موسم العبيد(تغمرت)
الموقع الجغرافي:
تنتمي قرية تغمرت إلى جماعة أسرير،يحد تغمرت من الشمال كلميم وتارمكيست من الجنوب يحدها أسرير، من الغرب جماعة لقصابي و واعرون،من الشرق تحدها جماعة تكليت.
لمحة تاريخية:
تعتبر منطقة تغمرت المعقل الأساسي لإستقرار قبيلة أزوافيط، فقد عرفت هذه المنطقة تواجد بشري بسبب وجود مصب مائي دائم الجريان بالإضافة الى كون المنطقة شكلت معبرا مهما وموضوعا لتجمع وتوزيع البضائع فسيطرت قبيلة أزوافيط[1] على أجود الأراضي بهذه المنطقة(المعدر،أسرير،توفليت،تغمرت)وهو ما كان ليتحقق لو لم تكن القبيلة قوية وذات نفود كبير بين القبائل الصحراوية الأخرى.[2]
موسم العبيد:
منطقة واد نون بحكم موقعها الجغرافي ،تعتبر بابا يلج إليه الداخل إلى المنطقة الصحراوية بما فيها من مقومات حضارية، فبالرغم مما طرأ على هذه المنطقة من تغيير عبر مراحل التاريخ مس العديد من الجوانب فما زالت تحتفظ بعاداتها وتقاليدها ،التي ظل الإنسان الزفاطي يحافظ على وجودها وإحيائها ومن أهمها موسم العبيد، فمتى يقام هذا الموسم؟ وما أسباب قيام هذا الموسم ؟ يقام موسم العبيد في وقت معلوم من السنة غالبا في الصيف، بعد الانتهاء من جمع المحصول لمدة سبع أيام ،حيث يعتقد أن تسمية هذا الموسم بهذا الاسم راجع إلى الزنوج الذين كانوا مملوكين كعبيد ،وهي لعبة يشترك فيها الرجال و النساء، يقف الرجال في خط مستقيم ويقف النساء أمامهم في صف مواز لصفهم ،لابسات اللون الأسود”الملحفة” و”النكشة”ذات لون أبيض مشكلة من عدة ثنايا وهذا اللباس لإبراز الحلي. وتكون إحداهن في الأمام وهي التي تسيرهن في الحركة وتوجههن حسب حامل الكنكة وسير الرجال، وتشارك فيه أيضا الفتيات الراغبات في الزواج وكذا الفتيات الصغيرات. وقبل هذا كله وقبل ابتداء الموسم بمدة، يقوم بعض الأشخاص من عبيد القبيلة بجولة على سكان المنطقة و يقومون بجمع المئونة منهم المتمثلة في: المنتوجات المحلية كالسكر، الزيت، الدقيق، الشاي، القمح و النقود…فلكل يساهم حسب استطاعته ويكون افتتاح هذا الموسم يوم الأربعاء، يقوم العبيد في اليوم الأول (الأربعاء الأول) بالدوران حول مقبرة سيدي ربيع سبع دورات وبعد الانتهاء يتم ذبح شاة قرب باب المقبرة، ليتم الانتقال بعد ذلك إلى الدوران حول سيدي حساين وذبح ديك، يقدم هذا الديك إلى عائلة وهذه العائلة منتسبة إلى آل البيت (الشرفاء)، ليتم بعد ذلك إنهاء الذبح في مكان قرب مجرى النهر الذي يشرب منه السكان وقرب المنطقة التي يتم فيها الاحتفال، ففي هذا الموسم بالاظافة إلى الغناء وترديد الأناشيد الدينية، قيام بعض السكان الذين يعانون من علة أو مرض بزيارات وذلك قصد الشفاء منه، حيث يقوم العبيد بتمرير الطبل عليه ثلاثة مرات متتالية والدعاء مقابل مبلغ من المال أو قالب من السكر أو أكثر، إلى جانب هذا يتم الطرب على كنكة و الغربال وهذا بعد تسخينهم على النار وذلك لكي يسمع الصوت، هناك من يقول أن إلى جانب هذا كان هناك راكبون على الخيل يطلقون العماير وهي طلقات من النار تماشيا مع النغمات ولكن هذه المسألة لم تعد اليوم موجودة.
وهناك الغناء والإنشاد فقط فمن بين الأغاني التي تقال والتي يصعب فهمها في أغلب الأحيان هناك:
يَا مْبَيْرِيكَة يَا زّيْنْ يَعْطِي لْعْمَىَ للبِيضَانْ
يمكن شرح هذه العبارة بأن العبيد يكرهون البيض أي الأسياد وهذا راجع إلى المعاملة السيئة للعبيد في فترة العبودية.
أبِلَا بِلَالَا
وهذا الدعاء ديني بالدرجة الأولى، يذكرون بإسلام سيدنا بلال وكيف تحرر بسبب إسلامه من العبودية داعين الله كذلك بان يعفو عنهم بدورهم مما هم فيه من استرقاق، بطريقة عفوية قائلين في أدعيتهم تلك:
لعْفُو لْعْفُو يَا مُولَانَا
ثم يرد عليهم النساء المصطفات أمامهم وهن يصفقن و يتمايلن يمينا و شمالا وكذلك شعارات تدل على الاستنجاد أو الاستعطاف بقولهم
آَدَادَا سْنَارَة أَمَولَا مَوْلَنَا
ومن هذا كله يمكن القول أن هذا الموسم كان مكانا أو ملتقى للزنوج أو العبيد، لإخراج ما في مكنونهم من المعاملة القاسية التي كانوا يعاملون بها أيام العبودية من طرف الأسياد، فهذا الموسم كان منذ الأزل، حيث يحكى أن المعبودين لم يكونوا يستطيعون الأكل أمام السيد أو غيره، إلا أنه أصبح فقط عادة وتقليد في المجتمع الوادنوني وخصوصا منطقة تغمرت، حيث يحضر الأبيض و الأسود وتسود روح جميلة بينهم.
من انجاز: محجوبة صبار MAHJOUBA SABAR
[1]_مفردها زط بدل زفاطي أو ازفاط وتعني ذلك الجيل من العرب الذي عرف بحماية القوافل التجارية من شنقيط إلى مدينة مراكش.حسب مصطفى النعيمي فإن تأسيس القبيلة تم على يد أبي الوليد بن رشيد قاضي قضاة بأمر من أحد الملوك الذي قد يكون هو يوسف ابن تاشفين.
-[2]صبار عائشة،بحث لنيل الإجازة،آثار وتراث الجنوب المغربي نموذج تغمرت.