الزيارة الملكية لمالي .. دفعة قوية لتعزيز العلاقات الثنائية

0 475

تشكل الزيارة التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى جمهورية مالي، حيث حضر جلالته حفل التنصيب الرسمي للرئيس المالي الجديد السيد إبراهيم بوباكار كيتا، دفعة قوية للعلاقات المتميزة التي تربط بين البلدين والشعبين الصديقين.

كما أن من شأن هذه الزيارة أن تسهم في تجديد وإحياء الأواصر الروحية والتاريخية التي ربطت على مدى قرون بين الشعبين المغربي والمالي، وفي إعطاء زخم للتعاون القائم بين البلدين في عدة مجالات.

وكان جلالة الملك، قد حل يوم الأربعاء الماضي بباماكو، مرفوقا بصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، حيث وجد جلالته في استقباله فخامة الرئيس المالي وعدد من أعضاء الحكومة المالية.
sm_le_roi_president_malien_signaturem1
وقد خصص العشرات من أفراد الجالية المغربية المقيمة في مالي، وعدد من المواطنين الماليين استقبالا حارا ومتميزا لجلالة الملك بالمطار، يعبر عن مدى الحب والامتنان الذي يكنونه لجلالته، ومتانة العلاقات المتميزة التي تجمع بين البلدين.

وأبى صاحب الجلالة إلا أن يبادل تحايا العشرات من أفراد الجالية المغربية والمواطنين الماليين ،الذين كانوا يهتفون بحياة جلالته، وهم يحملون علمي البلدين، وصور جلالته، مشيدين بما يقوم به جلالته من مجهودات تنموية لتدعيم العلاقات بين الشعبين الشقيقين.

ويوم الخميس الماضي، شارك جلالة الملك في حفل تنصيب الرئيس المالي إبراهيم بوباكار كيتا، الذي جرى بملعب 26 مارس بالعاصمة باماكو، بحضور عدد من رؤساء الدول والحكومات. وشكل التنصيب الرسمي للرئيس المالي الجديد إيذانا بالعودة إلى الوضع الطبيعي في هذا البلد الذي شهد على مدى سنة ونصف نزاعا عسكريا وتوترات طائفية.

وتميز هذا الحفل بالخطاب الذي ألقاه جلالة الملك، والذي جدد فيه جلالته التأكيد على أن “المغرب، المتشبث بالتعاون جنوب – جنوب، لن يدخر أي جهد لمواكبة ودعم جمهورية مالي، في المجالات الاجتماعية والاقتصادية التي تعتبرها ذات أسبقية”، مشددا جلالته على أن المملكة ستظل “الشريك الملتزم والوفي لهذا البلد الجار والشقيق”.

وأضاف جلالة الملك أن المغرب “سيقدم الدعم اللازم لبرامج دولة مالي في مجال التنمية البشرية، خاصة فيما يتعلق بتكوين الأطر والبنيات التحتية الأساسية والصحية”.

وذكر جلالة الملك بأن المملكة المغربية “بادرت خلال الأيام القليلة الماضية، إلى إقامة مستشفى عسكري ميداني متعدد التخصصات بباماكو، كما تم تعزيز ذلك بتقديم مساعدة طبية وإنسانية مستعجلة”، مؤكدا جلالته أن التعاون القائم بين البلدين “سيحفز رجال الأعمال على تعزيز انخراطهم في تطوير المبادلات والاستثمارات بينهما، بما يترتب على هذه الدينامية من توفير فرص التشغيل ومن انتقال للكفاءات ولرؤوس الأموال”.

إثر ذلك، حضر صاحب جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مأدبة غذاء أقامها الرئيس المالي بقصر كولوبا الرئاسي بباماكو، على شرف رؤساء الدول والحكومات الذين حضروا حفل تنصيبه الرسمي.

