تنفس العاملون في السياحة بالمغرب الصعداء، بعد قرار السلطات إعادة فتح الحدود الجوية التي ظلت مغلقة منذ نهاية نونببر الماضي، بسبب مخاوف الوباء.
حيث يتوقع العاملون في القطاع أن هذا القرار سيخفف بشكل كبير من حدة الركود، الذي يعاني منه مجموعة من المهنيين على المستوى الوطني بشكل عام، كما أنه يرتقب أن يسترجع القطاع جزءا من حيويته و نشاطه اللذين فقدهما منذ مدة ليست بالقصيرة.
و أعاد المغرب الإثنين 7 فبراير، فتح أجوائه أمام رحلات الركاب الدولية بعد إغلاق دام أكثر من شهرين لمكافحة تفشي المتحّور أوميكرون، في خطوة يؤمل منها أيضاً إنقاذ قطاع السياحة الذي سجل خسائر فادحة بسبب الأزمة الصحية.
إنتعاش “مؤكد” لكن بعد أشهر :
بحسب الخبير في مجال السياحة، الزبير بوحوت، فإن فتح الأجواء سينعش القطاع السياحي بالمغرب، على إعتبار أن المملكة تعتمد بشكل كبير على السياحة الدولية، بحيث تشير الأرقام إلى أن سبعين في المئة من ليالي المبيت في الفنادق و مؤسسات الإيواء مصدرها السياحة الدولية.
فيما أكد الباحث في هذا السياق لموقع “سكاي نيوز عربية” أن السياحة الدولية تنعش خزينة المغرب بما يناهز ثمانين مليار درهم سنويا و هو ما يعادل 8.5 مليارات دولار. و لهذا فإن قرار فتح الأجواء مهم جدا و ذلك بعد حوالي سنتين من الأزمة التي أنهكت القطاع السياحي و جعلته يفقد حوالي %80 من عائداته خلال سنة 2020، و ما يقترب من %72 في سنة 2021.
بوحوت أوضح أيضا أن مهنيي السياحة ينتظرون تخفيفا للإجراءات الإحترازية التي فرضتها السلطات من أجل دخول التراب الوطني، مؤكدا أن وجهات منافسة للمغرب خففت شروط الدخول إليها، و هو ما يستدعي أن تقوم الرباط بتخفيف إجراءات الدخول لك لا يكون لها تأثير سلبي على إقبال السياح الأجانب على الوجهة المغربية.
كما أورد الخبير في مجال السياحة، أن المغرب بفضل موقعه الجغرافي يتمتع بجاذبية كبيرة لا سيما بالنسبة للدول الأوروبية. و قال في معرض حديثه” أكيد أن قطاع السياحة مقبل على إنتعاش، و لكن حتى نكون واقعيين، فإن الإنتعاش الحقيقي لن يكون قبل شهر أبريل المقبل لا سيما بعد شهر رمضان، لأن حجم الرحلات المبرمجة إلى حدود الآن ما يزال ضعيفا.”
في نظر الزبير بوحوت، فإن ما يجب التركيز عليه حاليا هو تكثيف الزيارات الميدانية للمكتب الوطني للسياحة و الفاعلين السياحيين من أجل إسترجاع الثقة و توقيع الإتفاقيات مع الوكالات السياحية الكبرى بالأساس، لكي تلتزم هذه الأخيرة بتسويق حجم كبير من الليالي السياحية لصالح المغرب، خلال الصيف المقبل و كذا مع شركات الطيران العالمية.
فقال إنه على المغرب أن يبصم على عودته بقوة ضمن المعارض السياحية العالمية التي ستنطلق إبتداء من شهر مارس، و ذلك للتعريف بمجهوداته في مجال مكافحة إنتشار الوباء و بالأرقام المتقدمة التي تم تسجيلها فيما يتعلق بالتلقيح ضد وباء كورونا.
تراجع كبير في مداخيل السياحة :
من جانبه علق الأستاذ المبرز في الإقتصاد بالتعليم التقني العالي، الحسين الفرواح، على فتح الأجواء بعد إغلاقها لمدة تزيد عن شهرين قائلا “عودة الحركة إلى مطارات المملكة من شأنها أن تنعش السياحة المغربية و لكن بشكل تدريجي؛ مع تواصل الإجراءات الإحترازية لمواجهة الجائحة و الإستمرار في تعليق رحلات المسافرين عبر المعابر البحرية فإن ذلك سيستغرق بعض الوقت.”
أكد المتحدث في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربي” أن المخطط الإستعجالي الحكومي لإنعاش قطاع السياحة الذي رُصد له غلاف مالي قدره ملياريْ درهم (حوالي 210 ملايين دولار)، جزء منه عبارة عن دعم مالي مباشر للقطاع الفندقي، سيساهم بشكل كبير في إعطاء نفس جديد للنشاط السياحي رغم أن هذا الدعم لا يشمل مختلف أنشطة سلاسل القيمة بالقطاع”.
لفت الخبير في الإقتصاد إلى أن القطاع السياحي المغربي يساهم بسبعة في المئة في الناتج الداخلي الخام و يُشغل بشكل مباشر خمسة في المئة من الساكنة النشيطة، بمعنى أنه يوفر 550 ألف منصب شغل مباشر حسب معطيات المكتب الوطني المغربي للسياحة لسنة 2019.
إستطرد الفرواح قائلا “بسبب الجائحة تراجعت مداخيل الأسفار من 78.7 مليار درهم سنة 2019 إلى 34.3 مليار درهم فقط، السنة الماضية، حسب مكتب الصرف، مع تراجع عدد السياح الوافدين بـ% 79 و عدد ليالي المبيت المسجلة في مؤسسات الإيواء السياحي بشكل كبير”.
أكد أن إنعاش القطاع يحتاج إلى خطوات ضورية، منها ما هو هيكلي، مثل الحوكمة و تأهيل الرأسمال البشري و توفير التمويل الملائم و تنويع العرض السياحي، و ثمة أيضا ما هو ظرفي كفتح المعابر البحرية في وجه المسافرين و التسويق السياحي للعرض المتوفر و تقديم المزيد من الدعم للقطاع.”
حدود بحرية مغلقة :
رغم قرار فتح الحدود الجوية، فإن السلطات المغربية فضلت التريث قبل فتح الرحلات البحرية.
قررت وزارة النقل و اللوجيستيك، من خلال مديرية الملاحة البحرية و التجارية التابعة لها، تأجيل موعد إستئناف الرحلات البحرية، مكتفية بالتأكيد على إستمرارية الإغلاق في وجه الرحلات إلى إشعار لاحق بسبب الوضعية الوبائية في العالم.
يسري قرار إستمرارية إغلاق مديرية الملاحة البحرية و التجارية للموانئ المغربية في وجه الرحلات على وسائل النقل الدولية من شاحنات لنقل البضائع و نقل الإرساليات، حسب ما جاء في بلاغ المديرية.