أكلام مخلوق أبلغ من كلام خالقه؟!!
وأنا أتصفح – هذا الصباح – جريدة المساء (العدد 1134)، أثارني تصريح منقول عن “الأحداث المغربية”، يقول صاحبه أن”القرآن عند من يوجد خارج دائرة الإيمان بالدين الإسلامي قد لا يعتبر شيئا ذا أهمية. كما أن لغته قد تبدو متواضعة مع لغة الشعر العربي قبل الإسلام بالنسبة لنظرة المحايدة”. لترد المساء على هذا الطرح في العمود “نتا تبركم وأنا نفهم” كاتبة:”تقصد النظرة الجاحد ة و ليس النظرة المحايدة . “
ومن وجهة نظري، فالشطر الأول من قولته لم يأتي بالجديد على الاعتبار أن الإنسان الموجود خارج دائرة الإيمان بالدين الإسلامي لا يطلب منه الاعتقاد بأهمية القرآن بالقدر الذي يطلب منه احترام أهمية هذا الكتاب عند المسلمين في أقواله وأفعاله، الأمر الذي تفرضه علينا الطبيعة الإنسانية وحتمية التعايش. لكن المسألة التي أثارت حفيظتي هي تحييز النظرة المحايدة والمقارنة اللامشروعة بين لغتي القرآن والشعر العربي القديم .
ولقد جرت عادة الله في خلقه أن يرسل لهم رسلا وأنبياء من أجل كشف الغمة وتبديد الظلمة و مدهم بمعجزات تشهد على صدقهم وتفحِم أعداءهم، وعادة تكون من صنف ما برع فيه أهل تلك الحقبة، فكانت معجزة سيدنا موسى السحر لما عُرف فرعون ومن معه به. وكان الإعجاز البياني في القرآن الكريم شاهدا على صدق خير البرية لما عُرفت قريش ببلاغتها، و كان سبب إسلام العديد من الأفراد في كل العصور؛ بدءا بالعادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القصة المشهورة “ما هو بقول شاعر” . ولقد تحدى الله سبحانه وتعالى المشركين بأن يأتوا بأية من مثله فما استطاعوا لها خلقا، ليقول الوليد بن المغيرة – بعدما عجز- : إن والله أسفله لمغدق وان أعلاه لمثمر وان عليه لطراوة وان له لحلاوة وما هو والله بقول بشر .ولم يكتفي القرآن بالإعجاز البياني بل تجاوزه إلى الإعجاز العلمي كدليل قاطع وحاسم على شموليته وأزليته حيث سبق العلم الحديث في جميع الميادين:الطب والجيولوجيا والفلك والتاريخ وجغرافيا وغيرهم.وما خفي سيكون أعظم.
ولا أحد ينكر بلاغة العرب القدامى في الشعر، فقد جعلوا منه المؤرخ لحياتهم والحافظ لأسرارهم. غير أنا مجرد مقارنته بكلام الله عز وجل يعد ضربا في مكانة هذا الكتاب و ضربا في النهج الإسلامي ومسا بمقدساته.والحقيقة أنا هذه النظرة جاهلة وليست محايدة فإطلالة على كتب التفسير أو كتاب “الكشاف” لزمخشري أو حتى جولة في الشبكة العنكبوتية ستكشف لنا اللثام وتزيل النقاب عن حقائق هذا الإعجاز مما لا يدع شكا للمشككين وحجة للمكذبين.وطبعا حين أتحدث عن إزالة النقاب فأنا لا أقصد ما جاء في ” الأحداث المغربية” التي أصبحت – في هذه الأيام – تخاف على هويتنا، و مما؟ النقاب! “الله يدنا فستر، شي بغى يعري ناس أو شي ما عرفت فين بغى يوصل” .
وحتى نكون أقرب للعقل منه إلى العاطفة، دعنا نتساءل: كيف لمخلوق أن يبدع أحسن من مبدعه؟!!!
تحية لك أخي عبد الصمد على الرد الجميل .
شكرا أخي وصديقي العزيز
merci