المؤسسة الدينية في المغرب: بين التسول و هيمنة وزارة الأوقاف (رؤية سوسيولوجية)

0 666

مبدئيا نؤمن أن السلطة السياسية تتغذى من الدينية. و هذا ما أكدته العديد من الدراسات و الأبحاث السوسيولوجية، و حتى الواقع الاجتماعي الراهن يعكس ذلك.

في بداية هذا المقال، تجدر الإشارة إلى أن أية محاولة لمقاربة الظاهرة الدينية داخل المجتمع المغربي، تسقطنا مباشرة في  مناقشة ما هو سياسي. ربما لأنه منذ القدم كانت الزوايا و الأضرحة والأولياء(باعتبارهما رموزا دينيا) تقوم  بأدوار حيوية داخل النسق الاجتماعي، و كانت إلى حد كبير وثيقة الارتباط بالنظام الحاكمة. قد تجدها في صراع و شقاق تارة، و قد تجدها تارة أخرى في توافق و انسجام. و هذا ما حدث لمجموعة من الزوايا داخل المجتمع المغربي. لكن سرعان ما أدرك النظام الحاكم أهميتها و مكانتها، مما فرض عليه ضرورة احتضانها و تسخيرها لخدمة مصالحه. بحيث لجأ  إلى تقديم العديد من الهدايا و الهيبات من أراض و أموال…لضمان ولاء تلك المؤسسات الدينية.

كانت هذه لمحة بسيطة عن علاقة ما هو ديني بما هو سياسي. و لأن موضوعنا لا يتمحور أساسا في هذه العلاقة سأكتفي بهذا، لأغرس في لب هذا الواقع المغربي المرير الذي أمسى يعيش سلوكات لا تمت للدين بصلة، و لا تقترب ولو بالقليل للدين الإسلامي، و تتنافى و الجانب الأخلاقي أيضا.

أولا, أتساءل لماذا كلما قمنا بأداء الصلوات في بيوت الرحمن نصادف -على الدوام- مجموعة من الشباب و الشيب يرتدون صدريات بتلاوين مختلفة  يشهرون ملصقات لمساجد براقة على الورق، و يستجدون المصلين، و حتى المارة المن بما يستطيعون  من المال كل حسب سعته لبناء بيت لله هنا أو هناك في زحام مع جحافل المتسولين و المتسولات، الذين تغص بهم مساجدنا و ما جاورها.

هل هذه مساجد رب العالمين أم مساجد عباده أم مساجد وزارة الأوقاف؟

ما أشد غرابة أن تبنى المساجد بالصدقات من  أموال المحسنين، و حين إنهاء المشروع الديني تضع الدولة يدها عليه فتبسط سلطتها فيه، من خلال (وزارة الأوقاف) أترف الوزارات على الإطلاق. أليس هذا استغلال لفئة اجتماعية؟ لماذا لا تتحمل الدولة مصاريف بناء المساجد إذا كانت رغبتها هي التسيير؟

قد تنتقدني سيدي القارئ، إذا قلت إن التسول أمام المساجد و في الأزقة قصد جمع المال لبناء مسجد لأداء الفرائض الدينية معرة (فعل شنيع). أعتقد أنه تقزيم و تنقيص من مكانة الدين الإسلامي. إنه التناقض يا عزيزي:  نتحدث عن دولة مغربية إسلامية، تغدق على تشييد مركبات و ملاه، و تنظيم مهرجانات فنية و رياضية بمليارات الدراهم، و لا تكلف نفسها عبء بناء المؤسسات الدينية.

في هذا الصدد كتب “الأستاذ عبد الكريم الوازيري”(أستاذ مادة الفلسفة،و طالب باحث في السوسيولوجيا من إقليم زاكورة )

و قال: “…دولة متخلفة حائرة بين الهويات فلا تعرف أية هوية تتبع، لم تعد تعرف أهي دولة ذات هوية إسلامية أم علمانية؟ إنها تمنع المصلين من الاعتكاف في المساجد. وتدعي أنها دولة القانون و المؤسسة، دولة الحرية المقدسة، ما دخل هذه الدولة في معتقدات الناس؟ فلنترك كلا يؤمن كيف شاء…”

هناك نقاش حاد على صفحات التواصل الاجتماعي، يخص قضية خطيرة جدا، و هي منع المصلين الذين دأبوا على الاعتكاف في المساجد في العشر الأواخر من رمضان من ذلك. و قد وصل هذا إلى حد دخول رجال الشرطة إلى داخل المسجد لإخراج المعتكفين منه. ربما المسألة تبدو للبعض عادية. إنها شكل من أشكال الاحتراز، لأن الإرهاب أصبح يقتات من فتات السلوك الديني. لكن أليس الزهد الديني و التصوف الحقيقي الذي أساسه التأمل و الخشوع هو أساس إدراك المعنى الصادق لحقيقة الإرهاب و خطورته ؟

ألا يصح القول أن الدولة من خلال هذه الممارسات تسخر أجهزتها الإيديولوجية لتعنيف الناس؟ إذا تم غير هذا فسنسقط في شرعنة اللاديمقراطية في بلد تدعي الديمقراطية و الإسلام السمح.                   لتستمر الحياة…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.