ليلة العيد لهذه السنة …و ما أشبهها بليلة سقوط غرناطة

0 474

إنه عيد ليس كغيره من الأعياد,تكاد أنفاس الأمة العربية الإسلامية تكتم,أسى و تأسفا, وتجهش بالبكاء ,حسرة و ندما,على آلاف اليتامى و الأرامل حصيلة الحرب الدموية لبشار الأسد ضد شعبه,و غير بعيد عن سوريا ها هي أرض الكنانة على وشك التمزيق و السقوط في فخ الحرب الأهلية و التقسيم بين أبناء البلد الواحد كما حدث للسودان ,غير بعيد, و مثليهما تونس و ليبيا على شفا جرف هار يكاد يهوي في أية لحظة ,محدثا فاجعة أخرى من فواجع الأمة هذه السنة, والكلمة متفرقة و الحكام مختبئون في جحورهم خوفا من امتداد شظف عدوى المظاهرات و البلبلة التي لم تجد لنفسها طريقا للحل ,في مصر خصوصا,بل منهم من يذكي نار الفتنة,و لا حول و لا قوة إلا بالله.
هذه الليلة تشبه لحد كبير ما عاشه أجدادنا إثر سقوط آخر معقل ,من معاقل المسلمين,في الأندلس لبني الأحمر بغرناطة عام 896ه-1492م عندما أطبق النصارى الحصار عليها برا و بحرا و رابطت سفن بني القوط في مضيق جبل طارق و على مقربة من الثغور الجنوبية, وسط تقاعس و خذلان كبيرين من أمراء المسلمين في مد العون لحماة الفردوس المفقود,و قد عانت آنئذ إمارات المغرب ,كذلك ,من تفكك مهول و سقطت الثغور الشمالية للمغرب تباعا في أيدي البرتغاليين.
وهكذا بعد حصار القوط لغرناطة مدة سبعة أشهر ,دب اليأس في قلوب جنود المسلمين و اشتد البلاء بهم , لتهوي الأندلس بسقوط آخر معقل للمسلمين بشبه الجزيرة الأيبيرية و لتبدأ مسيرة الذل و الخيبة للأمة تلتها سنوات عجاف من الجفاف و البلاء كان لهما وقع كبير في نفوس المسلمين. فمن عصر النور و العلم و التقدم و الازدهار إلى الانحطاط المتواصل و الأمية و الجهل المستفيض ,لتنصدم الأمة من جديد مطلع القرن ال20 بظلام الاستعمار الامبريالي الذي أقبرها منهيا أملها في العودة لعزها و شرفها المغتصب.
هذه الليلة أكاد أجزم فيها بأن نفوس أغلب المثقفين المسلمين مطبقة بالسكوت المهول و حائرة تعلوا محياها قترة, و حزنا و أسى شديدين جراء الأعداد المتزايدة من القتلى الذين يسقطون تباعا كل يوم بالعشرات ,في أرض الشام ,كما تسقط أوراق الخريف و تتلاشى عن العيون,دون وجود حل نهائي لضمد الجراح و درئا للفتنة الهدامة التي تأتي على الأخضر و اليابس و تقبر الأمة من جديد في عصور حالكة ليس لها نهاية. في الوقت الذي تتسابق الأمم الأخرى على التطور الاقتصادي و العلمي لبلدانها بينما لازلنا نحن في مؤخرة الركب.فمتى نسعد بعيدنا و نبتهج به بعيدا عن الأحزان و المتاهات؟و متى نعيد لهويتنا الإسلامية بريقها و لمعانها و نتصالح مع ذواتنا دون حاجة لفضلات الغرب؟ و متى يصعد مستوى تعليمنا و يعود عصر الاكتشافات و الابتكارات كما حدث إبان حكم الأندلس؟

عمرلوريكي: أستاذ و كاتب بنيابة زاكورة
للتواصل معي:
https://www.facebook.com/olouriki

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.