المؤهلات السياحية بإقليم زاكورة…؟
منذ فجر الاستقلال عملت البلاد على إقامة أرضية صلبة لقطاع طاله الإهمال، ألا وهو القطاع السياحي،الذي يعتبر من القطاعات المهمة لما له من تأثير جانبي على مستقبل البلاد، نظرا لارتباطه بمختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمجالية .
إن موقع المغرب الاستراتيجي بمثابة همزة وصل بين إفريقيا وجنوبها من جهة والقارة الأوربية من جهة ثانية وتنوع وحداته التضاريسية (جبال ،صحراء ،بحار…) التي عملت أيضا على تنويع مناخه، ينضاف إلى ذلك زخمه الثقافي وتراثه المهم ،نتيجة تعدد تركيبته البشرية،الشيء الذي مكنه من استقطاب أفواج من السياح منذ زمن بعيد، وقد كان النشاط السياحي في البداية كان يقتصر على عدد قليل من المدن وهي: تطوان والحسيمة و طنجة وأكادير ثم الجنوب الكبير. فكانت أولى المخططات 65 – 66 المخطط الثلاثي، تركز على السياحة الشاطئية، والمنافسة الإسبانية تتطلب من المغرب أكثر من ذلك، حيث عمل من خلال مجموعة المخططات، ومنها المخطط الأزرق، مدائن، وإعداد المواقع الجبلية المختلفة، والمنتزهات، والمحميات، والمواقع الثقافية والتاريخية…
وفي هذا الإطار، يمكن أن نقف عند زاكورة التي تتموقع بالجنوب الشرقي للمغرب والتي تمتاز بمؤهلات سياحية مهمة، يمكن أن يكون لها صدى مهم إقليميا، جهويا، ووطنيا، ولما لا دوليا شرط تحسين توظيفها وتثمينها وتقييمها. فهي تقع على طريق ألف قصية وقصبة، بالإضافة إلى الموقع الإستراتيجي كمحطة تربط بين زاكورة و محاميد الغزلان ، إلى جانب محطات سياحية أخرى بالجنوب المغربي بدءا من مرزوكة، ثم الريصاني موقع سجلماسة الآثري ، وضريح مولاي علي الشريف.
وعلى كل ، الواحة عبارة عن منطقة عبور لأعداد مهمة من السياح الذين يتجهون إلى مدينة زاكورة مرورا بتامكروت…، وتبقى مؤهلاتها السياحية مهمة: ( الكثبان الرملية، واحات الرمال، الخطارات، القصور والقصبات…). لكنها تعاني من ضعف البنيات التحتية إن لم نقل انعدامها، فللمنطقة مؤهلات أخرى: فهي مجال واحي فسيح ، وتزخر بقصور قديمة ساهمت هي الأخرى في إعطاء القيمة السياحية للمنطقة. بالإضافة إلى هذه المعطيات الطبيعية المتنوعة، وإلى جانب المؤهلات الحضارية والثقافية كالزاوية الناصرية بخزانتها القيمة… وجب استثمار هذه الموروثات واستغلال الموارد المحلية كمنتوج سياحي للمساهمة في خلق فرص للشغل وتحفيز السكان بفعل السياحة على الاندماج في المنظومة البيئية الواحية فقد تبث «أن السياحة مصدر غناء في المناطق التي تحوي مؤهلات طبيعية وثقافية ».
وبوقوفنا عند زاكورة نجدها “واحة، ومدينة، وقرية وكتابا مفتوحا خصصت صفحات منه للحكايات وأخرى للأساطير. وما بين الحكاية والأسطورة دروب جغرافية وتاريخية طويلة افترشتها القصبات في قلب الصحراء عبر وادي درعة ومنطقة الواحة مرورًا بخَزَانة تامْكروت والعرق اليهودي وهو بحر الرمال الخادع.” ومدينة زاكورة تختزن مفاجآت لعشاق التيه في الصحاري الذين يمكنهم الإبحار في رمال الصحراء الشرقية الممتدة إلى ما لا نهاية ، ليعيشوا لحظات عذبة من صمت الطبيعة وجبروتها. زاكورة مدينة الحرية، مدينة ذات طابع خاص، احتفظت بأصالتها وطابعها الهندسي، رغم رياح التحديث التي هبت عليها من جميع الجهات، خصوصا مع التوافد الكبير للسياح الذين يأتون إليها من مختلف أصقاع المعمور.
تعد زاكورة أحد الأقاليم السبعة التي تتشكل منها جهة سوس ماسة درعة، هذه الجهة الممتدة بين المحيط الأطلسي غربا ودولة الجزائر شرقا، وإذا كانت مدينة أكادير هي بوابة هذه الجهة، فإن زاكورة هي حزام الأمان بين الشقيقتين الجزائر والمغرب.
