قصبة إرز بتغجيجت

0 1٬580

قصبة إرز بتغجيجت

oasis-taghjijt-1الموقع:
تقع منطقة تاغجيجت داخل نطاق الواحات بالمغرب, و التي تمتد جنوبا و شرقا على حدود المنطقة الصحراوية، و تنتمي إداريا إلى إقليم كلميم، و توجد على الطريق الرئيسية الرابطة بين أكادير وطاطا، و تمتد على مساحة 1385 كلم.

قصبة إرز
تعتبر قصبة “إرز” من بين أهم وأقدم المآثر التاريخية التي تزخر بها منطقة تغجيجت، وتتموقع وسط الواحة حيث تخفيها أشجار النخيل وبساتين الواحة عن الناظرين لتمنحها بذلك حماية طبيعة ويحد القصبة واد صياد شمالا وسوق القديم غربا، وإداوبيان جنوبا ودوار بوموسي شرقا.
وصف القصبة: يحيط بالقصبة سور ضخم منيع مما يوحي بالدور الدفاعي والتحصيني. له بابين رئيسيين: باب “إمي أوكادير”(باب الحصن) أو “باب تيسا” جمع تيسي بمعنى الشرب، يوجد في الجهة الغربية وكان يغلق بمصراع خشبي، لكن هذا الباب ليس على وضعه القديم حيث أضيفت إليه بعض الإصلاحات خاصة

بعدما تم إعادة بناء المسجد ويوجد بالقرب من هذا الباب كرسي طيني طويل خاص بالاستراحة والحراسة في نفس الوقت كما يوضع فوقه قدر ماء يشرب منه الحراس والمارين ومنه أخدت تسمية الباب بباب تيسا. أما الباب الثاني فيدعى “توف أخليف” أو توف أخنيف”ومعناها الدفء وتتميز هذه الجهة من القصبة بالدفء لكون جميع الجهات الأخرى تكون باردة جدا، ويلجأ إليها السكان لتدفئة ماشيتهم. ويوجد هذا الباب في الجهة الشرقية للقصبة ويطل على الروضة. وبالإضافة إلى هذين البابين الرئيسيين تمت إضافة بابين آخرين للقصبة “باب درب أومان”الذي يطل على الساقية مباشرة كما يوجد به ضريح “سيدي عبد الواحد الركراكي” الذي يقصده السكان للتبرك به والعلاج بعض الأمراض حسب معتقداتهم. أما الباب الرابع فسمي” بباب بوبريك” ويوجد في الجهة الجنوبية للقصبة ويؤدي إلى “تيكمي أوكنس” وبعد اجتياز الباب الرئيسي الأول أي باب إمي أوكادير نجد ساحة كبيرة تسمى “المسارح” أو” المسارع” وكلا التسميتين لها دلالتها الخاصة فالمسارع أطلقت على الساحة لكونها مكان صدور الأحكام وتطبقها،أما المسارح فأطلقت على الساحة لكونها مكان استقبال الزوار واستراحتهم وكذلك مكان لإقامة الأنشطة الفنية والدينية ويوجد بالقرب من الساحة مسجد إرز بالإضافة إلى غرفة منفصلة عن البنيات تدعى غرفة “المشاورت” التي يجتمع فيها سكان الحصن أو القصبة للتشاور في الأمور المرتبطة بواقعهم ألمعاشي وبعلاقتهم بالمناطق المجاورة بقيادة “مجلس إنفلاس” أو “أيت ربعين” هذا المجلس الذي يحكم القبيلة ويسهر على تسير شؤونها، وفي هذه الغرفة أيضا تصدر القرارات وتفض النزاعات بإشراك إمام المسجد الذي يعتبر عنصرا أساسيا للمجلس و بالإضافة إلى غرفة “المشاورت” نجد المخزن الجماعي الذي يتم فيه تخزين ممتلكات سكان القصبة.

