زمن ” اللاّحُب” وأزمات العصر

0 432

يعيش المجتمع المغربي واقعا مرير بمعنى أخر نلاحظ أن هناك مجموعة من الأزمات خاصة النفسية الاجتماعية منها ناتجة عن نظرتنا السلبية للأشياء التي جعلت المشاعر الطيبة تنقلب إلى ضدها لأن الطبيعة لا تقبل الفراغ. من هنا يمكن طرح سؤال بسيط، لماذا لا نغير نضرتنا السلبية إلى ما هو ايجابي للقضاء على هذه السلوكيات السلبية : الكراهية، اللامهنية، اللانسانية، الانتقام، هوس المادة، التفكك الأسري، اللامسؤولية، الاعتباطية، السياسة الشعبوية، الأنانية،  العدوانية، الاستغلال، اللامساواة، الدغمائية، النفاق الاجتماعي… وهذه السلوكيات ترجع إلى أسباب وعوامل متداخلة في تكوين البنية النفسية الغير المتوازنة للفرد داخل المجتمع، والتي تأثرت بهذا الواقع الوهمي المجرد من كل الصفات الآدمية والذي جعل كل العلاقات بين البشر تطغى عليها النزعة المركنتيلية إلى أن أصبح الإنسان كسلعة بصلاحية محددة (عند انتهاء المصلحة تنتهي العلاقة)، يعني ما دام كل شيء يباع و يشترى حتى العلاقات أصبحت هكذا، إلى أن أصبح الإنسان الرقمي يعيش مللا و فتورا في حياته اليومية و السبب نزعته الجشعة وانعدام المشاعر الطيبة.

اعتقد أن الإنسان في زماننا الحالي هو في حاجة إلى منقد ينقده من وهميته و يقينيته و فرغه الروحي الذي تأسس على دوغمائيات وخرافات… إلى أن سدت أمامه جميع المنافذ وأصبح يعاني غربتان: الغربة الداخلية و الغربة الخارجية اللتان جعلته يعيش سجين ذاتيته، لعدم انفتاحه ايجابيا على محيطه و على الأخر الذي ربما سيزوده بذلك المعنى المفقود والذي هو الحب، هاته الكلمة بمفهومها الثقيل و الايجابي الغير الموجودة تقريبا في مجتمعاتنا الحديثة، هي احد أسباب أزمات العصر التي تعيشها مجتمعات ما بعد الثورة الصناعية. لان انعدام الحب ما بين الأفراد و الآسر… داخل المجتمع ممكن أن يصنع من الإنسان آلة مبرمجة خالي من كل المشاعر النبيلة (الخير، الحب، الفضيلة…) التي تميزه كانسان بوجوده المليء بالحب الذي لولاه لما عاشت البشرية جمعاء ملايين السنين، ولما سمي الإنسان بإنسانيته التي تسكنها العاطفة المليئة بالحب الايجابي و النقي و الروحي لا المادي لان أسباب اختفاء هذا الحب راجع إلى طغيان الماديات والواقع الوهمي اللذان افقدا الإنسان جوهر و جوده. إذن في نظري يبقى الحب بمفهومه الرقي هو الحل لكل الأزمات التي يعيشها الإنسان الرقمي
من هنا يتبين إن هذا الشعور السامي ” الحب ” هو الذي يمكن ان يحررنا من كل الانحرافات و الأمراض النفسية الاجتماعية التي تنخر المجتمع يوما بعد يوم لأنه أصبح حبيس الدعاية وكائن الأيقونات و مستقبل لا مرسل. لكن رغم ذلك أرى أن الإنسان بطاقته الهائلة قادر على تجاوز كل هذه المعيقات للخروج من تقوقعه و غربته و البحث عن كنهه الوجودي الذي يتمثل في إرجاع المشاعر الراقية والجانب الإنساني لإنسانه التائه بين أوهام الواقع اللاحقيقي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.