وبفضل هذا الموقع المتميز، ببوابة الصحراء وبمؤهلاتها الطبيعية الساحرة ومناظرها الطبيعية التي تجمع بين التفرد والجمال، وطيبوبة أهلها وقصورها وقصباتها وواحاتها وتلالها وكتبانها الرملية الساحرة، وماضيها العريق الضارب في أعماق التاريخ، ظلت زاكورة منذ قرون منطقة جذابة تعلق بها أهلها وأحبوها حدّ الافتتان، مصرين على التعلق بها رغم صعوبة الظروف المناخية وقساوة الطبيعة الصحراوية.
نقف كذلك عند جبالٌ ووديان، سيلٌ يحمل الطمي وشمس تجاهد السحبَ الداكناتِ، بدو رحل بعد أن ينتهي الشتاء يبدؤون في الاحتفاءِ بالربيع والخروج من أجواء البرد لتتحرك قبلهم وبعدهم قطعان الغنم وقوافل الإبل.
فالبيوت الطينية تمتص درجة الحرارة التي تتجاوز 45 درجة مئوية، كما أن هواءها النقي يطهر ما علق في رئتي الزائر من دخان سيارات المدن الكبرى، ويعتق جسده وعقله من ضغط الحياة الحضرية القاسية، ويمنحهما لحظة تحرر لا مثيل لها.
وعكس ما قد يتبادر إلى ذهن الناس من احتمال أن تكون زاكورة- بالنظر إلى مناخها الصحراوي- خالية من النبات إلا من النخيل وغيره من الأشجار المعروفة بقدرتها على تحمل الظروف المناخية مهما بلغت قساوتها، فإن الغطاء النباتي لهذه المنطقة متنوع رغم غلبة الطابع الصحراوي على مكوناته.
كما أن ارتفاع درجة الحرارة، التي يعتبرها البعض مبررا منطقيا لعدم المغامرة بزيارة زاكورة في فصل الصيف، يعد نقطة قوتها لدى غالبية السياح الراغبين في اكتشاف المدن الصحراوية مناخا وعاداتا وأنماط عيش.
يذكر التاريخ أن هذه المنطقة كانت مهد الأسرة السعدية التي حكمت المغرب في القرن السادس عشر، وامتد نفوذها حتى تومبوكتو في مالي، ولازالت اللوحة المنتصبة قبيل وادي درعة تذكر الزوار: «تومبوكتو: 52 يوما». فقد عاشت هذه المدينة عبر القرون الخوالي محطة مهمة في طريق القوافل التجارية بين مراكش وتومبوكتو.
في كتابه «حفريات صحراوية مغربية»، يشير عبد الوهاب بن منصور إلى أن رمال الصحراء لم تكن حائلا بين المغرب وبقية الأقطار الإفريقية، بل كانت صلة وصل بينه وبينها، حيث كانت الصحراء المغربية معبرا لطرق القوافل بين المراكز التجارية القديمة بالشمال بمثيلتها بالجنوب، فعبر هذه الطرق الصحراوية يحكي التاريخ والشعر كيف كان ملوك المغرب والسودان يتهادون التحف النادرة والطرف العجيبة والحيوانات الغريبة .
في الطريق إلى زاكورة يواجهنا شيخ عملاق أسود، كأنه مارد خارج من قمقم الحكايات الصحراوية، هو جبل كيسان المتجهم بلونه الداكن، الجبل يحرس أكدز، وَجْهُه يشرف على الواحة التي تنمو بها عدة أنواع من التمور( الفكوس، الجهل…). من أعلى جبال الأطلس في تلك المنطقة التي تطل على الوادي تبدو قمم النخلات مثل وَرْدَاتٍ أبدية على مائدة من الصخور الأزلية.
أدنى جبل كيسان، وفي قلب واحة وادي درعة تنام متفرقات قرى صغيرة، تظنها غير مأهولة حتى تلمح قرويا يسير هنا أو قرويتين تتوقفان هناك، إنه يوم في حياة الجنوب يمشي فيه الزمن متمهلا على عربة أو دراجة أو دابة، وتستوقفه مصافحات وابتسامات وتحيات.على مسافة البصر والطريق قصبات أو آثار لها، حيث يحمل كل برج منها قصة، فمُلاكُها كانوا حماة القوافل، ومنها قصبات أولاد عثمان وقصبة القائد العربي… تنتشر على امتداد مدن وقرى أفلاندرا، مزكيطا، أكدز، تامزموت، تنزولين، ، فزواطة، زاكورة، محاميد الغزلان وتامكروت قوة الجذب السياحي الذي تتمتع به المنطقة، ذلك الكنز الذي لا ينضب، لكن الزائر يجد نفسه في مدينة فقيرة تتضخم عشوائيا وسط الفراغ، ولعل ذلك ما يعكسه فراغها من سوق في مستوى حجمها السكاني. من يصدق أن ساحة يتجاور فيها الخضار والحداد هي كل ما في الأمر. فالسكان الطيبون، بعد عقود من التمدن، مازالوا يفضلون السوق الأسبوعية التي يقيمونها ويطوون خيامها عصرا. والحياة البسيطة لأبناء المنطقة نقيض حياة الفنادق السياحية وبازارات الصناعة التقليدية.
