الذكرى الـ46 للمسيرة الخضراء..تخليد حدث نوعي في مسار تحقيق الوحدة الترابية

0 463

يحتفل الشعب المغربي يوم غد السبت في أجواء من الحماس الفياض و التعبئة المستمرة، اليقظة الموصولة حول قضية الوحدة الترابية، بالذكرى الـ46 للمسيرة الخضراء المظفرة، التي مكنت الشعب المغربي من استرجاع أقاليمه الجنوبية.

حيث ذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين و أعضاء جيش التحرير في مقال لها، أن هذا الحدث الجيلي و النوعي، الذي أبدعته عبقرية المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، و انطلقت فيه جماهير المتطوعين من كل شرائح المجتمع المغربي سنة 1975 صوب الأقاليم الجنوبية لتحريرها من براثن الاستعمار الإسباني، يجسد أروع صور التلاحم بين العرش العلوي و الشعب المغربي، من أجل استكمال الاستقلال الوطني و تحقيق الوحدة الترابية المقدسة.

و قد أظهر هذا الأسلوب الحضاري السلمي الفريد من نوعه للعالم أجمع، صمود المغاربة و إرادتهم الراسخة في استرجاع حقهم المسلوب، و عزمهم على إنهاء الوجود الأجنبي و الاستيطان الاستعماري، حيث حققت المسيرة الخضراء المظفرة أهدافها، و حطمت الحدود المصطنعة بين أبناء الوطن الواحد، مستندة إلى كتاب الله، و الدفاع عن حمى الوطن وحياضه، والتمسك بالفضيلة و بقيم السلم و السلام في استرداد الحق المسلوب والذود عنه.

في حين أن الواقع هو المغرب قدم تضحيات جسام في مواجهة الاحتلال الأجنبي، الذي جثم بثقله على التراب الوطني قرابة نصف قرن و جعل مهمة تحرير التراب الوطني صعبة و عسيرة، حيث بذل العرش و الشعب الغالي و النفيس في غمرة كفاح وطني متواصل الحلقات، طويل النفس، و متعدد الأشكال و الصيغ، لتحقيق الحرية و الاستقلال و الوحدة و الخلاص من ربقة الاستعمار المتحالف ضد وحدة المغرب.

و تحقق النصر المبين، و الهدف المنشود بانتصار الشرعية و المشروعية التاريخية، و عودة بطل التحرير و الاستقلال و المقاوم الأول المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، و الأسرة الملكية الشريفة من المنفى يوم 16 نونبر 1955، حاملا لواء الحرية و الاستقلال و السيادة الوطنية، و داعيا إلى مواصلة الجهاد الأصغر بالجهاد الأكبر من أجل بناء و إعلاء صروح المغرب الجديد الناهض والمتقدم.

و هكذا، شكلت نهاية عهد الحماية بداية لملحمة الجهاد الأكبر الاقتصادي والاجتماعي وإعلاء صروح الوطن، الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال.

في هذا المضمار، كان انطلاق عمليات جيش التحرير بالأقاليم الجنوبية سنة 1956 لاستكمال الاستقلال الوطني وتحرير الأجزاء المغتصبة من التراب الوطني، و استمرت مسيرة التحرير بقيادة بطل التحرير و الاستقلال و المقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس، بعزم قوي و إرادة صلبة ليتحقق استرجاع إقليم طرفاية في 15 أبريل 1958.

و واصل المغرب في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني نضاله، فاسترجع مدينة سيدي إفني يوم 30 يونيو 1969، و تكلل سعيه بالمسيرة التاريخية الكبرى ليوم 6 نونبر 1975، حيث كان النصر حليف المغاربة، و ارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976، إيذانا بانتهاء فترة الاحتلال والوجود الأجنبي بربوع الصحراء المغربية، وتلاها استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979.

استمرت ملحمة صيانة الوحدة الترابية لإحباط مناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة، تحت قيادة باعث النهضة المغربية الملك محمد السادس، إذ يقف المغرب، اليوم، ثابتا في الدفاع عن حقوقه المشروعة مبرزا، بإجماعه التام، استماتته في صيانة وحدته الترابية، ومؤكدا للعالم أجمع إرادته القوية وتجنده الموصول دفاعا عن مغربية صحرائه، ومبادرته الجادة لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل بالمنطقة المغاربية الذي طال أمده جراء تعنت وعناد خصوم الوحدة الترابية والمناوئين لحقوق المغرب على أراضيه المسترجعة.

