تظاهرة ثقافية تسلط الضوء على ثراء وتنوع التراث المعماري والعمراني لمراكش

0 264

كان قصر البديع بمراكش، أمس الخميس، على موعد مع تظاهرة ثقافية رامت تسليط الضوء على ثراء وتنوع التراث المعماري والعمراني للمدينة الحمراء.

وشارك في هذه التظاهرة الثقافية الفريدة، التي نظمتها المديرية الجهوية للثقافة بمراكش – آسفي، بمعية محافظة قصر البديع، وجمعية “تراث”، والكرسي العلمي للتراث المعماري والعمراني المغربي الأندلسي التابع لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير، عدد من الشركاء لإبراز ثراء وتنوع التراث المعماري والعمراني بهذه الحاضرة العريقة، وبحث السبل القمينة بجعله في خدمة الدينامية الشاملة التي تعيش على وقعها مدينة النخيل.

وينطوي برنامج هذه التظاهرة الثقافية، الغني والمتنوع، على تنظيم معرض لمجموعة من الصور الجوية والخرائط والتصاميم المعمارية الفريدة لمدينة مراكش، بما في ذلك التصميم البرتغالي لسنة 1589 الذي أنجزه “أنطونيو دي كونسياسادو”، بالإضافة إلى مطبوعة “ماثام” التي يرجع تاريخها إلى سنة 1680 وتعتبر كنزا حقيقيا للمدينة الحمراء.

وفي كلمة بالمناسبة، قالت محافظة قصر البديع، حسناء الحداوي، إن هذه التظاهرة الثقافية تأتي في إطار شهر التراث الذي دأبت وزارة الشباب والثقافة والتواصل على تنظيمه من 18 أبريل الذي يصادف اليوم العالمي للمباني التاريخية، إلى 18 ماي الذي يتزامن مع اليوم العالمي للمتاحف.

وكشفت أنها تأتي أيضا “تثمينا للموروث الثقافي الحضاري للمدينة الحمراء المتعددة روافده”، مشيرة إلى أن المديرية الجهوية للثقافة بمراكش – آسفي سطرت برنامجا ثقافيا متنوعا، تحت شعار “تراث الجهة.. الحفظ والإتاحة”.

وأوضحت أن هذا البرنامج يعكس الزخم الكمي والنوعي الذي تنفرد به هذه الجهة، منوهة بالشراكة التي تجمع المديرية بالأكاديميين وبجمعيات المجتمع المدني.

وفي تصريح للصحافة، أكد منسق الكرسي العلمي للتراث المعماري والعمراني المغربي الأندلسي التابع لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير، حسن رضوان، إن أمثل مكان لاحتضان هذه التظاهرة حول “تراث الجهة.. الحفظ والإتاحة” هو حاضرة مراكش “التي تنبض بذاكرة حية مشهودة”.

وكشف أن مدنا عريقة من هذا القبيل “تبلور ملكة تتجلى في الاستعمال المتواصل لهذه الذاكرة المغربية الأصيلة”، مؤكدا محورية إدماج الجامعات وأهمية البحث العلمي، على غرار جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير، في الانكباب على موضوع التراث وصونه وبحث السبل المثلى لترصيده. وأضاف أن هذا الفعل سيفرز أفكارا ابتكارية جديدة من شأنها إسناد التنمية المستدامة والشاملة التي ينشدها المغرب، داعيا إلى إنجاز بحوث علمية تتأسس على نهج علمي، وتنكب على كافة الجوانب المتصلة بذاكرة المدن العريقة، لاسيما التاريخية، والاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية.

أما رئيس هيئة المهندسين المعماريين بجهة مراكش – آسفي، جواد البصري، فنوه بالتنظيم المشترك لهذا اللقاء، داعيا إلى إعادة تملك التراث، على اعتبار محورية دوره في تحقيق التنمية الشاملة.

وبعدما كشف أن المختصين في مجالي التعمير والتصميم هم المعنيون الأوائل بموضوع التراث، جدد السيد البصري انخراط الهيئة في الجهود الرامية إلى صون التراث وتثمينه، مشيرا إلى أن تيمة “تراث الجهة..الحفظ والإتاحة” تحظى بالراهنية.

وتم، بقصر البدبع، تنظيم معارض أخرى، من بينها معرض غابرييل روسو ومعرض تحت عنوان “رمزية ولون التراث الأمازيغي”، فضلا عن سلسلة من المحاضرات التي توخت دعم مختلف الفاعلين التراثيين وتوحيد الجهود الهادفة إلى المحافظة على تراث هذه الحاضرة العريقة.

وبهذه المناسبة، عملت مجموعة من الأكاديميين والباحثين والمؤرخين والمهندسين المعماريين، من بينهم البروفيسور محمد بن عبد العزيز بلقزيز، والمؤرخ توفيق محمد لقبيبي، والروائي عبد العزيز أيت بنصالح، على تنشيط هذه المحاضرات التي أبرزت مظاهر الحضارة في العصر السعدي.

وتضمن، كذلك، تقديم ترجمة وإعادة كتابة مؤلف “مناهل الصفاء في أخبار الشرفاء” لعبد العزيز الفشتالي، المؤرخ والشاعر في بلاط أحمد المنصور. وتعد جمعية “تراث”، التي تأسست في نونبر 2022 بهدف المحافظة على التراث المادي واللامادي لجهة مراكش – آسفي، جمعية غير ربحية تقوم بأنشطة مختلفة (مؤتمرات، معارض، جولات سياحية، دورات تكوينية، ورشات عمل، حلقات دراسية…)، بهدف نشر الوعي بين جميع فئات المجتمع المهتمة بالمحافظة على التراث.

ويعمل الأعضاء المؤسسون للجمعية، فاتن صفي الدين وسعاد بلقزيز وباتريك ماناك، على تشجيع المبادرات الهادفة إلى ترميم وإعادة تأهيل المواقع الأثرية وتعزيز البحوث التي تهدف إلى إثراء المعرفة الإنسانية في مجال التراث، وكذا العمل على نشر وتعميم الموضوعات المتعلقة بالتراث (دراسات، تقارير، منشورات…).

من جهته، يعد الكرسي العلمي لـ “التراث المعماري والعمراني المغربي الأندلسي: ابتكار، تراث، واستدامة” (عمارة) بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، منصة لتعميق البحوث وتعزيز الحفاظ المستدام على التراث المعماري والعمراني المغربي – الأندلسي، وكذا استنباط قيمه المادية واللامادية من أجل تشجيع الابتكار لتطوير عمارة ومدن عصرية مستدامة وذكية في تناغم مع السياق المغربي الإفريقي.

كما يهدف هذا الكرسي العلمي إلى تكوين جيل جديد من الخبراء متعددي التخصصات في هذا المجال، مختصين في هذا التراث المعقد وقادرين على رفع تحدياته للتأقلم مع التطورات المعاصرة، عبر تحفيز العلوم والصناعات والتقنيات والفنون المرتبطة بهذا التراث المعماري والعمراني الحي.

وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.