أزمة التعليم في المغرب : اسألوا أهل الطباشير إن كنتم لا تعلمون
ورد في الخطاب السامي الذي ألقاه صاحب الجلالة بمناسبة الذكرى الستين لثورة الملك والشعب أن مردود المنظمومة التربوية المغربية تراجع تراجعا كبيرا مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عشرين سنة، وهذا إقرار بفشل كل برامج الإصلاح التي عرفتها المنظومة طيلة عقدين من الزمن حاول خلالها القائمون على الشأن التربوي الرفع من جودة التعليم وتكييف المناهج والبرامج على نحو يضمن الحفاظ على الهوية الثقافية المغربية للمواطن المغربي ويتيح له الانفتاح على اللغات والثقافات الأجنبية ، مع ملاءمة التكوين لسوق الشغل حتى لا تتحول المدرسة المغربية إلى معمل لإنتاج العطالة وما ينتج عنها من سلوكات انحرافية وأمراض اجتماعية.
إن أي متتبع لهذا الشأن وأي ممارس في الميدان لا يمكن له صراحة إلا أن يكون راضيا على برامج الإصلاح التي شهدتها السنوات الأخيرة لو كتب لها أن ترى النور في الميدان ،وتوفرت لها كل شروط التنزيل، فهي من الناحية النظرية إصلاحات طموحة تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة ، وتحمل ضمن ثناياها أفكارا وتصورات يسيل لها لعاب الأسر المغربية المهوسة بمصائر أبنائها ومستقبلهم الدراسي . جهود تبذل وميزانيات تصرف دون أن ينعكس ذلك على المتعلم محور العملية التعليمية التعلمية المستهدف الأول والأخير بكل برامج الإصلاح.
فرغم ما يرفع من شعارات وما ينظم من ندوات ودراسات كلما تشكلت حكومة جديدة أو مس تعديل وزاري هذا القطاع ، فإن دار لقمان تظل على حالها ، بل تزداد الأوضاع سوء سنة بعد أخرى ، لأن بذور هذه الإصلاحات لا تجد التربة والمناخ المناسبين ولا تتلاءم مع الواقع المغربي الرافض للوصفات المستنسخة ، لأنها لا تمس المشكل في جوهره وتغيب عنها الجرأة الكافية والنفس الطويل لكون ثمار الإصلاح لا يرجى قطافها إلا بعد مرحلة زمنية غير قصيرة تتخللها عمليات التجريب والتقييم والتصحيح،ولن يكتب النجاح لأي إصلاح ما لم يشرك فيه الممارسون بقوة مهما كان اجتهاد المنظرين وتصور المفكرين.
على مستوى التعليم الابتدائي الذي يشكل مرحلة مهمة في مسار المتعلم الدراسي ، يمكن مقاربة المشكل من ثلاثة مداخل أساسية :
1ـ الموارد البشرية :
يعد الأستاذ ركنا أساسيا في العملية التربوية ، فبغض النظر عن حبه لهذه المهنة أم لا، يجد الأستاذ الشاب المتخرج لتوه من الجامعة بعد تلقيه تكوينا بيداغوجيا لبضعة أشهر ،نفسه أمام أمانة عظمى ومسؤولية كبرى تتمثل في تربية الأجيال وإعدادهم للحياة وهو ما يتطلب منه بذل جهد كبير للتكيف مع المهمة الجديدة والتسلح بكل المؤهلات والأسباب المساعدة له على ربح رهان هذه المسؤولية الملقاة على عاتقه ، وهذا ما يقتضي إحاطة الأستاذ بالمزيد من العناية وتمكينه من تكوين معرفي وبيداغوجي كاف للرفع من أدائه المهني .ولم لا التفكير في تكوين أساتذة المستوى أو المادة .
2ـ المناهج والبرامج الدراسية :
في ظل نقص التكوين ، يجد الأستاذ بالمدرسة الابتدائية نفسه في سباق ضد الساعة مع كم هائل من المواد والمحتويات التي يشتمل عليها المنهاج الدراسي ، همه الوحيد إنهاء البرنامج السنوي في موعده واستكمال عمليات التقويم وما يتصل بها من إجراءات .
صحيح أن هامش حرية تصرف الأستاذ كبير وله الصلاحيات الواسعة لتكييف المحتويات والمضامين مع خصوصيات تلاميذ القسم ، لكن تعددها وتنوعها بين ما هو علمي وأدبي أو فني ورياضي يخلق لديه نوعا من القلق وعدم الاستقرار النفسي طيلة الموسم الدراسي ، ويعقد قدرة المتعلم الصغير على التحصيل ويفسر أسباب احتلال التلاميذ المغاربة لمراتب متأخرة في تقويم بعض المستلزمات على المستوى الدولي . وهو ما يلزم التفكير في برامج مخففة وجداول حصص أسبوعية تتوزع فيها المواد حسب درجة الأهمية، حيث تعطى اللغتان العربية والفرنسية والرياضيات التي تعد ضمن المواد الأساسية حوالي 70% من الحيز الزمني الأسبوعي ،وتوزع 30% على الأنشطة الترفيهية وباقي المواد .على أن ينفتح المتعلم على تعلمات أخرى بالتعليم الإعدادي بعد أن يكون قد تحكم في الحد المقبول من الكفايات المرتبطة بالمواد الأساسية في المرحلة الابتدائية .وهذه المواد الثلاثة قادرة على أن تنمي لدى المتعلم قدرات معرفية ومهارية وأخرى مرتبطة بالقيم من غير أن يدخل في متاهات تشتت انتباهه وتفقده التركيز.
3ـ نظام التقويم والامتحانات :
قبل عشرين سنة لم يكن الأستاذ بالمستويات الإشهادية يتحكم في نجاح تلاميذه ، بل يؤجل قرار النجاح إلى ما بعد اجتياز امتحان إشهادي ، مما يخلق لدى التلميذ والأستاذ حافزا على المزيد من العطاء وبذل جهود إضافية تنخرط فيها كل مكونات المؤسسة من أجل التأشير على موسم دراسي ناجح عبر تحقيق نسبة نجاح مهمة ،تصنف الأستاذ ضمن المتهافتين على أقسامهم والمؤسسة من بين التي تستقطب الآباء والتلاميذ ويحرص الجميع على الانتماء إليها .
إن العودة إلى نظام التقويم والامتحانات في صورته السابقة وإلغاء نقط المراقبة المستمرة التي تمنح بالمجان، كفيل بإعادة القيمة للشهادة المدرسية المغربية وحافز على الاجتهاد والمثابرة ، مما يكون له أثر إيجابي كبير على المردودية والجودة بالمدرسة المغربية .
بقلم حدو باكني
هي مقترحات معقولة ، إذا تم العمل بها في الابتدائي سيتفاجأ الجميع بمستوى الأطفال خاصة إذا أضيفت حصص المعلوميات إلى المواد التي اعتبرها الكاتب أساسية