الذكرى الـ66 لتأسيس القوات المسلحة الملكية..مناسبة لإستحضار المنجزات الكبرى لعناصرها
تحل اليوم السبت، الذكرى الـ66 لتأسيس القوات المسلحة الملكية (14 ماي 1956)، و هي مناسبة لإستحضار المنجزات الكبرى و التضحيات الجسام التي تبذلها هذه القوات، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى و رئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية.
حيث تشكل هذه الذكرى مناسبة لإستحضار الرؤية الحكيمة لجلالة المغفور له محمد الخامس الذي سارع، بمجرد بزوغ فجر الإستقلال، إلى تكليف ولي عهده آنذاك جلالة المغفور له الحسن الثاني بتشكيل النواة الأولى للقوات المسلحة الملكية، و كذا مدى حرص جلالة المغفور له الحسن الثاني، ثم صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على إيلاء عناية خاصة لهذه المؤسسة، من أجل تحديث و تجهيز وحداتها، و توفير كل السبل والوسائل الضرورية، حتى صارت اليوم الحصن الحصين لحماية الوطن و الدفاع عن مقدساته و مكتسباته.
إلى اليوم تحافظ هذه الذكرى على حمولتها الممتدة في التاريخ بإعتبارها حدثا وطنيا مكتوبا بمداد من ذهب في سجل هذه المؤسسة التي تسهر على الدفاع عن المصالح العليا للأمة، و التصدي لكل محاولات المس بسيادة المغرب و وحدته الترابية و إستقراره، و حماية أرواح المواطنين و صحتهم و ممتلكاتهم.
كما تشكل هذه الذكرى مناسبة متجددة للإحتفاء بالروح الوطنية و نكران الذات و البسالة التي أبان عنها نساء و رجال القوات المسلحة الملكية، سواء في مهمة الدفاع عن ثوابت الأمة، مقدساتها و سيادتها الوطنية، أو في المهام الإنسانية و عمليات حفظ السلام في عدة مناطق من العالم، في وفاء تام لشعار المملكة الخالد “الله، الوطن، الملك”.
و قد تميزت سنة 2021 بالعديد من الأحداث بالنسبة للقوات المسلحة الملكية، من بينها الخدمة العسكرية و مكافحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، والتعبئة لتقديم الإغاثة و المساعدة للسكان الذين قد يتأثرون بسوء الأحوال الجوية.
فبخصوص الخدمة العسكرية، أبانت القوات المسلحة الملكية عن تدبير و تأطير نموذجي في كل المراحل التي واكبت عملية إدماج المجندات و المجندين الذين تم إستدعاؤهم، من توفير للبنيات التحتية، الأطر التدريسية و الموارد البيداغوجية، بغية تمكين الشباب المغربي من تكوين مهني تطبيقي، يلائم طموحاتهم في الإندماج في النسيج المجتمعي، و الإنخراط في مشاريع البناء و التشييد، بروح الوطنية و المسؤولية.
أما في ما يتعلق بمكافحة فيروس كورونا و تجاوز تداعياته الصحية، الإجتماعية و الإقتصادية، إنخرطت القوات المسلحة الملكية بقوة في إطار التعبئة الوطنية ضد هذا الوباء.
في هذا الصدد، أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى و رئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تعليماته السامية لإشراك القوات المسلحة الملكية في مهمة مكافحة هذا الوباء، و ذلك من خلال تدخلات عدة، سواء داخل المغرب، كالمشاركة في حملة التلقيح، أو خارجه، من خلال إرسال المساعدات للعديد من الدول الشقيقة و الصديقة على متن طائرات تابعة للقوات المسلحة الملكية.
فقد تعبأت المصالح الصحية للقوات المسلحة الملكية للمساهمة في الجهود الوطنية و المشاركة بنشاط في هذه المعركة بدون هوادة لمكافحة الوباء.
بالفعل، فقد برهن أفراد القوات المسلحة الملكية على مهنية عالية خلال مشاركتهم إلى جانب باقي المتدخلين في تدبير هذه الجائحة، من خلال سرعة إقامة و تجهيز مستشفيات عسكرية ميدانية، و تسخير عدد من المراكز التابعة للقوات المسلحة الملكية ذات الطاقة الإستيعابية الكبيرة، علاوة على تعزيز المراكز الإستشفائية التابعة لوزارة الصحة بأطقم طبية و أطر تمريضية و إجتماعية.
