” الصباغ ” موسم الثمار اليانعة والألوان الزاهية في واحة درعة
ومع – عبد اللطيف الجعفري
في خطوة لا تخلو من دلالات عميقة واحتفالية ، استقبل المزارعون بإقليم زاكورة ، في شهر يوليوز الحالي ، بفرحة غامرة، موسم ” الصباغ ” الذي يبشر بعطاءات واعدة ، لكون واحة درعة قد تزينت فعلا بكل الألوان ، التي تنضح بها ثمار فواكه محلية توجد قيد النضج خلال هذه الفترة الصيفية.
ويتميز موسم ” الصباغ “، الذي يحل خلال هذا الشهر من كل سنة ، بكونه – فضلا عن إشاعته لألوان زاهية بالواحة – فترة حاسمة في الانتقال إلى البدايات الأولى لنضج بعض الفواكه المحلية ( خصوصا التمور والرمان ).
ولهذه الغاية تقام بعض الاحتفالات البسيطة في شكل ولائم شكرا لله سبحانه وتعالى ، كما تنتشر الأخبار في ربوع واحة درعة والأسواق عن مستجدات هذا الموسم ، خاصة ما تعلق بتأثير الحرارة المرتفعة نسبيا على مسلسل نضج بعض الفواكه المحلية.
وحسب إفادات سكان المنطقة وباحثين محليين، فإن إطلاق اسم ” الصباغ ” على هذا الموسم ، ينطلق من حقيقة أن هذه الفترة بالذات تتسم بقيظ مفرط مما يساهم في تغير لون ( أي صباغة ) ثمار بعض الفواكه. فقد بدأت ثمار أشجار النخيل منذ هذا الشهر في الانتقال من اللون الأخضر – الذي يصاحبها منذ ظهورها في مارس الماضي – مكتسية لونا يميل إلى الحمرة أو الصفرة أو البني الداكن، حسب صنف ونوعية الأشجار.
وكذلك الشأن بالنسبة لثمار الرمان التي انتقل لونها من الأخضر إلى لون مائل إلى الصفرة، كمرحلة متقدمة في نضج هذه الفاكهة، التي كانت في بدايتها مجرد أزهار حمراء تزين بساتين الواحة ، وتضفي عليها جمالية مميزة.
أما على أشجار النخيل، فاتخذ بلح الأعراش ألوانا مختلفة، حولت واحة درعة وفضاءاتها إلى مشهد متألق من الألوان الطبيعية. هكذا مال البلح إلى اللون الأحمر، بالنسبة لأصناف معينة من التمور تحمل محليا أسماء ” البوستحمي “و” كلان ” ، و” الخلط “. وفي المقابل اكتسى البلح بالنسبة لأصناف أخرى نوعا من الصفرة الفاقعة ، على غرار ” أكليد “، و” أحرضان “، و” الساير” ، و” الجيهل “، و” بوفقوس “، بينما يميل صنف ثالث إلى البني الداكن، شأن أصناف ” البوسكري ” وبعض أنواع “الساير “.
وإذا كان موسم ” الصباغ ” يطلق على هذه الفترة من السنة بواحة درعة ، كتشخيص لظاهرة يتفاعل فيها المناخ بالطبيعة الجغرافية والنباتية ، فإن الأهم في هذا الموسم هو قياس مدى تأثيره على عيش الساكنة المحلية.
ويبقى الماء هو بيت القصيد ومربط الفرس العنيد في العملية برمتها ، فوفرة المياه تؤدي أساسا إلى توالد الأشجار ، وهو ما يعني أن موسم “الصباغ ” يكون في هذه الحالة كما حدث هذه السنة والسنوات الماضية – ضيفا مرحبا به ، مادامت حرارته ضرورية لتسريع عملية نضج الثمار ، أما غياب المياه وسيادة الجفاف ، فتحول الموسم إلى ضيف ثقيل الظل لا يجني السكان منه سوى الحرارة المفرطة.