oasis-taghjijt-2

وعند تجاوزنا لساحة المسارع تعترضنا أزقة ودروب ضيقة نظرا لتلاصق البنيات وهي مشيدة أساسا من التراب المدكوك ومسقوفة بجذوع النخيل، وتتكون هذه البنيات من أربع إلى خمس طبقات وهي مقسمة إلى أجنحة بها غرف سفلية تسمى”تسرفين” وهي مخصصة لتخزين الحبوب والحطب، ونجد أن لكل درب اسمه الخاص به حسب الساكنة الذين يقطنون بها، إذ بعد ساحة المسارع نجد ممرين: ممر “دوكادير” و “أفلا أوكادير”ومن دروبه و أزقته نجد”درب ندباكريم”و”درب ندباسو” و”درب ندمولود”و “درب ندهمو” ثم الأزقة أو تاسوكين؛ تاسوكت نكر لاوحاش المؤدية إلى درب أومان ثم تاسوكت لمدينت (زنقة الروضة)، المؤدية إلى الروضة و إلى الباب الخلفي “توف أخليف” ثم تاسوكت نبوبريك المؤدية إلى الباب الجنوبي للقصبة بالإضافة إلى درب ندعلي أوبلقاسم المؤدي بدوره إلى معلمة تاريخية تدعى “تيكمي أوكنس”، أما وظيفة هذه الدروب فإنها غالبا ما تستغل للقيام ببعض الأعمال اليدوية من قبل النساء والرجال على حد السواء كما تستغل كذلك للترفيه والتسلية وللأكل في بعض الأحيان.

oasis-taghjijt-3أما “تيكمي أوكنس” فهي بناية فريدة من نوعها، و تتموقع في جنوب القصبة حيث تعتبر من أكبر بنايتها سواء من حيث المساحة أومن حيث عدد السكان القاطنين بها أما من ناحية البناء فهي مبنية بطريقة أو تقنية اللوح مسقوفة بجذوع النخيل كما أنها محصنة بسور ضخم له باب خشبي وعند اجتيازه يعترضك ممر مظلم حيث لا يدخل هذه البناية إلى السكان القاطنين بها لأنهم على دراية تامة بممراتها وبالطرق المؤدية إلى المنازل وتحتوي هذه البناية على عدة غرف كبيرة وباحة متساوية في جميع الطوابق حيث يتوفر كل فرد على غرفة وباحة، أما “أنوال” أي المطبخ فغالبا ما يكون مشتركا بين الأفراد أما المراحيض فهي منعدمة وهذه خاصية من خصائص العمارة الإسلامية، أما بالنسبة للسلالم فهي مصنوعة أيضا من جذوع النخيل بالإضافة إلى باحة كبيرة في الطابق السفلي تدعى “أسراك” وهي خاصة بالبهائم و ما يميز بناية “تيكمي أوكنس” وجود ضريح الوالي الصالح “سيدي علي بن علي الركراكي” المعرف عند الساكنة ب “سيدي علي أوعلي” ويوجد هذا الضريح في قلب البناية داخل غرفة ذات نافذة خاصة بوضع الشموع ويعتبره السكان ملاكهم الحارس فحسب معتقداتهم وهو الذي يدفع عنهم الشر ويبقي بناياتهم في أمان، لذلك يقدسه السكان وكانوا يشعلون له الشموع خاصة النساء اللواتي يعطين له عناية فائقة حيث يقومن بتبخير الضريح بالبخور الأسود ممزوج بشحم كلية خروف العيد الأضحى وذلك في كل عيد مولد النبوي الشريف وهي عادة ورثنها من أسلافهن، وإلى يومنا هذا فإن النساء يأتين من جميع مناطق الواحة بغرض زيارة هذا الضريح مرفقات بالشموع وبعض الهبات أو ما يسمى باللغة المحلية “بالمعروف”، خاصة من قبل النساء اللواتي يرغبن بالزواج والإنجاب وطلب الشفاء لبعض الأمراض.وتعود ملكية البناية حسب أغلب الروايات إلى الجد الأكبر ل”إدعلي أوبلقاسم”.
أما سكان القصبة فهم عبارة عن خماسين ويعتمدون على الفلاحة بالدرجة الأولى، ولتجنب النزاعات السائدة حول المياه فقد تم تقسيمها على السكان على أربعة أقسام كل حسب دوره في السقي وهي كالتالي:”تفرسين”، إداوكركيغ ، أيت أومليل، أيت أومسر ، وتتميز الساكنة بالطابع الاشتراكي حيث يتشاركون في كل شيء خاصة في الأعمال الشاقة عن طريق نظام “تويزي” أما أبواب القصبة فتقفل بعد أذان المغرب فلا احد يخالف التوقيت لأن مصيره سيكون خارج القصبة.
لكن بالرغم من أهمية هذه القصبة إلا أن كثيرا من بناياتها ودروبها تعرضت للانهيار، بفعل إهمال الجهات المسؤولة، خاصة في الشق الجنوبي للقصبة حيث تعرضت بناية “تيكمي أوكنس” التي تعتبر من أهم بنايات القصبة للانهيار ولم يتبقى منها سوى بعض الجدران.

من إعداد الطالبة
حسناء زركي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.