العرس الحساني بطانطان – Rachida KHARIT
العرس الحساني بطانطان
الموقع:
تقع مدينة طانطان وسط المملكة المغربية ،وفي الجنوب الغربي وتبعد عن المحيط الأطلسي بنحو خمسة و عشرين كلم ،يحدها شمالا إقليم كلميم وجنوبا العيون ،وشرقا إقليم أسا الزاك وفي الجنوب الشرقي إقليم السمارة وغربا المحيط الأطلسي،وقد صنفت من طرف اليونيسكو كموقع للثراث العالمي وموسمها صنف ضمن الثراث الإنساني اللامادي وتتميز بالعديد من العادات والتقاليد من بينها العرس.
تختلف العادات والتقاليد من بلد لأخر،وتبعا لذلك تختلف طقوس الأفراح أيضا والزفاف عند أهل الصحراء المغربية وتختلف طقوس العرس من قبيلة إلى أخرى ويمتزج في العرس الحساني الموروث الثقافي بطقوس البداوة ونجد بعد الخطبة مباشرة يتم الإستعداد للعرس و أول ما يشرع به أهل العريسين هو شراء الناقة ليتم نحرها صبيحة يوم العرس ،ويشرع في شرائها كبار رجال العائلة نظرا لخبرتهم في هذا المجال ويتشارك في شرائها رجال العائلة بأسرها .كما توضح لنا الصورة أسفله ويأتي أصحاب العرس بالناقة يوم أو يومين قبل العرس وتربط أمام المنزل ليتم التباهي بها .
ويكون يوم العرس مميزا حيث تأتي الوفود المدعوة كبارا وصغارا إلى مكان العرس ،إذ تكون النساء كلهن لابسات الزي الرسمي المحلي للمنطقة”الملحفة” دون أن ننسى الرجال بدراريعهم المختلفة الألوان.ويلبسون أحدية مصنوعة من الجلد وتسمى بالحسانية “النعايل” وتكون النساء في كامل زينتهن وتضعن فوق رؤسهن زينة تسمى”الظفرة” وهي شعر مظفور ومصنوع من شعر الماعز وبها بعض العقيق مختلفة ألوانه وتلبسن ملحفان أبيض وأسود إذ يسمى هذا المزيج بين ملحفان ب “النكشة”.
وأول شئ يقدم هو إعداد الشاي بإعتباره من الطقوس التي لايمكن لأهل الصحراء الإستغناء عليها ،وبعده يقدم لحم “الجمل “مباشرة بعد الإنتهاء من المشروبات تبدأ الإحتفالات حيث تأتي بعض الوفود من أقارب العريس وهي محملة بالهدايا وبيدها قطعة قماش بيضاء يصطلح عليها إسم” البند” وتصارع حوله أقرباء الطرفين ومن يحصل عليه يدعي انه هو الغالب و يحتفل بإنتصاره و كل هذا في إطار المزاح بهدف التقرب لبعضهم كما تكون الفئة الشابة والعازبة هي الأكثرمشاركة فيه وبعدها تجلب مجموعة غنائية شعبية ،ولكن ما يميز العرس الحساني هو التباهي بالنقوذ و أيضا استغلال وقت راحة المجموعة الغنائية ويسمى عند أهل الصحراء”الكيطار” حيث ترقص النساء والرجال في مجمع واحد ووقت راحة المجموعة الغنائية يؤدى ما يسمى “الكيفان”وهو كلام موزون يتم فيه مدح إما أهل العروس أو العريس_شبيه بالشعر_أو العروسان كل هذا يكون في دار العروس ،بينما دار العريس يكونون منشغلين بإعداد خيمة الدخول أو” الترواح ” وتنصب خيمة الدخول في مقدمة خيم القبيلة ،وتسمى خيمة “الشعر”وتصنع من شعر الإبل أو الماعز وهناك بعض القبائل هي التي يروح فيها العريس عند العروس وبعض القبائل الأخرى يأتي العريس و أقاربه ويكون بجانبه “الوزير” أي صديقه الذي يبقى إلى جانبه طيلة أيام العرس.
وكان في القديم عندما تأتي الوفود لأخد العروس كانت هذه الأخيرة تحمل على ناقة وفي هذه المرحلة تتبعها قريباتها دون حضور الأم والأب وهم ينشدون”روحي يا جديت لغزال،روحي بالمال والرجال” بمعنى :إذهبي أيتها الصغيرة فأنتي غالية الثمن وخلفك الرجال لأنك شريفة بينما يرد عليهم أقارب العريس”جابنا ليكم السكر بالخناشي لاتعطونا الشباب الراشي” أي جعلنا مهر ابنتكم غالي فلا تهبوننا فتاة غير صالحة.
وصبيحة اليوم التالي تجهز وجبة الفطور وهي عبارة عن“كصعة العيش” أي مصنوعة من “الدشيشة وسمن الماعز”.
وعندما تصبح العروس تقول لها حماتها “جباي،جباي يا لحمامة ويلا جبيتي مانك حشمانة ” بمعنى اخرجي واظهري فأنتي طاهرة وليس لديك ما تخجلين منه ،وتكون خيمة العرس مجهزة بجميع الأواني اللازمة لتغطية حاجيات البيت وتجهز العروس خيمتها من مال أهلها وهذا الطقس موروث منذ الماضي القديم وفي صبيحة اليوم السابع تضع العروس الحناء في يديها و أقدامها وهي في كامل زينتها.
وتلبس أبهى ما قدم لها زوجها من “الملاحف”كما في الصورة وتكون ألوانها مختلفة ويمنع على العروس أن تأكل مع والد زوجها و إخوته على نفس المائدة .
ويحتفل المجمع بتأدية عدة أغاني ورقصات من بينها رقصة” الكدرة” كما في الصورة
والعروس في كامل أناقتها وجمالها لكن لا تظهر للآخرين إلا بعد مرور هذه المدة ويبقى العرس الحساني تراث ثقافي لامادي حي في ذاكرة المناطق الجنوبية للصحراء المغربية.
من إنجاز: Rachida KHARIT