التعاون الأمني بين المغرب وبلجيكا أي دلالات ؟

0 490

لم تمر سوى أيام قليلة على الإشادة الفرنسية بدور المغرب في رصد تحركات “الداعشيين” المتورطين في الاعتداءات الدموية التي استهدفت العاصمة باريس، يوم الجمعة 13 نونبر الجاري، حتى تحركت السلطات البلجيكية من أعلى مستوى، لتطلب من المملكة تعاونا وثيقا في المجال الأمني والاستخباراتي.

ويأتي هذا الطلب في خضم التهديدات الإرهابية المسلطة على رقبة البلجيكيين، خاصة العاصمة بروكسيل، التي عاشت جحيما لا يطاق، بعد إغلاق المدارس ومحطات القطار، ونزول الجيش في شوارع المدينة، تحسبا لأي طارئ أو هجوم إرهابي محتمل، باعتبار أن أحد منفذي هجمات باريس، الذي يقطن في ضواحي بروكسيل، لا زال حرا طليقا.

تتعدد الأسباب الكامنة وراء طلب السلطات البلجيكية، من أعلى مستوى، التعاون مع المملكة المغربية في المجالين الأمني والاستخباراتي، منها ما يتعلق بالظرفية الحالية التي تمر منها بلجيكا بسبب ارتفاع التهديدات الإرهابية، وأيضا لكون عدد كبير من المقاتلين البلجيكيين في سوريا والعراق، والمنتمين إلى “داعش”، من أصول مغربية، ناهيك عن الخبرة التي اكتسبتها المملكة الشريفة في مجال مواجهة الإرهاب.

إن الظرفية التي أتى فيها هذا الطلب غير مسبوقة لبلجيكا التي تمر من مرحلة عصيبة وتواجه تهديدا إرهابيا كبيرا ومحدقا، جعلها تعيش تحت أقصى درجات التأهب.

هذه التطورات الداخلية تأتي إثر الأحداث الإرهابية الدامية التي تعرضت لها باريس، والتي يمكن اعتبارها اعتداء حربيا حقيقيا ونوعيا؛ كما تأتي في خضم أوضاع أمنية غير مستقرة في التراب الأوروبي، الذي أظهرت سياسته الأمنية الكثير من الاختلالات والهفوات؛ مما جعل عملا إجراميا بالحجم الذي تعرضت له باريس ممكنا.

ان بلجيكا كانت تعتبر دائما ملتقى طرق التنظيمات الإرهابية في أوروبا، إضافة إلى كونها محطة انطلاق وعودة الكثير من المقاتلين الإرهابيين الأوروبيين.

 أنه من بين بلدان القارة الأوروبية تعد بلجيكا أكبر مصدر للمقاتلين إلى كل من سوريا والعراق، والذين فاق عددهم 1100 مقاتل، عاد منهم 170 إلى بلجيكا، وقتل قرابة 120، كما أن 200 مقاتل موجودون حاليا في بلجيكا، ويرغبون في الانتقال إلى سوريا، مضيفا: “مقارنة بعدد الساكنة البلجيكية الذي لا يتجاوز 12 مليون نسمة فالرقم كبير”.

طلب بلجيكا تعاون المغرب في المجالين الأمني والاستخباراتي راجع كذلك إلى كون عدد من المنظمين إلى ما بات يعرف بـ”داعش” هم من أصول مغاربية عموما، ومغربية على وجه الخصوص، خاصة بحي مولنبيك، المعروف كمنطقة هامشية يتجمع فيها المهاجرون.

إن حي مولنبيك يعتبر خزانا للإرهابيين، ويصدر عددا كبيرا منهم إلى كل من سوريا والعراق حيث  أن “العالم يواجه اليوم الجيل الرابع من “الجهاديين الجدد”، والذي يضم 6000 مقاتل أجنبي من أوروبا، من مجموع 38 ألف مقاتل أجنبي موجودون في سوريا والعراق بالأساس، وهو ما يطرح إشكالية تدبير هذه الفئة، وخاصة لدى عودتهم إلى بلدانهم.

وفي الوقت الذي تعتبر مجموعة من الدول أن السلاح الذي يمكن أن يساعد في القضاء على التنظيمات الإرهابية هو سلاح المعلومة والاستخبارات، وضرورة اتباع مقاربة شمولية لا ترتكز فقط على الجانب الأمني،

 أن الأجهزة الأمنية المغربية اكتسبت خبرة وطورت قدراتها؛ وهو ما مكنها من تحقيق نتائج إيجابية وإظهار نجاعة وفعالية، و أن هذا يتمثل في معرفتها الجيدة بطبيعة هذا التهديد ونوعية التنظيمات، والبروفايلات المنتمية إليها، وشبكات التجنيد والتواصل والتمويل، التي ترتبط في ما بينها، وتتقاطع مع تنظيمات إجرامية أخرى، تنشط في مجال الجريمة البشرية العابرة للحدود، إضافة إلى معرفة جيدة بأساليب عمل هذه التنظيمات وثقافتها ومرجعياتها.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.