قرار محكمة النقض الفرنسية  في 8 مايو سنة 1944   دالوز 1945 ــ jــ29   “لا  مسؤولية على صاحب السيارة ،بل على من استعارها ويقودها بنفسه أو بواسطة تابعه ،وهذا هو الحكم حتى لو كان لصاحب السيارة مصلحة فيما أزمع من رحلة ،إذ لا يكفي ذلك وحده لاعتبار أنه أحتفظ لنفسه بحراسة السيارة أتناء رحلتها ،كما تكون المسؤولية على من أخد السيارة من الجراج بدون علم صاحبها التي يجري إصلاحها فيه ويسأل أيضا عما تحدثه السيارة من ضرر، ذلك الصانع الذي يعهد بها إليه لتجربتها ،بعد أن تم إصلاحها ولو كان صاحبها حينذاك جالسا إلى جانبه “

حسن عامر و عبد الرحيم عامر .م س .ص 722  

[13]  أحمد  بحمان   .م. س .ص 213

[14] أستادنا . الدكتور محمد  البوشواري .المسؤولية المدنية العقدية والتقصيرية ،سلسة محاضرات جامعية ميسرة . مطبعة أشرف .تاسيلا .أكادير ،الطبعة الأولى 2008.ص62

[15]  قرار المجلس الأعلى عدد 3764 .صادر بتاريخ 11./05/2008 ملف مدني عدد 2007/5/1/1153,  ينظر محمد بحمان .م.س ص214

[16]  حنان عازم .تشطير المسؤولية المدنية في حوادث السير .خطأ المضرور  نمودجا .دراسة على ضوء قرارات المجلس الأعلى .رسالة لنيل  دبلوم الدراسات العليا .سنة 2010   .م .س  ص 17و18

[17] قرار عدد  205 صادر 23/4/69

قرار  عدد 152 بتاريخ 11/3/70

نقلا عن محمد  بفقير .قانون الالتزامات  والعقود والعمل القضائي .المغربي .الكتاب الأول الالتزامات  بوجه عام .منشورات دراسات قضائية .سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين .طبعة ثالثة 2013   للاستزادة  راجع ص  88 إلى 101

[18]  قرار المجلس الأعلى عدد  239 بتاريخ   21/05/1969.نقلا عن د محمد بفقير .قانون الالتزامات والعقود والعمل القضائي .المغربي .الكتاب الأول الالتزامات  بوجه  عام .منشورات دراسات قضائية .سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين .طبعة ثالثة 2013  .ص90

[19]  قرار المجلس الأعلى بتاريخ 13/5/70 تحت عدد 239 منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى المادة  ا لمدنية الجزء الأول ص 645 وما يليها أورده محمد بفقير .م.س.ص91

 

[20] صدر عن المجلس الأعلى بتاريخ  6/1/1988  تحت عدد  75 محمد بفقير .م.س.ص 94

[21] قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 13/4/1995 عدد 2052  أورده محمد بفقير .م.س.ص 95

[22]  قرار المجلس الاعلى عدد 207 بتاريخ 23/06/1971 .أشار إليه محمد بفقير .م.س.ص 92

[23]   قرار صادر على المجلس الأعلى بتاريخ 9/408 تحت عدد 1358 في الملف المدني عدد 1218/07 أوده محمد بفقير .م.س.ص 99

  قرار صادر على المجلس الأعلى بتاريخ4/6//1969 تحت عدد 256 /أوده محمد بفقير .م ص 90

 

[24]  قرار صادر عن محكمة الاستئناف بمراكش .بتاريخ 21/10/2010 ملف عدد 1158 على 2009 أشار إليه بحمان محمد .م.س.ص216

[25]  القانون رقم 15 95  المتعلق بمدونة التجارة الصادر بتنفيذها لظهير الشريف رقم 1 /96/ 83/  في فاتح أغسطس 1996 الجريدة  الرسمية عدد 44 18 بتاريخ 03 أكتوبر 1996

[26]  و الإخلال يأخذ هنا بمعناه الواسع حيث يشمل حالات عدم تنفيذ الالتزام كلا أو بعضا و كذا الحالات التي يتأخر فيها التنفيذ عن وقته المحدد وهذا ما اشار إليه المشرع في الفصل 263 من ق ل ع .