وأجرى جلالة الملك، على هامش حفل تنصيب الرئيس المالي، مباحثات مع عدد من قادة الدول الذين حضروا مراسم الحفل، من بينهم، على الخصوص، الرؤساء الفرنسي فرانسوا هولاند، والتونسي منصف المرزوقي، والغابوني علي بونغو أونديمبا، والغيني ألفا كوندي، والنيجيري محمدو إيسوفو، والتشادي إدريس ديبي، والإيفواري الحسن واتارا.

وتناولت مباحثات جلالة الملك مع قادة هذه الدول، بالأساس، نوعية العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها. كما ركزت هذه المباحثات ، بالخصوص، على أهمية التعاون جنوب – جنوب بين الدول الإفريقية.

وتطرق جلالة الملك مع كل رئيس من هؤلاء الرؤساء إلى تطور الوضع الإقليمي خاصة في إفريقيا الغربية على ضوء عودة الشرعية والوضع إلى طبيعته بدولة مالي الشقيقة.

وقد انتهز هؤلاء الرؤساء هذه المناسبة ليعبروا لجلالة الملك عن عرفانهم وامتنانهم على الدور الذي يضطلع به جلالته من أجل استتباب السلم وتحقيق التقدم بإفريقيا. وأكدوا مشاطرتهم التامة الرؤية الملكية المتمثلة في كون إعادة البناء بمالي مسألة تهم جميع الأفارقة.

كما أشادوا بأهمية البعد الثقافي والديني في هذا البناء من أجل أن تستعيد دولة مالي شعائرها وممارساتها الدينية العريقة القائمة على الاعتدال والانفتاح على الآخر.

ومساء نفس اليوم، استقبل أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بمقر الإقامة الملكية بباماكو، ممثلي الطريقة التيجانية والطريقة القادرية بمالي.

وأشاد ممثلو الطريقتين التيجانية والقادرية بمالي ب”الدور الريادي” الذي يضطلع به أمير المؤمنين من أجل إقرار السلم ودعم الاستقرار في هذا البلد.

وأضافوا، في تصريحات صحفية، عقب الاستقبال الملكي الذي حظوا به، أن زيارة جلالة الملك إلى باماكو تعتبر “مصدر فخر واعتزاز للشعب المالي قاطبة”، مشيرين إلى أن كافة الشعب المالي “يعرب عن فخره الكبير بالجهود النبيلة التي ما فتئ جلالة الملك يبذلها لإعلاء كلمة الأمة الإسلامية وخصوصا الدفاع عن مصالح المسلمين بإفريقيا وبمالي بالخصوص”.

ويوم الجمعة، أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أيده الله، وفخامة الرئيس المالي، صلاة الجمعة بالمسجد الكبير بباماكو.

وأكد الخطيب في خطبتي الجمعة ،بالخصوص ، أن جلالة الملك “لم يزل يقتفي سبيل أسلافه الكرام من الملوك والسلاطين الأشراف الذين كانت لهم العناية التامة والرعاية الدائمة بمسلمي هذه الربوع الإفريقية، فسهروا على تعاليم الإسلام فيها وترسيخ قيمه العظيمة السمحة”.

وأشار إلى أن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس “ما فتئ يعلي مكانة المسلمين الأفارقة ممثلين في علمائهم ومشايخهم بدعوتهم لحضور الدروس الحسنية الرمضانية والمشاركة في الندوات العلمية واللقاءات الصوفية”.

وابتهل الخطيب، في الختام، إلى الله عز وجل بأن يبارك أعمال جلالة الملك ، وبأن يعز الإسلام والمسلمين، ويجعل دولة مالي بلدا آمنا مطمئنا.

وبعد أداء الصلاة أهدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أيده الله، إلى فخامة السيد إبراهيم بوباكار كيتا نسخة فاخرة من المصحف المحمدي الشريف الذي يتوفر على مواصفات مدروسة وخصائص علمية وتقنية متميزة.

بعد ذلك، قام جلالة الملك ، مرفوقا بالرئيس المالي بزيارة للمستشفى العسكري الميداني المغربي، الذي أقيم بباماكو في إطار المساعدة الإنسانية التي قدمها المغرب، بتعليمات ملكية سامية، لفائدة الشعب المالي.

