اهل القاع واثر الدولة

0 357

كثيرة هي الاسئلة التي يطرحها المرء عند تناوله لمفهوم الدولة سواء لتبرير سلوكات معينة او لكشف وتعرية حقيقة ما.اسئلة تنبع من تجارب الحاضر وعذاباته,فالدولة كانت في اول الامر فكرة افرزتها حاجات انسانية في ظروف كادت تحكم على النوع البشري بالفناء,لذلك تم تطوير هذا المفهوم ليضم ويتسع للجميع بدون استثناء ويضمن مصالح الجماعة دون اغفال مصالح الافراد.فالهدف من فكرة الدولة في منطلقها كان نبيلا.فالدولة تنظيم اجتماعي مصطنع و بالتالي فهي بالضرورة تتناقض مع الفردانية المطلقة.لكن عندنا وكباقي المفاهيم المستوردة قصد الاستهلاك تمت تبيئة المفهوم مع كثير من التصرف فيه,فالدولة  لها تجسيدات على ارض الواقع تتمثل في المؤسسات التي تهدف الى تقريب قراراتها و تفتح اواصر التواصل مع الافراد و من خلال انتاجية المؤسسات يتم الحكم  على مدى كفاءة الدولة وعدم خروجها عن الاهداف النبيلة التي تحكمت في ظهورها من الاصل .فمؤشر حياة الدولة وحيوتها تكمن في القيمة المضافة التي تضيفها بين الفينة والاخرى الى حياة الافراد لتحقيق مستوى اعلى  من الرفاهية و العيش الكريم.عندنا  في ارض اهل القاع تتجسد  الدولة في شخص واحد او عدة اشخاص تتحكم فيهم الرغبات والنزوات عوض الافكار البناءة,واقصد باهل القاع الزاكوريون الذين لا يعرفون من تجسيدات الدولة الا الكوارث والمآسي,مجالس منتخبة تتقاطع فيها رغبات الداخلية ونزوات ذوي النفوذ,حتى اصبحت المجالس سواء الجماعية او البلدية رمزا للفساد,حيث اصبح الرؤساء بارعون في النهب واستثمار الاموال المنهوبة في العقار او التجارة دون خجل ولا وجل,فقليل ما هم اولئك الرؤساء الذين يراعون الله تعالى في الفقراء,مجالس متورطة في فضائح اراضي سلالية حيث تم تفويتها مقابل رشى وعلاوات,صفقات عمومية يتم رسم اتجاهها مسبقا,تلاعب بمنافع اهل القاع,تنمية راكدة,تنمية ادارية منعدمة و صناديق اموال جماعية فارغة بفعل السرقة,فضائح تمويل تذهب لغير اهلها:تجهيزات منزلية,عجلات سيارات,قسيمات بنزين…ذلك قليل من كثير مما يدور في وطن اهل القاع.اما المؤسسات الاخرى فهي على غرار ذلك او اكثر,فالعمالة الدهليز الاكبر والمجسد الاكبر للدولة فهي حكاية اخرى ,فالاجدر بام الادارات ان تعطي المثال والقدوة ,لكن للاسف الفساد لم يترك ركنا فيها الا واستوطن فيه,طابور انتظار طويل وموظفون متجهمون تشم في اقوالهم رائحة التسلط الذي عفا عنه الزمن بفعل المرحوم البوعزيزي,وملفات مجمدة شهورا عديدة وازمنة مديدة مرهونة بفعل مزاجية موظف لا يعرف اهل القاع كيف وصل الى ما وصل اليه ليصبح يتحكم في مصالحهم.اما الادارات الامنية فلازالت تمثل ذلك البعبع الذي زرع ويزرع الفوبيا في نفوس اهل القاع,لازال ذلك الخوف الذي تحس به يتحرك في معدتك وانت تدخل الى المقر الامني للحصول على البطاقة التعريفية,خوف اصبح قناعة راسخة ومتجذرة بفعل سلوكات كونت مخيالا جماعيا يختزن الاحكام والتصورات.هذه هي الدولة مجسدة في مؤسساتها في ارض اهل القاع,هذا هو الاثر الذي تتركه الدولة في نفسية اهل القاع.هذا ما يجنيه اهل القاع من الدولة,انها مؤسسات تصنع ازمات اجتماعية قاتلة دون ان نسمع في يوم من الايام ان الامر قد اختلف وتحسن لصالح هذا الانسان المنسي في هذه الحفرة,انسان يخاف من المطر لانه سيسبب الفيضان ويقضي على بيت القش الذي يسكنه لان قنوات التصريف ذهبت اعتماداتها لجيوب المقاولين والتقنيين والمهندسين,يأكل دقيقا مليئاا بالحشرات خوفا من الموت رغم انه يقتل كل يوم مرتين على الاقل,ويبقى اهل القاع في قاعهم الى اشعار آخر.

العربي 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.