“أتاي”.. شاي المغرب المقدس

0 1٬611

في جميع أنحاء العالم، لكل بلد طقوس وتقاليد خاصة به، من مشرب ومأكل وملبس، المغرب هو الآخر بلد غني في هذا المجال، من حيث تقاليده العريقة وطقوسه المتنوعة. والشاي المغربي أو “أتاي” جزء من التقاليد والطقوس المغربية، والتي تعتبر عند البعض مقدسة ولا يمكن تجاوزها، فالـ”أتاي” أساسي في حياة المغاربة، سواء كانوا من الأغنياء أو الفقراء.

تعرف المغاربة على الشاي عن طريق الإنجليز، وذلك في مطلع القرن 18، في عهد السلطان إسماعيل، حيث استعمل أول الأمر كدواء، وكان نادرًا جدًا

فهذا المشروب الساخن، يتناول بالنعناع أو غيره من الأعشاب النباتية حسب المزاج والذوق، لا يمكن إلا أن يكون متواجدًا في جميع الأوقات في حياة المغاربة، سواء في الصباح الباكر أو حتى في الساعات المتأخرة من الليل.

تعرف المغاربة على الشاي عن طريق الإنجليز، وذلك في مطلع القرن الثامن عشر، في عهد السلطان إسماعيل، حيث استعمل أول الأمر كدواء، وكان في ذلك الوقت نادرًا جدًا. فحسب كتاب “من الشاي إلى أتاي.. العادة والتاريخ”، للباحثيْن المغربييْن عبد الأحد السبتي وعبد الرحمن الخصاصي، شرب الشاي كان حكرًا على “الوسط المخزني”، أو الحاشية المقربة من السلطان، إذ كان من الهدايا المقدَمة من طرف الأوروبيين إلى السلطان وحاشيته، طيلة القرن الثامن عشر.

ومع مرور السنوات إلى بداية القرن العشرين لم يعد “أتاي” رمزًا لعلية القوم، إذ تحول إلى مشروب جميع المغاربة الأول، وأصبح أيضًا وسيلة للترحاب بالضيوف، ففي الثقافة المغربية، يعتبر من قلة الذوق أن يحل بالبيت ضيف ويذهب إلى حال سبيله من دون أن يتناول كأس شاي. فبمجرد جلوس الضيف إلا ويأتي أصحاب البيت بصينية وإبريق وكؤوس ملونة أو عادية، هذه الأدوات التي لا تخلو من أي بيت مغربي، الصينية والإبريق مصنوعان من معدن الفضة، أو من معدن مشابه له حسب الإمكانيات المادية لأهل البيت.

أما من يعتقد أن المغاربة يعتمدون فقط على النعناع وحبوب الشاي لإعداد “الأتاي”، فهو مخطئ، فهم لا يترددون في إضافة بعض أنواع الأعشاب الأخرى مثل “النعناع الكناوي” أو “الشيبة”، “اللويزة”، “مرددوش”، أزهار شجرة البرتقال، زهرة “الكامومي”، قطع الليمون، الزعتر، وغيرها، حسب ذوق ومزاج كل شخص.

مع مرور السنوات، لم يعد “أتاي” رمزًا لعلية القوم، إذ تحول إلى مشروب جميع المغاربة الأول

يختلف إعداد الشاي من منطقة إلى أخرى في المغرب، لكن الطريقة الأكثر شيوعًا هي إحضار كمية من الشاي الأخضر وإضافة كمية من النعناع الطازج والبعض من السكر. في البداية، ينظف الشاي بكمية قليلة من الماء المغلي الذي يضاف إليه، بعدها السكر والنعناع ثم الماء المغلي. يصب الشاي في كأس صغيرة ثم يعاد إلى الإبريق وتتكرر هذه العملية مرتين أو أكثر، حتى يخلط الشاي. في نهاية الأمر، يصب الشاي في الكؤوس من على ارتفاع عال لتشكل الرغوة تقريبًا ربع الكأس، وهذه الرغوة هي أساسية عند بعض المغاربة.

ولا ننسى أن للشاي حضور كبير في الإبداع الفني المغربي خصوصًا في الشعر الغنائي، وقد نظمت قصائد عديدة في الشاي، وتبقى أغنية “الصينية” لمجموعة “ناس الغيوان” في بداية السبعينيات هي الأكثر شهرة لدى المغاربة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.