الضمير المستتر
الضمير المستتر … عنوان في كنه يحيل على اللغة العربية الفصحى و قواعدها ، لكنني هنا و ظفته كعنوان مجازي للتعبير عن موضوع آخر لا علاقة له باللغة العربية أو حتى بغيرها من اللغات الأخرى ، هو موضوع لا يعدو أن يكون تعبيرا عن معانات الإنسان المغربي في ظل التقلبات الإقتصادية و السياسية التي يعرفها المغرب و العالم العربي و العالم قاطبة ، أرخى الربيع العربي ستاره علينا و أتانا بمجموعة من الإصلاحات ، إصلاحات قادها ملكنا الشاب ، و على رأسها الدستور الجديد و الذي نتمنى أن يكون فأل خير على المغاربة قاطبة … لكن و في خضم كل هذ التغييرات و الاصلاحات التي يسعى إليها ملكنا الشاب فإننا نلاحظ مجموعة من المتناقضات التي نرى فيها هدما لما يحاول ملكنا أعزه الله و أيده بنصره إنجازه ، و على رأس هذه الأمور نذكر على سبيل المثال لا الحصر :
كما جاء في الدستور الجديد فإن المملكة المغربية دولة إسلامية دينا مالكية مذهبا أشعرية العقيدة … هذا ما جاءنا به الدستور لكن الواقع يضرب في صميم ما نص عليه الدستور ، و لست أعني هنا أن الدولة مغايرة لذلك ، لكنني أريد التلميح إلى معانات كامنة وراء هذا النص ، فمما لا جدل فيه أنه في أي دولة تتبنى دينا ما { الاسلام – المسيحية – اليهودية …} فإنها تكرم كل من كان له يد في نشر الدين و وعظ الناس ، إلا أننا في المغرب نجد العكس تماما حيث نجد أن أكثر الناس معانات في المغرب من سوء المعيشة و تدني الأجرة هم أئمة المساجد و وعاظها و مؤذنوها ، حيث أن أجرتهم لا تتعدى بضع دريهمات مما جادت به عليهم وزارة السيد التوفيق ” وزارة الأوقاف “- أغنى وزارة على الورق – لما تتمتع به من وقف في سبيل الله إلا أننا لا نرى ما وقف في سبيل الله يصرف على من في خدمة بيوت الله ، و لا ندري في أي وجه تصرف هذه أموال الوزارة … كما أننا في هذه الأوقات نرى أن مجموعة من الأشخاص يقفون أمام بيوت الله يسألون الناس العون من أجل بناء مسجد أو من أجل تسديد أجرة عمال المسجد … عجبا لبلاد تشتهر بطول ذات اليد فيما يخص الفقه و حفظ القرآن و الوعظ و الإرشاد أن يؤول بها الأمر إلى ماهي عليه اليوم ، فقهاء و أئمة يعانون تردي الأجرة و المعيشة و آخرون يفكرون في الرحيل و الهجرة إلى دول تقدرهم ماديا و معنويا ، لعلهم يجدون بها ملاذا آمنا و وزارة تتفهم وضعيتهم المعيشية .
وم من سفه الأمر و غريبه أن نرى في برامجنا الحوارية على قنواتنا ” الفضاحية ” نقاشات تسعى إلى تضليل المواطن و تضييع وقته في نقاشات لا فائدة منها … نناقش برامج التعليم و نحن نهين رجال التعليم . نناقش في الدين و نحن نجرد رجالاته من أدنى حقوقهم ،ففي الوقت الذي يتقاضا فيه النائب البرلماني المحترم ما يناهز الأربعة ملايين سنتيم شهريا ، دون احتساب مصاريف النقل و الهندام و هلم جرا … نجد في الضفة الأخرى أئئمة المساجد و مؤذنيه إضافة إلى عمال النظافة – الانعاش – يتمنون تقاضي هذي الأجرة الضخمة مقابل عمل سنة كاملة… إذا فعجبا لبلد اسستر فيه الضمير .
الناصري الحسين