الطريق إلى تامكروت تعطيك شعورا بأنك تدخل المنطقة الصحراوية، فالأرض رغم أنها خالية فإنها تحمل مخيلتك إلى ما كانت عليه المنطقة في ما مضى، قوافل الجمال، حركة تجارية، زعماء دين، وبعض المكتشفين الذين جاؤوا إلى قلب تامكروت في طريقهم إلى تومبوكتو.. وبزاكورة يمكن أن ترى القصبات الممتدة : قصبة تمنوكالت من أقدم وأعرق مراكز السلطة، قصر المحاميد، قصر البطحا، قصر أعريب، قصبة لعلوج التي لم يبق منها غير أطلال عاصرت العهدين السعدي والعلوي، قصبة مولاي أمبارك التي يقام بها موسم خلال شهري أكتوبر وشتنبر، القصر الكبير، زاوية القاضي، قصبة اعمامو، قصبة أيت سفول، قصبة مولاي الفضيل، قصبة الرملة التي تتوسط كتبانا رملية، قصبة اليمني، القصبة الفوقانية، قصبة المشان، قصبة أولاد بلعيد… بعض من مئات القصور والقصبات التي ذكرها المهدي بن علي الصالحي في كتابه «الرحلة الدرعية الكبرى»، إلى جانب عشرات الزوايا كزاوية القاضي، زاوية أمداغ، زاوية الحنا، زاوية امغري، زاوية سيدي عمرو، زاوية تبورخصت، زاوية سيدي حساين، زاوية أيت بويحيى، زاوية بونو، زاوية تكرسيفت، زاوية سيدي موسى، زاوية سيدي بلال بقصر تفكروت بفزواطة، زاوية سيدي عمرو بن مسعود، زاوية سيدي علي، زاوية سيدي صالح التي تأسست سنة 1088 هجرية، أسسها الشريف سيدي صالح بن إبراهيم، زاوية سيدي يحيى، زاوية مولاي الشريف بن عمر العلوي السلجماسي، زاوية سيدي صالح القديمة وتسمى أيضا زاوية للاحليمة بنت صالح أو الزاوية الدخلانية، من أشهر آثارها الدار الكبيرة التي تقام بها الحضرة أيام الأعياد الدينية…
صحراء زاكورة ليست تلك القفار الموحشة والرمال الخادعة والأرض الجدبة، بل نجد وراء الوحشة والسراب والقفر صيغا ثقافية متوارثة وحضارة ضاربة في التاريخ، في كل قبيلة موروث ثقافي متمايز ومتقاطع بشكل نادر مع سواه. وإذا كان لا يصح أن يبلغ عدد حبات الرمال قصص الصحراء، فإنها لن تقل عن عدد القوافل التي عبرت دروبها.
La contribution apportée par le tourisme au développement sert également la cause de la solidarité à l’échelle mondiale. À une époque marquée par une profonde incertitude économique générale, la capacité qu’a le tourisme de créer des débouchés socioéconomiques et d’aider à réduire l’écart entre nantis et démunis est plus importante que jamais.
شكرا لك أخي على هذا المقال الجميل ، فالمرجو من ادارة الموقع كتابة وظهور اسم الكاتب وشكرا
سلام أخي سعيد بن هرة
شكراً عل هذا المقال وأتمنى لك كل التوفيق
حاولت مقاربة السياحة بمنطقة زاكورة على شكل فسيفساء ولغة جميلة، لكن أود أن أشير إلى أن مختلف المدن المطلة على الصحراء والجنوبية في الهوى سوى، مناظر خلابة وواحات جميلة ومؤهلات ثقاقية لا تعد ولا تحصى ولا تخفى إلا على من أصيب بعمى الصدور لكن الإهمال طال مدننا، ولأننا فقط أبناء المغرب غير النافع، من منظور واحد فقط وإلا فبماذا يعيش الشمال النافع أليس بموارد الجنوب !!!
أتمنى من ابناء هذه المناطق العمل على تذويب ما عمل عليه أبناء الشمال طوال عقود من إقصاء وتهميش لمؤهلاتنا ومناطق سكنانا
ملاحظة بسيطة ذكرت في المقدمة “لما له من تأثير جانبي على مستقبل البلاد” أعتقد أن مصطلح جانبي قد تعني ما هو “سلبي” عكس ما تود أن تقوله وأتمنى أنك قصدت “إيجابي” = لما له من تأثير إيجابي …
تحياتي
mazidan mina l3amal
زاوية الصفصاف خويا
مقال جميل وأفكار لابأس ولكلن من من المسوؤلين يقدرهدا الزخف السياحي ويعيد الاعتبار لهده المنطقة المنسية……..tanmerte said
مقال رائع ويخطوا في طريق التنمية السياحية في المنطقة . وفقك الله . واصل .