غابات المغرب..تدبير مستدام من أجل الأجيال المقبلة

0 281

“الغابات تسبق الشعوب و الصحارى تتبعهم” هذه المقولة للكاتب فرانسوا رينيه دو شاتوبريان تكشف أهمية الغابة في حياة الإنسان الذي يجد فيها مصدرا للأوكسجين و الإسترخاء و ملاذا للسلام تلجأ إليه النفوس المتعطشة للتأمل و الهدوء.

تشير الأمم المتحدة في موقعها الإلكتروني إلى أن الغابات تؤوي 80 في المئة من جميع الأنواع البرمائية المعروفة، و تحتوي على أكثر من نصف مخزون الكربون في العالم الموجود في التربة و النباتات، محذرة من أن أكثر من 30 في المئة من الأمراض الجديدة منذ عام 1960 تعزى إلى التحولات في إستغلال الأرض، بما في ذلك إزالة الغابات.

ليس من قبيل الصدفة، إذن، أن يكون الحفاظ على الغابات ضمن أهداف التنمية المستدامة التي إعتمدتها الأمم المتحدة.

و يتعلق الأمر بالهدف 15 المتمثل في “الحفاظ على النظم البيئية الأرضية و إستعادتها، و ضمان إستخدامها المستدام، و إدارة الغابات على نحو مستدام، و مكافحة التصحر، و وقف و عكس إتجاه عملية تدهور الأراضي، و وضع حد لإفقار التنوع البيولوجي”.

و يمكن للمغرب الذي إنخرط في هذه الدينامية للتنمية المستدامة أن يفخر بإستراتيجيته الغابوية “غابات المغرب 2020-2030″، التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس في فبراير من سنة 2020.

و حسب الوكالة الوطنية للمياه و الغابات، تأتي هذه الإستراتيجية، التي تضع مستعملي الغابات في صلب عملية تدبيرها، لتقدم الحلول الملائمة و الضرورية لمصالحة المواطن مع فضائه الغابوي.

و تهدف هذه الإستراتيجية، أيضا، إلى جعل القطاع أكثر تنافسية و حداثة من خلال تثمين الموارد الغابوية و إرساء نموذج جديد للتدبير المندمج و المستدام و الذي يخلق الثروة.

و تواصل الوكالة الوطنية للمياه و الغابات، التي تم إحداثها لتجسيد نموذج جديد لحكامة قطاع المياه و الغابات يدعو إلى “الإدارة الإستباقية” و “المقاربة التشاركية”، التقدم في تنفيذ مختلف الأوراش المحددة في خارطة الطريق الخاصة، مع التركيز على “برامج عمل دقيقة” ترتبط بتحديات تحول القطاع و تتماشى مع المحاور الرئيسية للإستراتيجية.

و هكذا، وفي إطار إستراتيجية “غابات المغرب 2020-2030″، أفادت الوكالة بأنها طورت مكونا خصص لقطاع خشب الطاقة بهدف تحسين تدبيره و إيجاد “التوازن الأمثل” بين مختلف مصادر التزويد و مختلف الإستخدامات، مع الأخذ بعين الإعتبار ضرورات إستدامة الأنظمة البيئية الغابوية.

و تروم الإستراتيجية زيادة التزويد بخشب الطاقة بفضل برامج التشجير التي سيتم تفعيلها بزيادة تدريجية للمساحات المغروسة لتصل إلى 100 ألف هكتار في أفق سنة 2030.

و في ما يتعلق بالحلول البديلة، تقوم الوكالة الوطنية للمياه و الغابات بتوزيع 10 آلاف فرن متعدد الإستعمالات و موفر للخشب لفائدة مستعملي الغابات في المناطق التي تعتبر ذات أولوية.

و بخصوص إستخدام الخشب كمادة أولية صناعية، تعتزم الإستراتيجية تطوير “دينامية إنتاجية” من خلال شراكات بين القطاعين العام و الخاص عبر تفويتات غابوية. و تهم هذه الشراكة 100 ألف هكتار من شجر الأوكاليبتوس و 20 ألف هكتار من الصنوبر على الساحل الأطلسي لإنتاج 140 ألف متر مكعب من الخشب لتقليل الإستيراد.

و في إطار التعاون الدولي، يستفيد قطاع المياه و الغابات حاليا من دعم حوالي عشرة شركاء تقنيين و ماليين، من بينهم الإتحاد الأوروبي، و الوكالة الفرنسية للتنمية، و البنك الأوروبي للإستثمار، و البنك الدولي، و الوكالة الألمانية للتنمية الدولية، و بنك التنمية الألماني، و الصندوق الفرنسي للبيئة العالمية، و الشؤون العالمية الكندية، و منظمة الأغذية و الزراعة للأمم المتحدة.

و في ما يخص التضامن الإفريقي، ذكرت الوكالة الوطنية للمياه و الغابات بأن المغرب، تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، يقيم تعاونا في مجال التدبير الغابوي مع البلدان الإفريقية كأولوية إستراتيجية.

و أضافت أن المملكة التي تتولى منذ 2019، من خلال الوكالة الوطنية للمياه و الغابات، رئاسة مجموعة المفاوضين الإفريقيين في إطار إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، “تدعو بقوة إلى مراعاة الأولويات الإقليمية و تعزيز تنفيذ برامج مكافحة التصحر في القارة الإفريقية.

و في إطار هذا التعاون، يساهم المغرب في “تعزيز قدرات” مجموعة من المديرين التقنيين من حوالي عشرة بلدان إفريقية في عدة مجالات تغطي مختلف جوانب إدارة الموارد الغابوية.

و تكشف كل هذه الجهود عن الأهمية التي يوليها المغرب للتدبير المستدام لغاباته من أجل الإستجابة للإحتياجات الحالية، و خاصة إحتياجات الأجيال المقبلة.

وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.