سلطات جهة مراكش – آسفي تكشف الجهود المكثفة و تعبئة جماعية بجهة مراكش لرفع تحديات الإجهاد المائي

0 215

كثفت سلطات جهة مراكش – آسفي، طيلة سنة 2022، من جهودها و اتخذت إجراءات استعجالية لرفع تحديات الإجهاد المائي و الندرة في هذه المادة الحيوية، و ذلك جراء شح التساقطات المطرية، و توالي سنوات من الجفاف، زادت من حدتها التغيرات المناخية، التي لم يبق المغرب في منأى عن تأثيراتها كما هو الشأن في مختلف بقاع العالم.

فعلى غرار العديد من جهات ومناطق المملكة، شهدت جهة مراكش – آسفي ظروفا مناخية “صعبة”، طبعها شح في الأمطار، وخيم عليها شبح الجفاف، الذي انعكس سلبا على المياه الجوفية وحقينات السدود بالجهة، التي تراجع حجم المياه الواردة عليها، مما استلزم مضاعفة الجهود لتأمين التزويد بالماء، سواء بالمناطق النائية، من قرى ودواوير، أو على مستوى حواضر الجهة ومدنها.

الحالة الهيدرولوجية

وبلغة الأرقام، فقد ناهزت نسبة العجز في العرض المائي بجهة مراكش – آسفي، خلال السنة الهيدرولوجية 2021- 2022، استنادا لمعطيات رسمية، 40 بالمئة، بالمقارنة مع المعدل السنوي، ف”النقص الحاصل في المياه هذه السنة، والذي وصل إلى حوالي 163مترا مكعبا، يعادل عجز أربع سنوات”، علما بأن الجهة تضم 9 سدود كبيرة، و33 سدا صغيرا، و3 أخرى تمت برمجتها.

ومما لاشك فيه أن هذه النسبة تبقى “مرتفعة” إلى حد ما بالنسبة لجهة تعرف دينامية مضطردة وطفرة على صعيد كافة القطاعات الاقتصادية والانتاجية، من قبيل السياحة، والصناعة، والفلاحة..، والتي تستهلك الوحدات العاملة فيها كميات كبيرة من المياه، على مدار السنة.

برامج تعبئة الإمكانات المائية

ووعيا منها بالحالة التي وصلت إليها الموارد المائية، بادرت سلطات جهة مراكش – آسفي، إلى وضع برامج طموحة موجهة لتعبئة الإمكانات المائية، تندرج في إطار تفعيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي (2020-2027)، الذي تمت بلورته تطبيقا للتوجيهات السامية للملك محمد السادس.

وتتوزع هذه البرامج على عدد من المحاور الرئيسية، ممثلة، على الخصوص، في تعزيز العرض المائي السطحي بواسطة السدود، واقتصاد وتثمين الماء في القطاع الفلاحي، والتزويد بالماء الصالح للشرب في المجال القروي، بالإضافة إلى إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة.

فبخصوص تعزيز العرض المائي السطحي، تتضمن البرامج المسطرة، بالأساس، إنجاز ثلاثة سدود، منها سدان في طور الإنجاز بسعة 227 مليون متر مكعب، وبرمجة سد مستقبلي بسعة 140 مليون متر مكعب، وكذا برمجة إنجاز محطة لتحلية مياه البحر بمدينة آسفي، بطاقة إنتاجية تقدر بـ26 ألف متر مكعب في اليوم.

وفي ما يتعلق باقتصاد الماء في القطاع الفلاحي، تشمل هذه البرامج، إنجاز مشاريع التحويل الجماعي والفردي لنظم السقي على مساحة تقدر بحوالي 35 ألف هكتار إضافية، بغلاف مالي يقدر بـ1.785 مليون درهم، بينما تبلغ كلفة المشاريع المخطط لها لتزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب 6,34 مليار درهم، برسم الفترة (2020- 2027)، فضلا عن تخصيص اعتمادات تصل إلى 2,7 مليار درهم لمشاريع التزويد بالماء الصالح للشرب ضمن برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية للعالم القروي (2017 – 2023).

أما بالنسبة لإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، فيتعلق الأمر، أساسا، باستغلال موارد مائية متجددة تقدر بـ33 مليون متر مكعب سنويا، عبر تعبئة استثمارات مالية لهذه المشاريع تصل إلى 1505 مليون درهم، والتي تهم معالجة المياه العادمة وتحديد قدرة محطة المعالجة.

وستمكن هذه المشاريع من اقتصاد 474 مليون متر مكعب من المياه في أفق العام 2040 والمحافظة على حاجيات المياه السنوية لساكنة مدينة مراكش.

من جهته، صادق مجلس الجهة، في شهر مارس الماضي، على مشروع اتفاقية شراكة لتمويل البرنامج الاستعجالي والمهيكل لقطاع الماء بالجهة، والذي يرمي إلى تأمين إمدادات الماء الصالح للشرب لبعض المدن والمراكز بسبب الوضعية الهيدرولوجية المائية للحوض المائي لتانسيفت، من خلال تنفيذ إجراءات عاجلة، حيث خصصت لهذا الغرض ميزانية تقدر ب 522 مليون درهم.

