أين العلم و أين طلابه أين الكتاب و أين أحبابه

0 636

سلسلة مقامات انكري
المقامة السفرية:
حدثنا خالد بن ربيع قال: اجتزت امتحان الباكالوريا بنجاح، وظننت أني من هموم الدراسة سأرتاح، لكن هموم الدراسة اينما ذهبت تطاردني، وحين النوم تهمس لي في أذني.
باب التوجهات المميزة في وجهي مقفول، فالميزة ليست سوى مقبول، فاخترت جامعة اكادير، فكان علي أن اواجه ذاك المصير.

أخبرت والدي انني سأسافر، فنصحوني ان ادرس بجد وأثابر، فلا أرجع الى اقا خائبا فأعاتب، ولا مكابرا يحقد عليه الناس فلا يخاطب.
استفقت في الثلث الأخير من الليل، أجمع أغراضي كصائد الأيل.كانت أمي تلف لي علبة التمر، وأنا انتظر على احر من الجمر.
كان موقف الحافلة بعيدا عن الدوار، لذا كان علي قطع بضعة أمتار. جلست فوق صخرة اترقب قدوم الحافلة، وأتذكر لحظات قضيتها مع العائلة، كأيام العطل والعيد، وفجأة لمحت ضوءا من بعيد..أدركت أنها الحافلة التي تقل الطلاب، فأشرت الى السائق بالوقوف فاستجاب، نزل منها رجل نحيف طويل، سألني الى اين السبيل؟ قلت الى مدينة اكادير، إن شاء العلي القدير.
أجاب بصوت أثار في نفسي الخوف، اصعد وتوجه الى الخلف. بدأت اتأمل الركاب واحدا تلو الاخر، وأنا بصفة الطالب اتفاخر.لا أحد في هذه الحافلة نائم، الكل هنا متشائم، عرفت الان سر تشائم الجميع، فكل شيء في هذه الحافلة مريع.بدأت افكر في رحلة الرجوع، لأنسى هموم بطن بدأت تجوع، وادركت ان الجميع جياع، بغياب أنس تلفاز او مذياع.
وصلنا الى بيزكارن صباحا، بعدها صفق مبارك وصاحا؛ عشر دقائق لمن اراد الفطور، ولن ينتظر بعدها من تخلف عن الحضور.

كان مولاي ابراهيم السائق، يتحدث معنا بأسلوب لائق، ويختلف عن مبارك بأشياء كثيرة، ويشهد له الطلبة بحسن السيرة.أخذت كأسا من الحليب البارد، عله يعيد تركيز عقلي الشارد، أما مبارك فكان شاردا يشرب الحريرة، وكأن ذكرياته مع هذه الحافلة مريرة. بعدها اعلن نفاذ الاستراحة، وأكتسح الجميع الحافلة اكتساحا، تجمد الكل على الكراسي، فلا شيء يؤنس هنا أو يواسي، الكل حزين وقلق، والسائق ابى أن ينطلق.
كان كتاب الفيقي في يدي، اليه في الطريق دوما أهتدي، وكان صديقي يقرأ رواية، عنوانها بداية ونهاية، بعدها صرت أنا من يقرأ الرواية، وبحثت عن كتاب الفيقي، فرأيته في يدي صديقي. وأم امامي تحمل قنينة اطفاء الحرائق، وابنها رمت به الأرزاق قرب السائق. أ حافلة هذه أم إناء قرعة، تتقاذف الناس حين تمضي بسرعة.
وبينما كنا ننتظر الخلاص، تعطلت الحافلة في الأخصاص، حظر الجميع وغاب أصحاب الاختصاص، انتظرنا ساعات وساعات، نستأنس ببعض الإذاعات. وبعدها جاء الفرج، الحافلة عبرت المنعرج، وقلنا زال الخطر، وفجأة هطل المطر، وصارت تدمع علينا الأسقف، واضطررنا الى التوقف.
يا عزيز يا رقيب، نجنا من سوء النصيب، في هذا اليوم العصيب. استكملنا الرحلة مرة اخرى، او المغامرة بالأحرى.وصلنا الى اكادير، ورأسي ثابت لا يستدير،نزل الجميع في المحطة،وتمنيت أن انام وأتغطى، في مكان ما قرب المحطة..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.