موسم سكورة: “الذبيحة” – EL FAKIR ABDELJALIL

0 1٬113

موسم سكورة: “الذبيحة”

1- سكورة

 moussem-moulay-tayeb-skoura  واحة سكورة منطقة تقع بالجنوب الشرقي للمغرب، تبعد عن وارزازات المدينة ب40 كلم شمال شرق هذه الاخيرة على الجهة اليسرى للطريق الرئيسية بين ورزازات والراشدية، ويبلغ عدد سكانها حوالي 30.000 نسمة. وتكونها مجموعة من القبائل  بعضها يتكلم باللسان العربي مثل “اولاد معقل” و “الخامسة”، والبعض الاخر باللسان الأمازيغي مثل “امغران” و”سدي فلاح”.

2- أصل التسمية

     يكتنف تسمية سكورة نوع من الغموض التاريخي والتحديد الجغرافي ويصعب تفسير هذا الاسم فليس من المستبعد ان تكون  قبائل هسكورة قد نشأ ت في عصور غامضة من طرف رعاة رحل هاجموا ابتداء من التخوم الصحراوية منطقة الاطلس المركزي سين تيزي- ن تلوات وتيزي- فدغات دادس- وإمغران حاليا كما يقول بعض المؤرخون.

   وتقول الرواية الشفوية ان اصل تسمية  سكورة يرجع الى عهود كانت المنطقة عبارة عن بحيرة تملؤها الطيور اهمها الحجل الذي كان يطلق عليه “أسكور” وهي كلمة أمازيغية، ومنه سميت المنطقة بهذا الاسم.

3- موسم مولاي الطيب

   جغرافيا: يقام هذا الموسم بقبيلة “الحدادة” التي تشكل أحد قبائل الخامسة بعد قبيلة  “أولاد علي”  وقبيلة “القبابة” إلى جانب قبيلة “تريكوت” بواحة سكورة.

  تاريخيا: يقام الموسم في التاسع عشر من ربيع الأول من كل عام، أي انه يتزامن مع أسبوع ولادة النبي صلى الله عليه وسلم. ويبقى تاريخ الظهور الفعلي لهذا الموسم غامضا. فالرواية الشفوية تقول بأن الاحتفال بالموسم بدأ منذ عدة عقود، إذ يقول لحسن بن علي[1]: “إن هذه الموسم ورثناها أبا عن جد فهي وصية الشريف مولاي الطيب[2] مند عقود  لدار الضمانة”[3].

4-الإعداد للاحتفال

   إذا حان موعد الموسم بأسبوع، تقوم عائلة “ايت بلحسن” المشرفة على هذا الموسم ب كراء الساحة التي يجري عليها الاحتفال إما للسلطات المحلية التي تمثلها الجماعة، أو لأحد أشخاص القبيلة.

هذه الساحة هي الارض التي تركها الشريف الطيب “لدار الضمانة” وبهذه النقود يتم شراء الذبيحة. كما تقوم العائلة  بطبخ الكسكس ليلة الموسم حيث يأكله الزائرون من جميع النواحي يوم الموسم والذي تشتريه من مالها الخاص.

 و في الصباح تفرش العائلة الساحة التي يحضرها الفقراء وتخرج إليها الأعلام الخضراء، وحوالي الساعة العاشرة يتم إخراج الخروف من اجل ذبحه في ساحة الاحتفال.

إن طقوس الاحتفال بهذه الموسم شبيهة بالعديد من المواسم بالمغرب، حيث نجد السوق، والحلقة، والمعروف (الكسكس)، والذبيحة. هذه الاخيرة التي تتجه إليها أنظار الزوار، وهي أهم طقس بالموسم.

5- الذبيحة

   عرف هذا الطقس تغييرا واضحا، حيث كان الخروف يذبح من اجل جمع الناس للتفقه في أمور الدين، بعد ما كان مولاي “الطيب” قد اوصى للعائلة بالحفاظ على هذه العادة رغبة منه في خلق جهاد روحي وتربية دينية لهؤلاء الجبليين باحياء ذكرى اسبوع النبي. لكن مع توالي السنوات ادخلت فيه  مجموعة من البدع اعتبرها أهل المنطقة من الطقوس الدينية، وهذا القبول يرجع إلى الجهل الغالب على سكان المنطقة. ويتم طقس الذبيحة على الطريقة التالية:

أ‌-      الانطلاق بالخروف: تتجه من خلالها “دار الضمانة” التي حافظت على العادة  وأصبحت موسما يأتي له العديد من الزوار من مناطق مختلفة، وتكونها ثلاث عائلات: ايت بلحسن وايت بقادر وايت دحمان. تتجه بالخروف الى مكان الذبح مرفقا بعلم أخضر مكتوب عليه شعار “لا اله إلا الله محمد رسول الله”، ومرددين عبارة ” لا اله إلا الله” حتى وصولهم.

