مؤرخ مجهول، مغرب القرن الواحد والعشرين
يعيش المغرب مرحلة تاريخية جد حساسة، قد يسجل المغاربة ملاحظاتهم حول هذا الواقع، كما الصحف والمجلات ترصد مجموعة من المتغيرات اليومية الحاصلة في البلد، وربما قد لا يلقي مُؤرخون بالاً لهذه اللحظة التاريخية التي لا بد لهم من رصدها وتحليلها ولِما لا تأليفها، لكن لا مجال للتأليف في هذه الظرفية، فهي أيضا تعرف طفرة مهمة في مجال الرقميات، فأصبح الآن كل شيء يوثَّق بالصوت والصورة، وربما هذا هو الذي من شأنه أن يعطي قوة لكتابة التاريخ مستقبلا.
المهم أن لا مجال للتفاؤل يجب أن يطبع هذه السنوات التي جاءت بعد الربيع العربي. فبعد سنة 2100م سيَكتب التاريخ أنه جرى انقلاب على مطالب الشعب المغربي بعد أن توهم الكل بالإصلاح، انقلاب على الحراك المجتمعي الذي جاء بعد العشرين من فبراير 2010 والذي طالب بالحق في الشغل، الحق في التعليم، الحق في الصحة، التخفيض من أثمنة المواد الإستهلاكية،….، فلم يأتي بعد أن تركت الحرب أوزارها إلا الرفع من الأسعار، محاولات لخوصصة التعليم، محاولات الرفع من سن التقاعد والحد من التوظيف،…ولم يأتي من وراء هذه المرحلة أيضا إلا التغليط في الأرقام واللعب بالإحصائيات وتمثيل المسرحيات أمام كل المغاربة، كما شهدت هذه المرحلة انطلاق حرب كلامية بين فرقاء أهدافهم تركز على الفوز ب”جوج فرنك” عوض التفكير والإعلان على الرغبة الحقيقية في النهوض بوضعية المغاربة.
مؤرخ مجهول، قد يكون ذو حظ في كتابة هذا التاريخ المشؤوم، إن لم يكن هناك من سجله وسهر على كتابته كما يجب أن يُكتب، ومما لا شك أنه لم يعد زمان ليظهر مؤرخ فريد زمانه يتخفَّى بين الناس حتى ينقل الأخبار الصحيحة، لأن الكل سيتذكر هذا الوقت العصيب الذي فُقدت فيه كل الآمال في المستقبل.