ضريبة النضال إقصاء مؤقت عن العمل وعقوبة حبسية موقوفة التنفيذ
لاتزال حرب الاستنزاف والانتقام التي شنتها وزارة التربية الوطنية على خيرة شباب هذا الوطن من الأساتذة المجازين المقصيين من الترقية بالشهادة الذين رفضوا الخنوع والاستسلام لظلم اعترف به الظالم نفسه قائمة؛ في ظل صمت خطير للنقابات الأكثر تمثيلية ،إن دل على شيء إنما يدل على انخراطهم الماكر في هاته اللعبة.إنهم شباب يافع ينحدر من كل مدن المغرب، من أقصى الشمال بجباله الملتوية إلى أقصى الجنوب ببيدائه القاحلةـ
حرب بكل المقاييس تحالفت فيها ثلاث قطاعات حساسة بالبلاد المتمثلة في كل من وزارة المالية، وزارة العدل والطرف الرئيسي في هذه المؤامرة وزارة بلمختار ضد من يدرسون أبناء الشعب المغربي
المبادئ والقيم الإجتماية والتربية على المواطنة والحق والواجب وما إلى ذلك. فبعد التدخلات العنيفة التي طالتهم في معتصمهم بالرباط والاعتقالات التعسفية وكذا الاقتطاعات الغير القانونية من أجورهم الهزيلة ، سيجدون أنفسهم أمام تفعيل مسطرة الانقطاع عن العمل في حقهم، فقطعوا عنهم أجرتهم واشترطوا عليهم المثول على المجالس التأديبية وتأدية العقوبة اللاشرعية حتى يتسنى لهم صرف أجورهم التي لا تكفي لأداء نفقات الكراء والتنقل في ظل الأسعار الصاروخية فما بالك بتكوين أسرة ؛ في خرق سافر للدستور الذي ينص على شرعية الإضراب و لكل المواثيق الدولية التي تنص على المساواة والتي وقع عليها بلادنا.
ليس هذا وفقط، الخطير في الأمر هو العقوبات الحبسية التي طالت مناضلي التنسيقية الوطنية للأساتذة المجازين المقصيين ظلما من الترقية بالشهادة لا لشيء إلا لأنهم طالبوا بالحق في المساواة كزملائهم في العمل ـ أم أن المطالبة بالحق ولو تبثث شرعيته ،أصبح جرما يعاقب عليه القانون بعقوبات حبسية في هذا الوطن ؟
تأتي كل هذه التعسفات في ظل الحملة التشاورية مع أطر هيئة التدريس التي تنظمها وزارة التربية الوطنية حول المشروع المجتمعي الذي يروم النهوض بمنظومتنا التعليمية.بالله عليكم عن أي مشروع مجتمعي يمكن أن نتحدث أمام هذا الواقع الذي تدمع له العيون ويندى له الجبين، دعونا نتأمل واقعنا ونتفحص أمورنا، من منا سينكر أن المغرب يصنف في المراتب الدنيا في التعليم إفريقيا ، هل هذا الواقع المر يحتاج إلى تشخيص أم أن هناك رغبة جامحة من لدن المسؤوليين في أن يبقى الوضع كما هو عليه؟ومن سينكر أن أجرة الأستاذ المغربي صنفت ثاني أدنى أجرة عالميا ،لماذا كل هذا الاحتقار لأطر يجدون ويكدون في سبيل أبناء الوطن ؟ لماذا هذه الحرب اللامنتهية ضد المعلم بعدما كان رائدا فكريا وسياسيا في العقود التي مضت ؟ لماذا تهميش قطاع اعتبره رمز الحرية والكرامة نيلسون مانديلا أساس تغيير المجتمع؟ لكن يبدو أن خريطتنا السياسية في غنى عن هذا التغيير ـ
أمام كل هذا، يبقى التساؤل المطروح كيف لأساتذة مورست عليهم كل أشكال التعذيب النفسي ٫ كيف لأساتذة سجنوا بتهمة النضال والثبات على المواقف أن يعملوا داخل القسم ويلقنوا تلامذتهم درس من دروس التربية على المواطنة؟ وتبقى المدرسة المغربية ضائعة بين حبر على ورق وواقع يكرم فيه الحقير ويحتقر فيه الكريم