و يأتي القرار رقم 2602 الصادر عن مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي، بخصوص قضية الصحراء، وهو قرار تم اعتماده بأغلبية 13 صوتا بينهم أربعة دول كبرى من الأعضاء الدائمين في المجلس، في مقابل امتناع دولتين فقط عن التصويت هما روسيا وتونس، كتتويج للانتصارات الدبلوماسية التي حققها المغرب، خاصة ما يتعلق منها بتقلص عدد الدول المعترفة بشرعية الكيان الوهمي، وإعتراف الولايات المتحدة الأمريكية الصريح بمغربية الصحراء، فضلا عن العملية البطولية السلمية الناجحة للقوات المسلحة الملكية من أجل تأمين معبر الكركرات لضمان استمرارية الحركة التجارية نحو البلدان الإفريقية جنوب الصحراء.

تتجلى أهمية القرار الجديد لمجلس الأمن، كذلك، في تأكيده على أهمية المبادرة المغربية للحكم الذاتي كإطار واقعي وعملي وذي مصداقية كأفق وحيد لتسوية ملف الصحراء، إضافة إلى تعبير مجلس الأمن عن انشغاله العميق من إعلان +البوليساريو+ رسميا خرقه لاتفاقات وقف إطلاق النار، في مقابل تجديد المغرب لتمسكه بالتزاماته.

علاوة على ذلك، اعتبر القرار الأممي الجزائر طرفا رئيسيا مسؤولا في هذا النزاع المفتعل، حيث وردت الجزائر خمس مرات مثل المغرب، كما أكد أن المفاوضات من خلال الموائد المستديرة بمشاركة كل الأطراف هي الآلية الوحيدة لتدبير مسلسل الوصول إلى الحل الواقعي والمتوافق عليه.

و في هذا الإطار، و”استحضارا منها لهذه الملحمة التاريخية الغنية بالدروس والدلالات والقيم”، تجدد أسرة المقاومة وجيش التحرير التأكيد على موقفها الثابت من قضية الوحدة الترابية بالتأكيد على مغربية الصحراء، والإعلان عن وقوفها ضد مناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة، ومخططات المتربصين بسيادة المغرب على كامل ترابه المقدس الذي لا تنازل ولا مساومة في شبر منه.

و أكدت المندوبية، في مقالها، أن المغرب “سيظل متمسكا بروابط الإخاء، التعاون، حسن الجوار و السعي في اتجاه بناء الاتحاد المغاربي و تحقيق وحدة شعوبه، إيمانا منه بضرورة إيجاد حل سلمي واقعي و متفاوض عليه لإنهاء النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية، و في هذا النطاق تندرج مبادرة منح حكم ذاتي موسع لأقاليمنا الصحراوية في ظل السيادة المغربية”.

كما أعلنت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير عن تنظيم مهرجان خطابي رمزي، اليوم الجمعة بالرباط، ستلقى خلاله كلمات و عروض وشهادات حول هذا الحدث التاريخي الجيلي و النوعي، “الزاخر بالدروس، العبر و الطافح بقيم الوطنية الحقة و المواطنة الايجابية و الباعث على الاعتزاز بالانتماء الوطني و التمسك بالهوية المغربية”.

و أشارت إلى أنه سيتم أيضا، تكريم صفوة من قدماء المقاومين و أعضاء جيش التحرير، جريا على التقليد الموصول، ترسيخا للسنة المحمودة، برورا وعرفانا برجالات المغرب الأبرار الذين أخلصوا للوطن و أسدوا و ضحوا ذودا عن حريته و استقلاله و وحدته الترابية.

أضافت المندوبية أنه ستقام في سائر جهات، عمالات و أقاليم المملكة أنشطة و فعاليات بالمناسبة تشرف عليها النيابات الجهوية، الإقليمية و المكاتب المحلية و فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة و التحرير، من ندوات و محاضرات حضورية وعن بعد، بما فيها عرض إصدارات المندوبية، و تنظيم زيارات استطلاعية و تفقدية لفائدة الفئات العمرية على اختلافها لفضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة و التحرير البالغ تعدادها 95 وحدة-فضاء في كافة جهات، عمالات و أقاليم المملكة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.