[27]  أنظر المادة 443 مدونة التجارة .

[28]  وقد أشار المشرع المغربي للأركان اللازمة لصحة الالتزامات في الفصل الثاني من ق ل ع وهي الأهلية للالتزام ، تعبير صحيح عن الإرادة ، شيء محقق يصلح لأن يكون محل التزام ، وسبب مشروع.

[29]  أنظر في هذا الإطار : محمد عالي الدحمي ، المسؤولية المدنية للناقل الطرقي للبضائع ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص جامعة القاضي عياض مراكش ، السنة الجامعية 1999_2000 ، ص 95

[30]  لأن نقل شخص ميت يدخل في إطار نقل الأشياء طبقا للمواد 445 إلى 475 من مدونة التجارة . للمزيد من التوسع أنظر : محمد العلمي .المسؤولية والتعويض عن حوادث السير بين حماية المضرور والمصالح  الإقتصادية  لمقاولات التأمين . أطروحة لنيل  الكتوراة   في القانون الخاص. وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار .كلية الحقوق بوجدة  .2011 /2012  ص 132.

[31]  تنص المادة 6 من مدونة التجارة : ” مع مراعاة أحكام الباب الثاني من القسم الرابع بعده المتعلق بالشهر في السجل التجاري ، تكتسب صفة تاجر بالممارسة الاعتيادية والاحترافية للأنشطة التالية:

1ـ….

6ـالنقل

………….”

[32]   راجع  نص المادة 4 :”

[33]  بالنسبة للعقد الباطل فهو لا يثير أي مشاكل قانونية بخصوص نوع المسؤولية التي يتعين الاحتكام إليها ، على اعتبار أنه تطبق قواعد المسؤولية التقصيرية في هذه الحالة  بين الناقل والمسافر في شقها المتعلق بحراسة الأشياء ، او مسؤولية المتبوع عن اعمال تابعه إذا كان السائق هو من نسبت إليه مسؤولية الضرر الحاصل .

راجع قرار صادر عن محكمة الاستئناف بباريس بتاريخ 28 مارس 1987 أشار إليه محمد العلمي مرجع سابق ، ص 134

[34]  عبدالقادر العرعاري ، مرجع سابق ، ص 15

[35]  محمد العلمي مرجع سابق ص 134.

[36] نفسه ص 134

[37]  عبد القادر العرعاري مرجع سابق ص  137

[38]  راجع محمد حسين منصور ، المسؤولية عن حوادث السير ، منشأة المعارف الاسكندرية ، طبعة اولى 2005، ص 233

[39]  عبدالقادر العرعاري م س ص 47

[40]  راجع حسين منصور م س ص 82 و83

[41]  نفسه

[42]  محمد العلمي ، م س ص 143 و144

[43]  قرار  عدد 1657 صادر بتاريخ 20/04/2000 ملف عدد 97/3321 أشار إليه محمد أوغريس م س ص 165

[44]  أنظر محمد العلمي ، م س ص 147

[45]  يقصد بالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي السبب غير المتوقع و الذي لا يمكن دفعه او تفاديه بحيث يؤدي إلى جعل تنفيذ الالتزام مستحيلا ، ويميز الفقهاء بين القوة القاهرة و الحادث الفجائي فيقولون ان القوة القاهرة لئن كانا يتفقان من حيث ان كلا منهما حادث لا يد للإنسان فيه  ويستحيل دفعه ولا يمكن توقعه ، إلا أنهما يختلفان من حيث أن القوة القاهرة حاث يأتي من الخارج كعاصفة أو زلزال أو فيضان.

أنظر: مأمون الكزبري ، نظرية الالتزامات و العقود في ضوء القانون المغربي، طبعة الثانية ،بيروت ، 1982، ص 415   

[46]  جاء في المادة 1147 أن دفع المسؤولية العقدية للناقل يكون عن طريق إثبات السبب الاجنبي الخارج عن الإرادة.

