ماذا بعد رفع العلم الفلسطيني ؟

0 433

حدث بارز، هلل له البعض، وأشاد به الكثيرون، عربا وعجما، فيما اعتبره البعض الآخر حدثا عاديا، لكن الفلسطينيين في فلسطين وكل بقاع العالم اعتبروه حدثا تاريخيا كبيرا له دلالاته وأبعاده.. لذلك سيتذكرون ومعهم العالم بأسره.. كيف لا ؟ وقد تم هذا اليوم الأربعاء 30 شتنبر 2015 رفع العلم الفلسطيني في مقر منظمة الأمم المتحدة، بشكل رسمي وبحضور وازن وبارز لزعماء العالم وقادته وصانعي القارارت الكبرى والمؤثرة في السياسة الدولية..

30 شتنبر من كل سنة، سيظل راسخا في ذهن كل فلسطيني وعربي ومسلم لأنه شكل بداية عهد جديد ورؤية جديدة للقضية الفلسطينية التي عمرت طويلا.. مثل هذا اليوم سيدرس لاشك في مقررات التعليم الفلسطينية والعربية والإسلامية، بله الدولية..

إنه انعطاف وتحول في تاريخ القضية العربية الأولى، فهل يكفي رفع العلم الفلسطيني في مقر منظمة الأمم المتحدة ؟

لا أحد ينكر أن اعتراف منظمة الأمم المتحدة بدولة فلسطين مكسب كبير للقضية، في ظل ما تعرفه الدول العربية من عدم استقرار وضعف وتخلف وانقسامات وصراعات حول السلطة.. لكن مع ذلك وجب التأكيد على معطى أساس وهو أن أقصانا لا يزال مستعمرا، يئن بصوت مبحوح.. حقيقة لن يغير رفع العلم من إقرارها شيئا، فالاستعمار استعمار، والقهر قهر، والظلم ظلم، لايرفعه إلا جلاؤه ورفعه.. لهذا كله استقبل الكيان الصهيوني الغاشم هذا الحدث بكثير من البرودة بعدما عجز عن منع تمرير مشروع القرار الذي قدمته السلطة الفلسطينية للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 شتنبر 2015، قرار أيدته 119 دولة من أصل 182، إذ اعترضت ثماني دول، أبرزها العم سام كما كان منتظرا، وتحفظت45 دولة.. الكيان الصهيوني اعتبر هذا الحدث رمزيا ومسكنا للغضب العالمي الذي بدأ يتزايد على التصرفات الهمجية والأعمال الوحشية التي يقوم بها الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي مقدمتها قتل الأبرياء وبناء المستوطنات..

رُفِع العلم، والعلم علم برمزيته، بعدما رُفعت اليد، وصفق العرب ومعهم “الأصدقاء” للخطوة، فمتى يرفع الرأس المذلول، ويتحرر أقصانا ونتنفس الصعداء ؟

فليعلم العالم بأسره أن رفع العلم غير كاف، ولن يثنينا عن المطالبة بجلاء الكيان الغاشم عن كل شبر من فلسطين، فالحرية الحقيقية، هي الكرامة، هي التنقل بحرية دون قيد أو شرط، هي الإحساس بالانتماء للوطن ، هي التحرر من ربقة الاستعمار.. ولا شيء من هذا تحقق إلى الآن، لأن هنالك واقعا مخالفا، عدوا على الأرض، استباح الأخضر واليابس، قتل البشر والشجر والحجر، اسمه الدبابة الصهيونية.. فعن أي علم نتحدث ؟

رفع العلم لا يجب أن ينظر إليه على أنه النهاية بل هو البداية فقط.. فعلم الحرية واحد يعرفه الجميع، الصغير والكبير، المثقف والأمي، الرجل والمرأة، العربي وغيره، وهو الذي لم يرفع بعد في فلسطين، وسيرفع.. مهما طال الزمن، لأن الحق حق، والباطل باطل، مهما كان نوعه أو شكله..

فلسطين ستتحرر، وهذا المعطى يجب أن لا يغيب عن أذهاننا، والكيان الصهيوني إلى زوال لاشك، لأنه لا يستند إلى أساس، ولم ولن يجد له موطئ قدم في عالم مجه ويمجه باستمرار، لأن الفطرة البشرية السليمة واحدة ترفض التزوير..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.