واطلع جلالة الملك، مرفوقا بالرئيس المالي، بالمناسبة، على التجهيزات التي يتوفر عليها المستشفى والخدمات التي يقدمها للمواطنين الماليين.

كما قام جلالته، مرفوقا بفخامة السيد إبراهيم بوباكار كيتا، بجولة عبر مختلف مصالح ومرافق المستشفى، قبل أن تؤخذ لجلالته صورة تذكارية مع الفريق العامل في هذا المستشفى الميداني.

ومنذ افتتاحه، استقبل المستشفى، الذي أقيم بالقرب من ملعب موديبو كيتا، في قلب العاصمة المالية، مئات الأشخاص الذين استفادوا من مختلف الخدمات الاستشفائية في شتى التخصصات، وخاصة طب الأعصاب والطب النفسي، وأمراض القلب، وأمراض الجهاز التنفسي، وطب العيون، والجراحة التجميلية، وطب الأطفال والنساء.

وقد تم توفير جميع التجهيزات اللازمة لنجاح هذه العملية الإنسانية، مدعومة بتجهيزات طبية متطورة من بينها مختبر، وقسم للجراحة يضم مصلحة للإنعاش، ومواقع للتخذير العام وقسم للمستعجلات.

ويتوفر هذا المستشفى، الذي يؤطره فريق يضم 106 شخصا من بينهم أطباء مختصين وممرضين وفريق للمواكبة والدعم، على طاقة استيعابية تتسع لأربعين سريرا.

وتعتبر مبادرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس بإقامة مستشفى ميداني في مالي، التفاتة إنسانية نبيلة تترجم الالتزام الشخصي لجلالته إزاء القضايا الإنسانية، وحرص جلالته الدائم على تجسيد قيم التضامن والمساعدة والتعاون لتضميد جراح الشعب المالي الشقيق.

كما تندرج هذه المبادرة الملكية، التي كانت محطة إشادة واسعة من طرف سامي المسؤولين الماليين وكبار العلماء والشعب المالي قاطبة، في إطار التضامن الفعال للمملكة مع البلدان الإفريقية الشقيقة، وخاصة منها مالي، التي يقيم معها المغرب علاقات عريقة ومتميزة.

وعلى صعيد متصل، ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، والرئيس المالي، في اليوم ذاته بالإقامة الملكية بباماكو، حفل التوقيع على اتفاقية في مجال تكوين الأئمة الماليين.

وقبل حفل التوقيع على هذه الاتفاقية، أجرى جلالة الملك والرئيس إبراهيم بوباكار كيتا مباحثات على انفراد، جدد خلالها الرئيس المالي تشكراته لجلالة الملك على هذه الزيارة إلى باماكو لحضور حفل تنصيب فخامته وعلى دعم جلالته لجهود إعادة السلم والوئام إلى مالي.

وتهم هذه الاتفاقية، التي وقعها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد أحمد التوفيق، ووزير الإدارة الترابية واللامركزية المالي السيد موسى سينكو كوليبالي، جانبا أساسيا للتعاون في المجال الديني.

وبمقتضى هذه الاتفاقية، وتنفيذا لإرادة أمير المؤمنين صاحب جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وفخامة السيد إبراهيم بوباكار كيتا، يقوم المغرب بتكوين 500 إمام مالي على مدى عدة سنوات.

وتندرج هذه المبادرة في إطار مساهمة المغرب في إعادة بناء دولة مالي في قطاع استراتيجي لمواجهة تهديدات التطرف الديني.

وقد رافق صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خلال هذه الزيارة، وفد هام ضم، على الخصوص، مستشاري جلالة الملك السيدين الطيب الفاسي الفهري وفؤاد عالي الهمة.

كما ضم الوفد المرافق لجلالته وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد أحمد التوفيق، والجنرال دوكوردارمي عبد العزيز بناني المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية، والجنرال دوبريغاد علي عبروق مفتش مصلحة الصحة العسكرية للقوات المسلحة الملكية، وشخصيات أخرى مدنية وعسكرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.