 

[47]  عبد القادر العرعاري م س ص 122

[48]  عبد الرزاق   السنهوري .الوسيط في شرح القانون المدني .مصادر الالتزام الجزء الأول .ص 737

[49]  للتوسع في هذا الإطار أنظر:

محمد    الكشبور ،  نظام التعاقد ونظريتا القوة القاهرة و الظروف الطارئة ، دراسة مقارنة من وحي حرب الخليج ، الطبعة الأولى مطبعة النجاح الجديدة ص 36 وما بعدها

[50]  من بين هذه الأحكام والقرارات ما يلي :

بالنسبة للقضاء الفرنسي:

  • قرار عدد 181 صدر بتاريخ 26/06/ 1990 عن محكمة النقض الفرنسية جاء فيه :”…إن الناقل لا يحق له أن يتملص من التزامه بالسلامة إلا إذا ثبت ان الحادثة ترجع لخطأ الضحية ، و أن هذا الخطأ يكتسي صبغة القوة القاهرة” أشار إليه محمد الحسين منصور م س ص 57
  • قرار مؤرخ بتاريخ 26/02/1974 حيث اعتبرت محكمة النقض أن أعمال الشغب التي تحدث أثناء إضراب عام لا تشكل قوة قاهرة . أشار إليه محمد العلمي م س ص 156

بخصوص القضاء المغربي:

  • قرار لمحكمة النقض عدد 279 صادر بتاريخ 18/04/1996 ملف عدد 91/4472 حيث جاء فيه ” أن رمي القطار بالحجارة سواء كان الفاعل معلوما أو مجهولا لا يشكل قوة قاهرة ، بالإضافة إلى ذلك فإن عنصر عدم التوقع ليس سوى عنصر ثانوي لثبوت القوة القاهرة ، بينما العنصر الأساسي في ذلك هو استحالة دفع المكون للقوة القاهرة”
  • جاء كذلك في قرار لمحكمة الاستئناف بوجدة ” أن انقسام قضيب القيادة الذي نتج عنه انقلاب السيارة و إصابة من فيها من الركاب لا يحول دون تحميل الفاعل كامل المسؤولية باعتبار أن الحادثة وقعت بسبب عدم ملائمة السرعة لظروف الزمان والمكان”  قرار جنحي بتاريخ 29/06/1999 ملف عدد 98/595 غير منشور أشار إليه محمد أغريس م س ص 160

[51]  كالمشرع التونسي في المادتين 653 و 654 من المجلة التونسية والمشرع اللبناني في المادة 268 من القانون التجاري اللبناني

[52]  قرار عدد 17/922 أشار إليه محمد العلمي م س ص 83

[53] أنظر محمد العلمي م س ص 160

[54]  عدم التوقع و استحالة الدفع

[55]  محمد العلمي م س ص 162

[56]  أنظر جمال الدين عوض ، القانون البحري النهضة العربية القاهرة ، طبعة أولى 1970ص186 أشار إليه الطلبة الباحثين (خالد فارس محمد القاضي محمد بالفقير) عرض حول موضوع : المسؤولية المدنية في مجال حوادث السير ، ماستر القانون المدني الفوج الثاني 2012/2013

[57]  محمد العلمي ، م س ص 162

[58]  ينص هذا الفصل:” لا يجوز أن يشترط مقدما عدم مسؤولية الشخص عن خطئه الجسيم وتدليسه.”

 

 

[59]  إدريس العلوي العبدلاوي ، شرح القانون المدني النظرية العامة للالتزام ج 2  الطبعة الأولى ، مطبعة النجاح الدار البيضاء 2000 ص 218

 [60]   نصها :  بالرغم عن جميع الأحكام التشريعية المخالفة لما هو منصوص عليه في ظهيرنا الشريف هذا المعتبر بمثابة قانون، تعوض ضمن الحدود ووفقا للقواعد والإجراءات المقررة فيه وفي النصوص المتخذة لتطبيقه، الأضرار البدنية التي تتسبب فيها للغير عربة برية ذات محرك خاضعة للتأمين الإجباري، وذلك وفقا للشروط المنصوص عليها في الظهير الشريف رقم 1.69.100 الصادر في 8 شعبان 1389 (20 أكتوبر 1969) بشأن التأمين الإجباري للسيارات عبر الطرق.

 

 

[61]   يشمل التعويض استرجاع مصاريف نقل المصاب والشخص المرافق له إن اقتضى الحال، وكذا المصاريف الطبية والجراحية والصيدلية ومصاريف الإقامة بالمستشفيات والنفقات التي يستلزمها استعمال أجهزة لتعويض أو تقويم أعضاء جسم المصاب وتدريبه على استرجاع حركاته العادية.

