قزم يتفرج …عمالقة تتصادم

0 440

[ads1]إن المتأمل للخريطة العربية اليوم يندهش لتسارع الأحداث وعظم النتائج, وأصبح مصطلح السنة والشيعة أهم المصطلحات المتداولة على مستوى الاعلام المرئي والمكتوب, كما انبرت أقلام لتحليل هذه الأحداث والوقائع تبيانا للأخطار التي قد تنتج عن التصادمات السنية الشيعية وذلك من أجل التحذير من مغبة استمرارها ,و أخرى تذكي نارها في انتظار سقوط  العمالقة ليركب القزم ويقطف الثمار الملونة بلون الدم.

كل الدول التي تعرف فسيفساء في مكوناتها الطائفية هي اليوم مهددة بانفجارات مجتمعية قد تؤدي الى تقويض كيانها الاجتماعي والسياسي وخاصة الدول المشرقية المحاذية للكيان الصهيوني الذي يجلس الى كرسي وفي يده “رموند كنترول” ويحرك العناصر المتصادمة في انتظار السقوط المدوي للكل.

 وتعتبر سوريا اليوم البؤرة التي سوف تفجر البركان الخامد الذي بدأت حممه تتطاير وقد وصلت بالفعل الى مصر القلب النابض للدول العربية والاسلامية وهو مرشح للتوسع ليس فقط لهذه الدول التي تعرف هذه الفسيفساء الطائفية وإنما يمكن أن يبلغ دولا أخرى هي في الأصل بعيدة عنه لكنها سوف تحشر بطريقة أو أخرى حتى تحرق نار هذا التصادم ما قرب أو بعد من غابات العالم الاسلامي.

وتعتبر الفتوة التي خرج بها علماء العالم الاسلامي من مصر نفسها ودعوتهم للجهاد في سوريا دلالة على بداية هذا التوسع التصادمي – إن صح التعبير- بين السنة والشيعة ,ولقد خرج علينا حزب اللات بمجموعة الأشخاص الذين قضوا نحبهم   من جنسيات مختلفة  عبر العالم ومنهم فرنسيون, ايطاليون ,مغاربة بجنسيات مختلفة , جزائريون , ليبون ,تونسيون وهؤلاء كلهم في دول ليس فيها هذا التنوع الطائفي وخاصة دول شمال افريقيا.

إنها نار حرقت دولا ولازالت تحرق أخرى, فالعراق واعدوه بالديموقراطية ومنحت له على شكل وردة تقطر دما وصديدا, ولازالت تصلنا رائحتها النتنة بين الفينة والأخرى, ووضعوا على رأس حكومته طائفي من العيار الثقيل يذكي نار الطائفية ويسخر لها مقومات العراق النفطية إرضاء للمعممين الإيرانيين ,فالجيش العراقي جيش طائفي بامتياز ينفد أوامر نوري المالكي في تصفية السنة هناك, ولم يعد مستقلا بذاته وإنما أصبح تابعا للحرس الثوري الايراني ,دون نسيان الاستثمارات الاسرائيلية في الشمال العراقي والتي لم تكن تجرؤ على العراق في عهد صدام وها هي اليوم تصول وتجول في أرض الفرات بمباركة المعممين الشيعة الذين يتحالفون مع الشيطان إن كان ذلك يحقق لهم مصلحة ,يبيعون أعراضهم وأرضهم إرضاء للصهاينة وقد شاهدنا شيعيات يخدمن الجنود الأمريكيون, ومعممون يقبلون الأيادي والأرجل, إذن ماذا بقي من عراق الحضارة والشموخ بعدما مسك بزمام الأمور هناك أذناب الأمريكيون والصهاينة…؟

 لقد بقي الفرات ودجلة يشهدان على زمن السقوط…

 ومن العراق الى اليمن حيث التسليح للحوثين على أوجه وكأن العالم ينتظر اللحظة المشهودة  حيث الانفجار الهائل الذي سياتي على الأخضر واليابس, ونسمع بين الفينة والأخرى مواجهات بين الزيديين والحوثيين وكما نسمع عن مواجهات أخرى بين السنة والحوثيون في بلد يعد من أهم بلدان العالم تسلحا .

أما لبنان فهو بؤرة التوتر القديم الجديد الذي ما فتئت تتصادم فيه الطوائف على كثرتها في هذا البلد الصغير والاستراتيجي حيث التدافع المصالحي على أوجه بين دول كثيرة ,وأحداث الأسابيع الماضية في كل من صيدا جنوبا وطرابلس شمالا أكبر شاهد على ذلك ,هذه الأحداث ذهب ضحيتها عناصر من كلا الطرفين السني بزعامة الأسير والشيعي بزعامة نصر اللات, وهو مرشح بالانفجار في أي لحظة.

 ثم يأتي بعد ذلك كل من البحرين ,الكويت ,السعودية ,بكستان ,جل الدول التي تعرف هذا التنوع الطائفي وخاصة السنة والشيعة لانهما البطلين الجديدين للأحداث التي سوف يعرفها العالم في  هذا العصر, وهذا التصادم سيكون سببا لاستنزاف القوى والثروات على المدى المتوسط والبعيد للعملاقين المتصادمين.

من المستفيد إذن من هذه الحرب التي بدأت طبولها تقرع في المشرق العربي والاسلامي, من له مصلحة في أن يصطاد في المياه العكرة غير اسرائيل وحلفاءها الغربيون الذين وجدوا من يقود حرب هوجاء بمباركتهم ونيابة عنهم ضد السنة خاصة, والتي يعرفون أنها تشكل تهديدا أيديولوجيا على المدى المتوسط والبعيد على ايديولوجياتهم المتهالكة والمتآكلة والاقبال المتزايد للغربين أنفسهم على اعتناق الدين الاسلامي الصحيح المتمثل في السنة .

  هم يعرفون أن الميزة الأساسية للسنة هي الممانعة الطويلة الأمد ولن يتمكنوا من اجتثاثهم بالمعنى الحقيقي للكلمة الا بوجود عنصر آخر له من الممانعة ما للسنة وبالتالي وجدوا الشيعة العنصر الأنسب لهذه المهمة وخاصة أنهم يكنون للسنة عداوة تاريخية وحقد دفين مرده الى الاختلاف المذهبي الجلي بين الطائفتين.

إذن من المستفيد الأول والأخير من المواجهة التي بدأت مؤشراتها تظهر للعلن, إنها بدون شك اسرائيل هذا القزم الذي يتقن اشعال الفتن ليقطف ثمارها ,ثمار لا يشك اثنان في مدى خبثها ومرارتها ونتائجها المؤلمة وها هي سوريا اليوم أكبر شاهد على خيوط المؤامرة المحبوكة وعلى الفترة الدموية المقبلة التي ستعصف لاشك في ذلك بكيانات كثيرة وستقود الى تقسيم جديد للخريطة العربية المقسمة أصلا, وستؤدي الى التأسيس الفعلي لدولة اسرائيل الكبرى التي يستبعدها الكثير من الناس إما جهلا أو تجاهلا للسياسات والمخططات الاسرائيلية في المنطقة والتي بدأ تنفيذها الفعلي بالتصادم السني الشيعي.

      

 العبضلاوي عبد الله: تقني متخصص في تدبير المقاولات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.