البيدوفيليا و حرمة الجسد

0 598

  قد يشعر جسمك بالقشعريرة عندما تسمع صدفة عن قضية تحرش لطفل أو مجموعة  أطفال مختلفة، وقد يزداد الأمر معك تعقيدا عندما تتخيل ولو لحظة أن ابنك أو ابنتك هم ضحية ذلك التحرش، وقد يتمادى بك الأمر و التخيل لدرجة أن لا تتقبل به عندما ترد إلى ذهنك فكره أن ابنك ممن يتحرش بالآخرين، والأمر الذي لا يختلف فيه اثنان هو أن هذا السلوك يسمى بظاهرة باليدوفيليا : وهو مصطلح علمي يوناني الأصل، يتكون من كلمتين  (Pedo or Pedae)، تشير إلى الطفولة، والجزء الآخر يعني الحب أو الإعجاب (Philia)، والبيدوفيليا: صنف من مجموعة من الاضطرابات النفسية الجنسية، التي يشار إليها بلفظ يوناني آخر مركب من جزئين هو (Para-philia) بارافيليا، ويشير الجزء الأول منه (Para) الذي يستعمل في بدايات كثيرة من هذه الألفاظ المركبة إلى معاني عديدة متداخلة أو مغاير للأصل أو مضاد أو مخالف، ويشير مصطلح بارافيليا إلى مجموعة من الاضطرابات النفسية المرضية المتمثلة في خيالات أو انجذاب أو تصرف جنسي مغاير للأصل، مثل الانجذاب الجنسي للحيوانات والجمادات أو الأطفال، يعتبر التحرش الجنسي على الطفل سلوك غير إنساني مقصود  نحو الضحية، تعد اهم مراحل تحقيقه هو أن يختلي المعتدي بالطفل، ولتحقيق هذه الخلوة، عادة ما يغري المعتدي الطفل بدعوته إلى ممارسة نشاط معين كالمشاركة في لعبة مثلا أو ما شابه ذلك، ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن معظم المتحرشين جنسيا بالأطفال هم أشخاص ذو صلة بهم، وحتى في حالات التحرش الجنسي من أجانبي أي  شخص من خارج نطاق العائلة فإن المتحرش عادة ما يسعى إلى إنشاء صلة بأسرة الطفل أو أحد ذويه قبل أن يعرض الاعتناء بالطفل أو مرافقته إلى مكان ظاهره برئ للغاية كساحة لعب أو متنزه  ترفيهي او فضاء عام مثلا، وتبدأ محاولات التحرش عادة بمداعبة المتحرش للطفل أو أن يطلب منه لمس أعضائه الخاصة محاولا إقناعه بأن الأمر مجرد لعبة مسلية وإنهما سيشتريان بعض الحلوى التي يفضلها مثلا عند نهاية اللعبة، وهناك للأسف، المتحرشون الأعنف والأقسى والأبعد انحرافا يميلون لاستخدام أساليب العنف والتهديد والخشونة لإخضاع الطفل جنسيا لنزواتهم وفي هذه الحالات، قد يتحمل الطفل تهديداتهم لا سيما إذا كان قد شهد مظاهر عنف ضد أمه أو أحد أفراد الأسرة الآخرين، إن المحافظة على السر هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمتحرش لتلافي العواقب من جهة ولضمان استمرار السطوة على ضحيته من جهة أخرى، فكلما ظل السر في طيات الكتمان كلما أمكنه من مواصلة سلوكه المنحرف إزاء الضحية ولأن المعتدي يعلم أن سلوكه مخالف للقانون فإنه يبذل كل ما في وسعه لإقناع الطفل بالعواقب الوخيمة التي ستقع إذا انكشف السر، وقد يستخدم المعتدون الأكثر عنفا تهديدات شخصية ضد الطفل أو يهددونه بإلحاق الضرر بمن يحب كشقيقه أو شقيقته أو صديقه أو حتى أمه إذا أفشى السر، ولا غرابة أن يؤثر الطفل الصمت بعد كل هذا التهديد والترويع والطفل عادة يحتفظ بالسر دفينا داخله إلا حين يبلغ الحيرة والألم درجة لا يطيق احتمالها أو إذا انكشف السر اتفاقا لا عمدا والكثير من الأطفال لا يفشون السر طيلة حياتهم أو بعد سنين طويلة جدا بل إن التجربة، بالنسبة لبعضهم، تبلغ من الخزي والألم درجة تدفع الطفل إلى تعمد تناسيها وتجاهلها “أو دفنها في لاوعيه” ولا تنكشف المشكلة إلا بعد سنوات طويلة عندما يكبر هذا الطفل المعتدى عليه ويكتشف طبيبه النفسي مثلا أن تلك التجارب الطفولية الأليمة هي أصل المشاكل النفسية العديدة التي يعانيها في كبره أو نلاحظ عليه أفعال وردود غريبة لا يمكن أبدا تفسيرها على أنها صادرة من شخص سليم.

من اجل تجاوز كل هذه المشاكل يجب تشجيع الطفل على ثقافة البوح، ولكي يكون الطفل سويا وناضجا لابد أن يتربى أيضا جنسيا و  منذ ولادته ويجب أن يتبنى ثقافة جنسية أيضا مع مرور الوقت، فهو يشعر بمتعة عندما يقبله والديه، ويشعر بمتعة عند لمس جسمه، ويشعر بمتعة عند تنظيفه، وعندما ينمو الطفل قليلا يبدأ في التعرف على الأشياء والأشخاص، ويتعرف على أعضاء جسمه، وأحيانا يعجب بجسمه ويقارن جسمه بجسم طفل آخر، وإن كان له أخت طفلة فهو يقارن جسمه بجسم أخته وكثيرا ما يسأل عن الاختلافات بينهما، وهنا يأتي دور الحوار الفكري الذي يساعد الطفل على جمع معلوماته وتكوين ثقافته، ان تكريس ثقافة الحوار الأسري وتشجيع الأطفال على البوح والحديث عما يتعرضون له، كفيلان بالتصدي المبكر والناجع لظاهرة التحرش الجنسي على الأطفال والقاصرين. و محاربة كلمة “حشومة او خيبة حتى لتعاويد.”858985_625767867481330_1743099309_o

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.