[62]  إذا نتج عن الإصابة وفاة المصاب استحق من كانت تجب عليه نفقتهم وفقا لنظام أحواله الشخصية وكذا كل شخص آخر كان يعوله تعويضا عما فقدوه من موارد عيشهم بسبب وفاته.

[63]   محمد أوغريس ، تعويض المصابين في حوادث السير على ضوء التشريع و القضاء ،سلسلة الدراسات القانونية

[64]  محمد العلمي م س ص 241

[65]  قرار عدد 1/996 مؤرخ في تاريخ 29/11/2006 ملف جنحي عدد 2003/19038-40 منشور بمجلة المجلس الأعلى عدد 68 سنة 2008 ص 321 ،

[66]  عبدالقادر العرعاري  م س ص 241

[67]  ففي قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية ب 6 يناير 1992 قضى بأن التوقف عن ممارسة العلاقة الجنسية (ناتج عن الحادثة) ولمدة شهر يستلزم تعويضا بقيمة 3000 فرنك أي ما يقارب 10 معاشرات جنسية ضائعة ” أشار إليه محمد العلمي م س ص 243

[68]   ينص الفصل 77 من ق ل ع :” كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة و اختيار ومن غير أن يسمح به القانون فأحدث ضررا ماديا او معنويا للغير الزم مرتكبه تعويض هذا الضرر إذا ثبت ان ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر”

[69]  قرار عدد 796-98 منشور بمجلة المحامي ، نقابة المحاميين مراكش العدد 23.24 ص 69 وما بعدها ، أشار إليه مولاي احمد الأمراني زنطار، شرح قانون التأمين دراسة نظرية تطبيقية ، طبعة أولى 2005 ، مطبعة الوراقة الوطنية مراكش ص 219 

[70]  بلهاشمي التسولي  أشار إليه أستاذنا مولاي احمد الأمراني زنطار م س ص 221

[71]  مولاي احمد الأمراني زنطار م س ص 221

[72]  امحمد  الامراني  زنطار ،مرع سابق ص 238

[73]  عبد القادر العرعاري ، مرجع سابق ص 234

[74]  نفسه

[75]  قرار عدد 877/11 مؤرخ بتاريخ 27/06/2007 ملف جنحي عدد 7764/ 11 غير منشور أشار إليه محمد العلمي م س 

[76]  تنص المادة 11 :

 التعويض المستحق لذوي المصاب عن فقد مورد عيشهم من جراء وفاته يقسم عليهم بحسب النسب المائوية التالية من رأس المال المعتمد بالنسبة إلى المصاب، مع اعتبار قسط المسؤولية الذي يتحمله المتسبب في الحادثة أو المسؤول المدني :

1-          الزوج…………………………………………………………………………………25 %

( إذا تعددت الأرامل خفضت هذه النسبة فيما يخص كل واحدة منهن إلى 20 % على ألا يجاوز مجمل مبلغ التعويضات الممنوحة إلى جميع الأرامل…………………………………………………………….40%)

 

2-          الفروع ( لكل واحد منهم ) :

‌أ)                  إلى غاية السنة الخامسة من العمر……………………………………………..25 % ؛

‌ب)              من السنة السادسة إلى غاية السنة العاشرة ……………………………………. 20 % ؛

‌ج)               من السنة الحادية عشرة إلى غاية السنة السادسة عشرة…………………………15 % ؛

‌د)                 من السنة السابعة عشرة فأكثر………………………………………………….10%  ؛

‌ه)                 الفرع المصاب بعاهة بدنية أو عقلية لا يستطيع معها القيام بسد حاجاته (دون اعتبار السن)………………………………………………………………………….30% ؛

3-          الأصول : لكل من الأب والأم…………………………………………………………10% ؛

4-          المستحقون الآخرون الذين كان المصاب ملزما بالنفقة عليهم، لكل واحد………………..10% ؛

5-          الأشخاص الذين كان المصاب يعولهم دون أن يكون ملزما بالنفقة عليهم للجميع…………15%.

 

ويقسم هذا التعويض، الذي لا يستنزل من رأس المال المعتمد بالنسبة إلى المصاب، على مستحقيه بالتساوي بشرط أن يطلبوه ويثبتوا استحقاقهم.