أما في مجال تقديم الإغاثة و المساعدة للسكان الذين قد يتأثرون بسوء الأحوال الجوية و موجات البرد القارس و التقلبات المناخية في فصل الشتاء، فقد عبأت القوات المسلحة الملكية موارد بشرية و مادية و جندت مختلف مكوناتها البرية و الجوية و الطبية قصد تقديم الإغاثة و المساعدة، إذا لزم الأمر، للسكان الذين قد يتأثرون بهذه الأحوال الجوية السيئة بتعاون مع السلطات المحلية، و ذلك تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى و رئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية.
بنفس الروح العالية من الإنضباط و التفاني التي تميز مجهودات القوات المسلحة الملكية داخل الوطن، تواصل تجريدات هذه المؤسسة الوطنية تأدية مهامها النبيلة في إطار عمليات حفظ السلام عبر العالم، مسجلة بذلك إنخراطها لفائدة قيم السلام، الأمن و التضامن في العالم.
بالفعل فإن ذلك يبرز الإنخراط الفعال للمملكة المغربية منذ سنة 1960 في خدمة مبادئ السلام و الأمن عبر العالم، و أيضا لتقاسم الخبرة المكتسبة من طرف القبعات الزرق المغاربة من أجل الدفاع عن القيم الكونية للتضامن، الكرامة و العمل الإنساني عبر إرسال تجريدات تابعة للقوات المسلحة الملكية، تحت راية الأمم المتحدة، بمختلف القارات.
و لا شك أن سنة 2021 ستظل شاهدة، أيضا، على المهنية العالية للتجريدات التابعة للقوات المسلحة الملكية، حيث تم توشيح حوالي 752 من عناصر القبعات الزرق التابعين لتجريدة القوات المسلحة الملكية في “بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الإستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى” (مينوسكا)، و ثلاثة ملاحظين عسكريين بميداليات الأمم المتحدة، و ذلك لمساهمتهم في عودة السلام إلى هذا البلد.
في إطار التعاون العسكري، نظمت القوات المسلحة الملكية العديد من الأنشطة همت تمارين و دورات تكوينية و منتديات، منها على سبيل الذكر لا الحصر، إحتضان المملكة المغربية، التي تتولى الرئاسة برسم سنة 2022، يومي 29 و 30 مارس الماضي بالرباط، بتعليمات سامية من جلالة الملك، القائد الأعلى و رئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، الإجتماع الرابع و الثلاثين للجنة المديرية للبلدان الأعضاء في مبادرة 5+5 دفاع.
يتعلق الأمر أيضا بالمباحثات بين البحرية الملكية و القوات البحرية الأمريكية في إفريقيا يوم 22 فبراير، و إجتماع التخطيط الرئيسي لتمرين “الأسد الإفريقي” الذي جرى بأكادير، من 21 إلى 25 مارس 2022، و تكوين على الموجات فوق الصوتية عند نقطة التدخل في الفترة من 21 إلى 25 فبراير، و آخر على إزالة الألغام للأغراض الإنسانية و إبطال مفعول العبوات الناسفة في القنيطرة، بالإضافة إلى دورة أولى من تدريب في مجال القوات الخاصة في الفترة من 24 يناير إلى 22 مارس.
همت هذه الأنشطة أيضا إستضافة المدرسة الملكية للتعليم العسكري العالي، يومي 3 و 4 فبراير الماضي، فعاليات الندوة الإعلامية المخصصة للذكاء الاصطناعي (IA) في مجال الدفاع، التي قام بتنشيطها خبراء بارزون و الذين أبرزوا الذكاء الإصطناعي كأداة لعلم البيانات، الحكامة، التفوق التشغيلي و اللوجستي .
هكذا، تواصل القوات المسلحة الملكية ترسيخ إسمها، من خلال التضحيات التي تبذلها و الأعمال المحمودة التي تقوم بها خدمة للوطن، المواطنين و الإنسانية بشكل عام، في ذاكرة الشعب المغربي، الذي يخلد بإعتزاز كبير ذكرى تأسيس هذه المؤسسة العتيدة، التي باتت رمزا للسيادة الوطنية و درعا للأمة و فخرا لها.