بدورها، أكدت وزارة التجهيز والماء أنها ستسهر على تفعيل وتنزيل مضامين هذه الاتفاقية عبر تسريع وتيرة أشغال إنجاز السدود، ومواصلة مجهودات استكشاف الفرشات المائية لتعبئة موارد مائية إضافية من أجل تلبية الحاجيات المتزايدة من مياه الشرب، وتقديم الدعم المالي والتقني لوكالة الحوض المائي لتانسيفت لإنجاز العمليات المستعجلة والظرفية لتوفير مياه الشرب على مستوى الحوض، إضافة إلى الشروع في استغلال قناة جلب الماء من “سد المسيرة” لتقوية الموارد المعبأة لفائدة مدينة مراكش والمراكز المجاورة للقناة الواقعة في تراب إقليم الرحامنة.

تدابير استباقية.. لجنة لليقظة وإجراءات لترشيد الاستهلاك

وإذا كانت هذه البرامج الطموحة والممتدة في الزمن تستهدف جهة مراكش- آسفي برمتها، فإن سلطات الجهة سارعت، ضمن جهودها الحثيثة لمواجهة ندرة المياه وتعبئة كافة الامكانيات لتوفيرها، إلى اتخاذ قرارات موجهة خصيصا للمدينة الحمراء، كبرى حواضر الجهة، التي أفردت لها سلسلة من التدابير والإجراءات والبرامج الاستعجالية، هدفت في مجملها إلى تأمين تزويد ساكنتها بالماء الصالح للشرب، في المقام الأول، ثم عقلنة استعماله وترشيد استهلاكه.

وتمثلت أولى هذه القرارات في تشكيل لجنة لليقظة، في وقت مبكر، وتحديدا منذ شهر دجنبر من سنة 2021، تجتمع بشكل دوري لتقرر بشأن الإجراءات التي تتخذها تبعا لتطورات الوضعية المائية بالجهة.

وهكذا، وضعت لجنة اليقظة برنامج عمل استعجالي “يعتمد بالأساس على ترشيد الطلب المائي عبر تحسيس المستهلكين الكبار، وتقنين مؤقت لبعض الأنشطة المستهلكة للماء في المدار الحضري”.

وهمت الإجراءات المتخذة، على الخصوص، التعميم التدريجي لاستخدام الموارد المائية غير التقليدية (المياه العادمة المعالجة)، انطلاقا من محطة معالجة المياه العادمة لسقي المساحات الخضراء بمدينة مراكش، ممثلة في ما مجموعه 26 مساحة خضراء وحديقة، تمتد على مساحة إجمالية تبلغ 228 هكتارا، بمبلغ إجمالي فاق 64 مليون درهم.

كما تم إنشاء مأخذ للمياه العادمة المعالجة، وذلك بهدف تشجيع استخدام هذه المياه عند الحاجة، حيث استهدفت هذه العملية بالدرجة الأولى مقاولات التنظيف والأشغال.

ومن أجل ترشيد الطلب على الماء الصالح للشرب وعقلنة توزيعه، تم اتخاذ وتفعيل عدة إجراءات تشمل برنامجا طموحا للكشف عن التسربات المائية التحت أرضية، وتوجيه رسائل نصية لزيادة الوعي حول الحفاظ على الموارد المائية، فضلا عن إجراء مهمات تدقيق وافتحاص للكفاءة المائية بالنسبة لكبار مستهلكي الماء الصالح للشرب (إدارات، مدارس، مستشفيات، فنادق، مساجد..).

وتمثل الهدف من هذا الإجراء، في تزويد هذه المؤسسات (حوالي 100 مؤسسة) بتشخيص دقيق، مصحوبا بخطة عمل تهدف إلى الرزانة والترشيد في استعمال الماء.

من جهتها، تجندت كل من الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بمراكش، ووكالة الحوض المائي لتانسيفت وكذا المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، ضمن مقاربة للتدبير التشاركي، للعمل معا من أجل تدبير فترة وصفت ب”الصعبة”، عبر إنجاز استثمارات ضخمة قصد ضمان تأمين تزويد مدينة مراكش بالماء الصالح للشرب انطلاقا من سد المسيرة.

وفي هذا الاتجاه، أكدت الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بمراكش، ووكالة الحوض المائي لتانسيفت والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب أن هناك حاجة إلى استدامة تفعيل هذه الإجراءات، بالإضافة إلى التعبئة الجماعية لضمان تأمين تزويد المدينة الحمراء بالماء الصالح للشرب.

وعلى صعيد متصل بزيادة تأمين تزويد المدينة الحمراء بالمياه الصالحة للشرب، قامت الوكالة بتشييد خزان هيدروليكي ثالث بشمال مراكش، تبلغ مساحته 30 ألف متر مكعب، بتكلفة إجمالية بلغت 50 مليون درهم، مصحوبا بإنجاز قناة تزويد رئيسية في كل من شمال، شرق وغرب المدينة، باستثمارات ناهزت 100 مليون درهم، حيث مكن هذا الخزان من رفع السعة التخزينية إلى 165.500 متر مكعب.

وإذا كانت هذه الإجراءات والبرامج الاستعجالية قد أثبتت فعاليتها وأتت أكلها، بحيث يتم تأمين تزويد المدينة الحمراء وباقي مدن الجهة بالماء الصالح للشرب بشكل منتظم وعاد، فإن التساقطات المطرية التي شهدتها عدد من مناطق الجهة، في الآونة الأخيرة، أحيت الآمال، إذ ساهمت في إنعاش الفرشات والمياه الجوفية، وأكثر من ذلك في الرفع من حقينات السدود الرئيسية بالجهة، التي بلغت، إلى غاية 18 دجنبر الجاري، 38ر125 مليون متر مكعب بنسبة ملء قدرها 45ر33 بالمائة، مقابل 105 ملايين متر مكعب (28 بالمئة) في الفترة ذاتها من السنة الماضية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.