فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

0 389

وبعد، فمن نعم الله تعالى وفضله على عباده أن جعل لهم في أيام دهرهم مواسم خير ونفحات رحمة، حظهم على التعرض لها والنيل من فضلها والاستمداد من أنوارها. ومن هذه النعم وأعظمها أيام عشر ذي الحجة المباركة التي بين الله تعالى فضلها في كتابه، وورد في السنة الحديث عن شرفها وحرمتها.

أولا: فضل هذه الأيام

1)قال تعالى: والفجر وليال عشر قال ابن كثير رحمه الله: “المراد بها عشر ذي الحجة” .

2)وقال تعالى: ويذكروا اسم الله في أيام معلومات قال ابن عباس رضي الله عنهما: “أيام العشر” .

3)و عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: “مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ قَالُوا وَلَا الْجِهَادُ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ”

4)وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مامن أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر. فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”.

5)وكان سعيد بن جبير رضي الله عنه -وهو راوي الحديث السابق عن ابن عباس- إذا دخلت العشر اجتهد اجتهادا حتى ما كان يقدر عليه

6)وقال الحافظ بن حجر في الفتح: “السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي: الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره” .

7)وقال المحققون: “أيام عشر ذي الحجة أفضل الأيام، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل الليالي.”

ثانيا: ما يستحب فعله فيها

1)الصلاة: يستحب التبكير إلى الفرائض، والإكثار من النوافل، فإنها أفضل القربات. فعن ثوبان رضي الله عنه قال: “عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً”. وهذا عام في كل وقت.

2)الصيام: فعَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ امْرَأَتِهِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ”  قال الإمام النووي رحمه الله عن صوم الأيام العشر: “إنه مستحب استحبابا شديدا” .

3)التكبير والتهليل والتحميد: لما ورد في حديث ابن عمر السابق: “فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد” . وقال الإمام البخاري الله: “وكان عمررضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيرا وكان ابن عمر يكبر بِمِنًى تلك الأيام، وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاته، ومجلسه، وممشاه تلك الأيام جميعا. وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ (زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم) تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ وَكُنَّ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ”  وقال: “كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنه يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما وكبر محمد بن علي خلف النافلة”.

4)صيام يوم عرفة لغير الحاج: لما رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده” .

5)فضل يوم النحر: عده بعض العلماء أفضل أيام السنة على الإطلاق حتى من يوم عرفة. قال ابن القيم رحمه الله: “خير الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر” ويوم القر هو يوم الاستقرار في منى، وهو يوم الحادي عشر. وقيل: يوم عرفة أفضل منه، لأن صيامه يكفر سنتين، وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة، ولأنه سبحانه يدنو فيه من عباده. ويباهي ملائكته بأهل الموقف. والصواب القول الأول لأن الحديث الدال على ذلك لا يعارض بشيء. وسواء كان هو أفضل أم يوم عرفة. فليحرص المسلم على اغتنام فضله حاجا كان أم مقيما.

محمد بن الطالب (محمد سالم)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.