 هذا العلم بلونه الاخضر يرمز الى اهم مكونات الطبيعة بخضرتها ومائها، او كما ورد في القران الى اهل الجنة. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الطابع الديني الذي اكتساه هذا الموسم، ومن خلاله يتم الاحتفال بأسبوع النبي صلى الله عليه وسلم.

ب‌-           الذبح: في الأول كان الخروف يذبح بطريقة عادية عند وصول اليوم لضحاه،  وبلحمه يتم صنع المعروف للزوار ويتم تفريقه عليهم بعد الظهر. لكن الطريقة بدأت  تتغير وأصبحت لها “قوانين” يجب احترامها، حيث لابد ان يذبح الخروف في مكان معلوم وكبير العائلة هو الذي يذبح حيث كان يقول عند الذبح “بسم الله ولطيب نذبحوا”، وأصبح وقت الذبح غير مهم.  ومع توالي السنين أصبح يكتفي كبير العائلة الحالي بالبسملة فقط لأنه أضحى يدرك أنه بصدد بدعة يجب تغييرها. وكان يحضر هذه الذبيحة الخليفة على المنطقة وشيخ القبيلة فترة الاستعمار.

ت‌-           الجري بالخروف: يتم الجري به قبل ان يستوفي موته الى ان يصل إلى احد بيوت “الدار القديمة” المتواجدة بالقرب من ساحة الاحتفال وبعدها يتكلف شخصين أو أكثر(حسب حجم الخروف) بحمله والجري به، ويقوم أشخاص آخرون بفتح الطريق التي تكون مملوءة بالناس حتى يصلوا الى المكان الذي يوضع فيه الخروف.

 moussem-moulay-tayeb-skoura-1

ث‌-           صوف الخروف:

يتهافت الزوار على الخروف من اجل أخد الصوف التي تشكل في نظرهم بركة الولي الصالح “مولاي الطيب”[4]، هذه “البركة التي تصاحبهم وتسهل عليهم قضاء حاجاتهم وتبعد عنهم المصائب والمكروهات” وتجلب للفتيات العازبات حظ الزواج على حد تعبير اغلب الشهادات. ويقال ان هذه الصوف يجب ان تؤخذ قبل موت الخروف لتكون ذات مفعول.

والملفت للانتباه أن هذا الاهتمام بالصوف لا يقتصر فقط على الاشخاص الأميين من النساء فقط بل حتى بعض الاشخاص العلمية ذوي شهادات عليا، وربما هذا راجع الى الجهل الذي يطال هؤلاء او انهم وجدوا راحتهم في هذه المشاركة.

moussem-moulay-tayeb-skoura-2ج‌-   نهاية الخروف:

   كما اشرنا سابقا فقد كان يتم صنع المعروف بلحم الخروف للزوار في نفس يوم المسم لكن اليوم ، بعد أن يستكمل الخروف موته يتم سلخه في المكان قبل أن يذهب به إلى منزل “الكبير”، ويتم تقسيمه في اليوم الموالي على “أهل الزاوية”[5].

6- خاتمة

    إن ما يظهر إلى أي شخص سبق له أن زار هذه الموسم منذ سنوات مضت هو فقدانها لهيبتها التي اكتسبتها في القديم. و هذا راجع لظهور شخصيات “علمية” شنوا حملات على مبتدعيها من اجل إرشادهم لاستئصالها وخاصة ما يتعلق بالذبيحة، ولا يقتصرون على محاربتها، إلا أن هذه الشخصيات “العلمية” لم تستطع ذلك لكون هذه الموسم صارت إرثا من السلف  يصعب على العائلة الخلف التفريط فيه، ورغم ذلك فلا يمكننا ان ننكر جوانب هذه الموسم السلبية.

ü     وفي الاخير يجب الاشارة الى انني اعتمدت في كتابة هذا البحث المتواضع على الرواية الشفوية بالاضافة الى مشاركتي في مراسم هذا الموسم.

من انجاز:

 EL FAKIR ABDELJALIL

عبد الجليل الفقير 



[1] –  كبير عائلة ايت بلحسن بن الطالب والمشرف الرئيسي حاليا على هذه الموسم.

[2] – مولاي الطيب بن محمد بن عبد الله الشريف الوزاني، توفي سنة 1196ه.

[3] – هم العائلات التي وكلت لهم مهمة الحفاظ على وصية الطيب في احياء ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم،  ومنح لهم ضمان البركة للزوار من طرف الزاوية الوزانية.

[4] – مع العلم ان ضريح مولاي الطيب يوجد بوزان.

[5] – يقصد ب”أهل الزاوية” العائلات المتواجدة بالقرب من مكان تواجد الموسم ، وليس الزاوية بمعناها المعروف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.