الحرية الآن
كانت الحرية ، ولكن لن تظل، تلك الحمامة البيضاء المغتصبة بين أسوار الظلم والاستبداد و الإمعة، بل ستصبح كما أراد لها القدر – النابع من قدرة الشعوب – أن تكون تلك العاصفة الهيجاء التي تهب من قاعدة الهرم مزيلة في طريقها كل ضرس مسوس مقدس كان سببا في وجع القهر و الجهل و الديكتاتورية و مقتلعة بغضبها كل جذور التبعية و الذل و الإستكانة، حيث لم تكن ثورة الشعوب من أجل رغيف خبز ولا من أجل شربة ماء بل كانت من أجل مفهوم تتلخص فيه كل الحقوق وتجتمع في ثناياه كل المطالب، إنه حق يتقاسمه الإنسان والحيوان، إنها ليست فقط شرطا للوجود بل الوجود ذاته.
إن الحرية بكل ما تحمله من معنى تعد الشغل الشاغل للإنسان منذ نشأته و محل طلبه كلما انتزعت منه، حيث أن هذا المفهوم رسخ منذ الأزل وجوده في جميع النظريات الفلسفية الاجتماعية حتى وإن تعددت طرق التعبير عنه أو أظهرت وجها من أوجهه، ومرورا بالرسالات السماوية التي أكدت على وجوب احترامه ونهت عن انتهاكه، ووصولا إلى حمايته في جميع القوانين الدولية والتشريعات الوضعية التي جرمت كل من يعترضه، ومع ذلك ظلت الحرية محتجزة في بنود التشريعات وفكر العقلاء ومسلوبة على الأرض.
وكثيرة هي اللحظات التي يفكر الإنسان فيها بفتح فمه إرضاء لسيل جارف من الكلمات المحتجزة بداخله غير أن إغلاقه يظل الحل الأمثل لتكريس القمع الذي يعيشه ، قمع احتوى كل مشاهد حياة المواطن العربي، جعله يخوض غمار سفينة الصمت واللامبالاة، خوفا من حياة ملؤها السجن والاعتقال والمعاناة وهروبا من جحيم النقمة والتنكيل.غير أن لكل أزمة زوال، وقد جاء هذا الزمن محولا ويلات الشعوب إلى ثورات وقمعهم إلى يقين في نصر الله وفي سبيل الديمقراطية كخيار وحيد و أوحد لا بديل له و لا مناص عنه مؤذنا بغروب مرحلة الفتور والانحطاط.
إن هذه الشعوب التي أجمعت البشرية على صمتها و تخاذلها أضحت نبراسا وهاجا يضئ سماء البسيطة بربيع عربي شكل ثورة ضد كل نظام ديكتاتوري يحكم بالسيف وينهب ثروات الأمة ، ومرجعا تاريخيا لشعوب المنطقة والعالم الذي أضحى يقيم وزنا للشعوب العربية التي أبانت عن وعي بعد جهل و عن قوة بعد ضعف ، قوة نابعة من قناعة لا تحيد عن كون الحق لا بد سينتصر مهما تقوى الباطل وراء أسوار جرمه واختبئ خلف غثاء حشده، إنها الحتمية الأزلية التي شيء لها الحدوث.
إن ما جرى و يجري في الدول العربية خلال هذا العام و العام الماضي يجعلني أقول وبكل يقين:
بين الحاضر والآت
ثواني إن لم أقل سنوات
يراها البعض انكسارات
وأراها انتصارات
عبد الصمد العاطي الله
c’est impicable
تحية لك الأخ عبد الصمد على المقال الرصين ، وفعلا الحرية كانت و لازالت و ستبقى مطلبا يناضل من اجله الجميع و قد في سبيله الأرواح.
جميل
زادك الله فتحا ويقضة وعلمك ما لم تعلم.الحرية مفتاح والعدالة دوام والديموقراطية/الشورى اتباع او ابتداع.
شرف المهندسين الا نمستين..