الدروس الخصوصية .ماكدونالد التعليم؟ أم رشاوى للأساتذة؟

0 441

في السنوات الأخيرة بدأت تتناسل في الجسد التعليمي ظواهر غريبة كالدروس الخصوصية او” السوايع” كما يسميها المغاربة .و الحال انه إلى حدود بداية التسعينيات لم نسمع بهذا المصطلح باستثناء بعض المدارس التي يدرس بها أبناء الطبقات الميسورة المواد العلمية الدقيقة ، أو بعض المساعدات المجانية التي يقدمها بعض الأساتذة لتلاميذهم عشية الامتحانات.لكن يبدو أن حجم انتشار هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة في جل المدن المغربية بما فيها المدن الصغرى يطرح أكثر من سؤال حول أسبابها خاصة وأنها تلقى صدرا رحبا لها من طرف الدولة من خلال إعفاءها من الضرائب في السنوات الأولى .مما جعل الآباء يحتجون في صمت ،ففي مدينة (أ) مثلا يفرض على التلميذ الدروس الخصوصية عند أستاذ معين و لو كان معدله في الرياضيات 20/17 .و قد حكى لي طالب بكلية الطب الآن حاصل على ميزة حسن في الباكالوريا كيف كان أستاذه يفرض عليه الحضور إلى السوايع في مؤسسة معينة رغم انه ليس في حاجة إليها، و ثانيا أن أسرته فقيرة و ليست لها امكانيات مادية لذلك .لكن لماذا انتشر هذا السرطان في جسدنا التعليمي كانتشار النار في الهشيم ؟خاصة و أن حتى تلميذ الثاني ابتدائي يزيد السوايع مما يجعل الاسرة أحيانا تتفاخر بأن ابنها مسجل في المؤسسة الفولانية ،فهي القنطرة المؤدية الى النجاح و كسب رضا الاستاذ.هل المسألة لها علاقة بالمنافسة حول البحث عن الامتياز والتفوق التي تتطلبه سوق الشغل اليوم ، حيث يظهر للعيان ان الولوج إلى المؤسسة المختصة في تسيير المقاولات مثلا يجعل التلميذ له حظوظ كبيرة في العمل لكون هذه المدارس تربطها علاقة شراكة مع شركات عملاقة ؟ أم أن المسألة اصبحت اليوم أبعد من ذلك، ففي ظل هجوم القيم الراسمالية التي تختصر في “عيش حياتك و لايهمك الاخر و لو كان ابوك او امك”،أصبحت المعلومة و التعليم الذي هو حق من حقوق الانسان يباع في سوق السوايع و المدارس الخاصة .فلكي ينجح “محمد” عليه أن يؤدي مقابلا لأستاذه الذي يدرس بمدرسة خاصة بعيدة أحيانا عن حيه التي توجد مدرسة أخرى ،أين هي الدولة من هذه النازلة؟ لماذا هذا السكوت المقيت ألا يدل ذلك على الرضا كما يقول الفقهاء “السكوت من علامات الرضا”؟هل المهزلة و صلت بها إلى حد إصدار مذكرة يتيمة تقنن و لا تمنع أداء الدروس الخصوصية ؟ ألا يعتبر أداء دروس خصوصية إخلالا بالواجب المهني للأستاذ الذي تحول من أن يكون رسولا الى سوفسطائي(1) القرن21 و ابتزازا معلنا للتلاميذ، و غشا من خلال إجبار التلاميذ على السوايع ،الا يسائل أداء السوايع بالنسبة للاستاذ لتلاميذه قصور و عدم القيام بالواجب بالقسم كما أ كدت ذلك وزيرة التعليم المدرسي في احدى جلسات البرلمان أخيرا؟لماذا يعمل بعض الاساتذة منعدمي الضمير الى امتحان تلاميذهم في التمارين التي تم تصحيحها بالمدرسة الخصوصية ألآ يعتبر هذا هضما لحق التلاميذالاخرين في تعليم مجاني .؟ أعتقد جازما بأن الوزارة الوصية تتحمل المسؤولية في هذا المجال من خلال تركها الحبل على الغارب ، لماذا لايتم تفعيل منع الدروس الخصوصية نظاميا من خلال ماجاء به المخطط ألاستعجالي في المشروع 5 من المجال 1 المتعلق “بمحارة ظاهرة التكرار و الانقطاع عن الدراسة “و ذلك بمأسسة الدعم البيداغوجي و إدراجه في الحصص الأسبوعية لأساتذة الإعدادي و ألتأهيلي و ليس فقط بالنسبة للابتدائي . والحال أن أهل الحل و العقد في وزارة التربية الوطنية لديهم رؤية مستقبلية مملاة من جهات أجنبية خلاصتها أن المدرسة العمومية ليست قطاعا منتجا (في نظرها طبعا ) ، بالترخيص لمدارس خصوصية و تشجيعها من خلال إعفاءها من الضرائب وهذا يدخل في إطار خلق روافد منافسة للمدرسة الأم حتى تتآكل من الداخل و يكون مصيرها الإغلاق و هذه الحالة نجد تجلياتها بمدينة كالدار البيضاء خاصة بالابتدائي إذ أصبحت القاعدة هي المدرسة الخصوصية و الاستثناء هي المدرسة العمومية .و الطريف هو أن المؤسسات المالية الدولية التي فرضت على الدول السائرة في طريق النمو خوصصة التعليم بداية تمانينات القرن الماضي هي التي تحذره اليوم من عدم التفريط في المدرسة العمومية للانعكاسات الخطيرةالاجتماعية و الاقتصادية التي يمكن أن تنجم عن ذلك و الذي يمس بمصالح القوى العظمى
بهذه الدول.
1- السوفسطائيون: هم أساتذة على عهد اليونان يقدمون دروسا مؤدى عنها لابناء الطبقات الميسو

الأستاذ عبد الكريم الجعفري – زاكورة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.