 

[77]  قرار محكمة النقض المصرية صادر بتاريخ 15/03/1190 طعن رقم 704/58 وحول مضمون القرار أنظر محمد المنجي ، دعوى التعويض عن حوادث السيارات ،ط1 ، أشار إليه العرعاري مرجع سابق ص 242

[78]  تنص هذه المادة على ما يلي:” فيما عدا طلبات استرجاع أو تحمل المصاريف والنفقات المنصوص عليها في المادة الثانية أعلاه، التي يجوز لصاحب الشأن أن يقدمها متى شاء، يجب على المصاب فور استقرار جراحه المثبت بتقرير الخبراء أو على المستحقين من ذويه  إثر وفاته أن يطلبوا، قبل إقامة أي دعوى قضائية بالتعويض، إلى مؤسسة أو مؤسسات التأمين المعنية تعويض ما لحق بهم من ضرر.

ويقدم الطلب الآنف الذكر برسالة موصى بها مع الإشعار بالاستلام أو مبلغة بواسطة كتابة ضبط المحكمة الابتدائية ويجب أن يشفع بالمستندات التي تمكن من تقدير التعويض أي :

–               نسخة من المحضر الذي حرره ضابط أو عون الشرطة القضائية ؛

–               مستخرج من شهادة ميلاد المصاب والمستحقين من ذويه إن اقتضى الحال ؛

–               الوثائق المثبتة للأجرة أو الكسب المهني ؛

–               نسخة من تقارير الخبرة الطبية ؛

–               غير ذلك من المستندات اللازمة لتقدير الأضرار.

 

وفي حالة تعدد مؤسسات التأمين التي تضمن الأضرار، يجب على أول مؤسسة رفع إليها الطلب أن تقدر وتدفع إلى الطالب مجموع مبلغ التعويض المستحق قبل المطالبة بالقسط الذي يتحمله المدنيون الآخرون المعنيون ومن بينهم صندوق ضمان السيارات إن اقتضى الحال.

غير أنه إذا أقيمت دعوى عمومية قبل تقديم الطلب المشار إليه في الفقرة الأولى من هذه المادة أو قبل حصول اتفاق بين مؤسسة التأمين والمعنيين بالأمر جاز للمصاب أو المستحقين من ذويه إما إقامة دعوى مدنية تابعة للدعوى العمومية وإما طلب التعويض من مؤسسة التأمين المعنية أو مواصلة المفاوضات الجارية بهذا الشأن.”

 

[79]  عبدالقادر العرعاري م س ص 234

[80]  الخبرة : إجراء من إجراءات التحقيق يعهد به القاضي إلى شخص يدعى الخبير من أجل تقديم معلومات أو استنتاجات أو على الأقل وجهة نظر خاصة حول واقعة معينة قد لا تسعف القاضي في الوصول إليها بمفرده إلا استنادا إلى معطيات الخبير. عبدالكريم الطالب ، شرح قانون المسطرة المدنية / مكتبة الوراقة الوطنية مراكش ، ط2009 ص 218 

[81]  أستاذنا محمد العلمي ، م س ص 326

[82]  نفسه أنظر الهامش

[83]  محمد أوغريس  قضاء المجلس الأعلى في التفويض والتأمين، ج الثاني ، مطبعة دار القرويين ، الدار البيضاء ، 2010 ص 65

[84]  محمد العلمي م س ص 329

[85]  محمد العلمي .م س 333

[86]  نفسه ص 338

[87] عبد القادر العرعاري.مرجع سابق.ص 268

[88]  محمد العلمي م س ص 353 إلى 356

[89]  قرار عدد 1112 بتاريخ 1/04/2009 ملف مدني عدد 3152 .1/05/2007 قضاء المجلس الأعلى في التعويض و التأمين ، الجزء الثاني  ط 2010ص 64

[90]  عبد القادر العرعاري م س ص 271

[91]  عبد القادر العرعاري ، م س 270

تعليق 1
  1. طالب يقول

    السلام عليكم
    من فضلكم اين يمكنني الحصول على نسخة من رسالة الاطروحة الخاصة بالدكتور محمد العلمي .
    “المسؤولية والتعويض عن حوادث السير بين حماية المضرور والمصالح الاقتصادية لمقاولات التأمين”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.