ما البديل إذن ؟

0 473

لا شك أن المتتبع للمشهد  السياسي الراهن من داخل وطننا الجريح ،سيقف على حجم التراجعات والزحف المستمر على ما تبقى من مكتسبات الشعب المغربي ، إذ أضحت الدولة المغربية إبنة مطيعة للمؤسسات المالية العالمية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي ، نسبة المديونية ترتفع سنة بعد سنة و ناقوس الخطر يدق على قطاعين عموميين ألا وهما الصحة والتعليم ،عبر نهج سياسة الخوصصة، على اعتبار أن هذين القطاعان حسب توصيات البنك الدولي لا تدران  مداخيل في جيوب النظام وأن البديل هو رفع اليد عنهما وتفويتهما إلى القطاع الخاص.
يعتبر قطاع التعليم أكبر متضرر من هذه السياسة الممنهجة إلا أنه ومن داخل القطاع نسجل تشتتا كبيرا لموظفيه. لكن بالمقابل هناك إجماع عن وعي أو عن غير وعي بحجم المشكلة التي تتهدد التعليم بالمغرب. في المقهى و داخل البيوت وعلى صفحات الفيسبوك الكل منكب على تفسير ووصف المشاكل التي تتخبط فيها الشغيلة، مشكل التقاعد ،اتفاقية 26 أبريل ، حق الاضراب و الموقف من النقابات بيد أننا مللنا التفسير ونريد تحليلا وإجابات موضوعية نترجمها على أرض الواقع.
فهل النقابات تلعب الدور الاستراتيجي المنوط بها يتساءل متسائل؟
عم الفساد من داخل النقابات ،وصارت بوقا دعويا لمخططات الدولة ،وذلك ما وقفنا عليه  في معارك  التنسيقيات ،التي تعد إفرازا موضوعيا لتراجع العمل النقابي الديمقراطي.  
تسبب هذا الفساد في مشكل خطير جدا ،فقدان الثقة في جميع الإطارات النقابية ولو حديثة العهد وتتبنى  الديمقراطية ومشاريع تقدمية تهدف إلى إعادة الإعتبار إلى المواطن المغربي قبل أن يكون موظفا. 
أمام هذا الواقع وأمام سن قانون الإقتطاع من الأجور انقسم الأساتذة إلى ثلاث فئات .
الفئة الأولى فئة انتهازية ، أنانية و تلعب على وتر فساد النقابات كي لا تشارك في أي فعل نضالي كيفما كان. فئة عمالية ، تعبد الدرهم ، لا تقرأ ولا تفكر وتعمل كمضخات الماء و سرعان ما تصاب بالعطب. 
الفئة الثانية هي فئة  الأساتذة  المترددين الذين يبحثون عن هيئة أو إطار بديل لينخرطوا في خطوات نضالية جريئة  بعدما تخلت عنهم النقابات في أصعب اللحظات واختارت فصيل الدولة على فصيل الشعب ونجد فيهم عددا كبيرا ممن مروا بتجارب نضالية داخل التنسيقيات , هذه الفئة لا تثنيها الإقتطاعات عن النضال .
أما الفئة الثالثة فهي الفئة التي تعي جيدا كذلك حجم الفساد المستشري من داخل النقابات و تناضل بمرجعيات مختلفة وتطمح لتغيير فعلي ولا مانع لديها في الانخراط في إضراب معين إذا تبين لها أنه ضرورة ملحة دعما لأي مشروع وحدوي و احتجاجا على الحكومة وهي الفئة التي شاركت في الإضراب العام الأخير ، إلا أنها تبقى فئة قليلة.
اللافت للنظر أن الكل واع بحجم المشكل الذي نعانيه بوعي أو بشكل حسي  و ربما نختلف فقط في آليات المواجهة ، هنا يطرح السؤال الجوهري : في غياب الإطارات القانونية حسب تعبير الدولة هل من بديل ؟ أم سنظل نتباكى حتى يدق آخر مسمار في نعش التعليم. إن مستقبل المغرب بين أيدينا ، فهل سنسمح لأنفسنا بأن تتلاعب به أيادي مغتصبي البلاد ومشردي العباد؟..   

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.