أُستاذٌ فقدَ هيبتَهْ
تحدي تهشيم العظام مجزوءة جديدة في تكوين الاساتذة المتدربين أطرها أصحاب البذلة الزرقاء والخضراء لترسيخ بيداغوجية العصا فكانت نتيجتها محسومة مند البداية والخاسر الاكبر هي الكرامة الانسانية وإهانة شعب .
إن المتتبع للواقع المغربي في الاشهر القليلة، يمكن أن يلاحظ الاحداث الكثيرة والمتسارعة الواحدة تلو الأخرى وكلها أزمات لم تجد لها الحكومة إلى الان حلول مرضية ،واوقعية واختارت لنفسها الحل السهل والبسيط ، كما سماه الدكتور المهدي المنجرة رحمه الله “الخوفقراطية” ودلك بتسخير عصى طويلة فوق رأس من يطالب بحقوقه العادلة، والمشروعة والتي لم يسلم منها إلا القليل ممن هم في واد صاحب العصا ، وبدلك فزرع الخوف والتهديد ، هي الوسيلة التي تتعامل بها الحكومة إلى حد الساعة مع مجموعة من الملفات والتي تخص بالدرجة الاولى الطبقات المتوسطة، من قبيل مشكل التقاعد واستمرار الحكومة في تعنتها وتحديها لهده الطبقة المستضعفة التي تئن تحت وطأت الفقر والزيادات المتسارعة عام بعد عام ، ثم ملف الاساتذة المتدربين الدين أبو إلا ان يقفوا في وجه الظلم ، والتجبر الممارس عليهم مند بداية الموسم ، ودلك بغرض النيل منهم وإسكات حناجرهم التي تصدح بالحق ، وتكتسب يوما عن يوم تعاطف ، ودعم منظمات وهيأت حقوقية ، فيما اختارت بعضها السكوت حتى لا تفقد عطايا تحصل عليها من وراء دلك ، في حين استمرت الحكومة في صمتها بل و تشبثت بقرراتها كأنها مقدسة لايجوز تغييرها وهنا أتذكر أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رسالته الى ابي موسى الاشعري التي قال فيها ” … لا يمنعك قضاء قضيته ، راجعت فيه نفسك ، وهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق ، فإن الحق قديم ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل … ” صعب أن تجد في هدا الزمان من يراجع القضايا من تلقاء نفسه ودون ضغوطات حبا في الشعب ومصلحة الشعب ،و لكن أعرف شيء واحد وضع في خدمة الشعب وعظام الشعب و رؤوس الشعب .
إن ما وقع للأساتذة المتدربين في مجموعة من المراكز سيما مركز إنزكان والتي وصفها الاساتذة المتدربين بالمجزرة الخطيرة ، تعتبر وصمة عار على جبين حكومة وضع فيها الشعب ثقته الكاملة، في سبيل تحقيق العدالة والتصدي للتماسيح والعفاريت التي “عفا الله عنها” حسب قول رئيس الحكومة و للأسف خيبة أمال الشعب ولم تتوقف عند هدا الحد بل ذهبت الى أبعد من دلك حينما سولت لها نفسها مواجهة المظاهرات السلمية ، التي يضمنها الدستور وكل المواثيق الدولية ، للأساتذة المتدربين ، الدين يعول عليهم تربية الاجيال المقبلة وهم الان في حاجة ماسة إلى إعادة تأهيل نفسي وتعويض كذلك عما لحقهم من إهانة وتعسف في حقهم ، وإلا فكيف يمكن لهم بعد ما حدث أن يعلموا تلامذتهم معنى الكرامة وحقوق الانسان والديمقراطية … فما وقع أمس يدل على أن هده الحكومة عجزت عن حل المشكل كيف لا وهي مستمرة في انفرادها بالقرارات التي من الواجب اشراك كل الاطراف المعنية والوصول الى حلول ترضي كل الاطراف.
وخلال ولايتها الاولى وقعت الحكومة في عدة أزمات لم تستطيع إيجاد حلول لها إلا بقوة العنف والضرب بيد من حديد على كل من يتظاهر سلميا ويطالب بحقه رغم أن التاريخ علمنا أن العنف لا يولد إلا العنف وهدا ما لم تفطن إليه الحكومة “البنكيرانية” لقلة تجربتها في العمل السياسي الذي يتطلب التريث في مجموعة من القرارات التي تحمل في طياتها خطورة على الطبقات الفقيرة والمستضعفة لكن للأسف فالحكومة تهيم في واد تسميه اصلاحا كان قوامه الشعب والطبقات الهشة البسيطة وتركت التماسيح والعفاريت تفعل ما يحلوا لها فما أجمله من اصلاح قوى الفساد وهشم العظام وفقر الفقراء .
لم تستطيع الحكومة البنكيرانية النجاح في امتحان الاستثناء المغربي، الذي طبل له مند البداية ولعل السخط الشعبي الذي تحصده هده الحكومة في الاونة الاخيرة خير دليل على دلك ، حيث أن اخر ما يمكن تصوره في بلد يدعي الديمقراطية واحترام حقوق الانسان ، وقبول الاخر وتبني الحوار الى غير دلك من الشعارات المزيفة ، هو تعنيف اساتذة الغد بطريقة وحشية ، فأي تربية وتعليم يبقى بعد كل ما حدث وهل يمكن اعتبار الخميس الاسود ضمن الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المدرسة المغربية 2015 ــ 2030 ذات الاهداف والأولويات الكبرى ، بشرى لك يا استاد فالإصلاح بدأ منك وسينتهي بك فقد اصبحت كرامتك وهيبتك اخر شيء يفكر فيه ، وأنت الذي قيل في حقك الكثير من الاشعار والحكم في بلدان عرفت قدرك فقدرتك وبجلتك كما تستحق فكنت المربي والمعلم فأبدعت وطورت . أما في المغرب فالأستاذ فقد هيبته واستمر صمته طويلا كما أردت الدولة له، إلا أن الحملة التضامنية الاخيرة مع الاساتذة المتدربين أبانت عن حس نضالي يحتاج فقط من يؤطر بصدق دون انتهازية او مصلحة شخصية من أجل تشكيل جبهة وطنية قوية للتصدي الى كل ما يمس كرامة الاستاد وإعادة الهيبة له وتوقيره لما يقوم به من عمل وتضحية في سبيل تبليغ رسالته التربوية رغم كل الظروف الطبيعية والبشرية التي تواجهه.
قال علي الطنطاوي رحمه الله في حق مهنة التدريس ” لا يا ولدي ، لا تحرص على هده المهنة اتركها إن استطعت فهي محنة لا مهنة . هي ممات بطئ لا حياة . ان المعلم هو الشهيد المجهول الذي يعيش ويموت ولا يدري به احد ، ولا يذكره الناس إلا ليضحكوا على نوادره وحماقاته ” حكمة لخصت واقع الاستاد الذي يكرس حياته في سبيل انارة الطريق للأجيال وتعليمهم القيم الاخلاقية السامية وترسيخ المواطنة الغائبة في الواقع المعاش .
قف للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا