مراكز تحاقن الدم في المغرب يدقون ناقوس الخطر مع قرب نفاد مخزون الدم الذي يُهدد العمليات الجراحية بالمستشفيات المغربية

0 360

دقت مراكز تحاقن الدم في المغرب ناقوس الخطر، أمام التراجع اللافت لأكياس الدم، بسبب قلة التبرعات خلال الأسابيع الماضية، و بات نفاد مخزون الدم يهدد إجراء العديد من العمليات الجراحية.

حيث رجح فاعلون أن يتم تأجيل عدد من العمليات الجراحية و التدخلات الطبية المستعجلة، إن لم يتم إيجاد حل للنفاد المتكرر لمخزون الدم و مشتقاته و على رأسها “الأمينوكلوبين” الموصى به طبيا لعلاج مرضى نقص المناعة الأولي.

و في هذا الصدد، أطلقت الحكومة حملة على مواقع التواصل الإجتماعي، لحث المغاربة على التوجه بكثافة للتبرع بهذا السائل الحيوي، الذي أصبح نادرا بمراكز تحاقن الدم بشكل مقلق.

فقال لحسن فلاق، رئيس جمعية الأمل لمرضى السرطان بمدينة المحمدية (غرب)، “إن الإحتياج إلى الدم بالمستشفيات المغربية، مسألة ملحة و يومية، و قد يكون هذا الإحتياج في حالة الإستعجال عند النساء الحوامل اللواتي تعرضن لنزيف الولادة، أو عند ضحايا الحوادث خصوصاً حوادث السير.

كما قد يكون الطلب على الدم في حالات الأمراض السرطانية الدموية أو غيرها، أو عند المرضى المقبلين على عمليات جراحية تكون فيها نسبة النزيف كثيرة.

أكد المتحدث ذاته الذي يعمل أيضا في مجال التبرع بالدم، أن الإحتياج اليومي بالمستشفيات المغربية يقارب 1000 كيس من الدم، لكن مجهودات المركز الوطني لتحاقن الدم لا تلبي هذا الطلب لعدة إعتبارات؛ منها أساسا الإنخراط غير الكافي للمواطن المغربي في منظومة التبرع بالدم.

فيما تابع الدكتور فلاق حديثه قائلا : “منظمة الصحة العالمية تحُث على تبرع ما لا يقل عن 5 في المئة من المواطنين لكي يكون هناك مخزون كاف من الدم بمراكز تحاقن الدم خلال السنة، إلا أن 1 في المئة من المغاربة هم الذين يتبرعون بإنتظام”.

هذا و عزا ذلك إلى إنتشار الشائعات التي تدّعي أن الدم يؤخذ مجانا من المتبرعين و يتم المتاجرة فيه بمراكز تحاقن الدم، الأمر الذي يؤثر سلبا على المجهودات التي تهدف للرفع من مخزون الدم.

ليحث بعد ذلك فلاق، المجتمع المدني على الإنخراط لدحض هذه الشائعات و لتوعية الناس بمدى أهمية التبرع بالدم خصوصا في شهر رمضان الذي يعرف عزوفا للمواطنين عن التبرع بالدم. و لهذا فمراكز تحاقن الدم بالمغرب تفتح أبوابها في ليالي رمضان بعد الإفطار لإستقبال متبرعين و جمع كميات كافية من الدم.

بدوره، أكد البروفيسور خالد فتحي، أستاذ بكلية الطب بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن التبرع ليس نوعا من التكافل بين المواطنين فحسب، بل هو في مصلحة المتبرع أيضا لأنه يستفيد من مجموعة من التحاليل مجانا كما أن التبرع يعود عليه بمنافع صحية.

فتابع خالد في سياق حديثه : “أعتقد أن الواجب يقتضي أن يبادر أيضا أعضاء الحكومة و البرلمان بالتبرع بالدم و إعطاء القدوة في هذا المجال. لأنه من غير المقبول أن يكون الإحتياطي ضئيلا جداً، خصوصا أن المغرب بلد مسلم و تقاليده تحض على الكرم و التضحية و التضامن مع المحتاج، و ليس هناك حاجة أكبر من قطرات دم تحافظ على الحياة”.

الدكتور فتحي إسترسل قائلا “أعتقد أن ثقافة التبرع و التطوع، يجب ترسيخها في عقول الناشئة منذ الصغر في البرامج الدراسية، هذه هي الإستراتيجية المُثلى لإعداد جيل يستجيب لنداءات الوطن، و قد كانت جائحة كورونا أيضا سببا إضافيا عقّد وضعية مراكز تحاقن الدم.

بحسب فتحي، فإنه ينبغي بذل مجهود تواصلي لتشجيع المغاربة، فحتى من أصيب بكورونا يمكنه التبرع بعد شهر من الشفاء، وكذلك كل من تلقى جرعات اللقاح بعد سبعة أيام على الحقنة، كما أن هناك أفكاراً خاطئة عن التبرع يجب محاربتها، فكل من تجاوز 18 سنة ويتمتع بصحة جيدة يمكنه التبرع بشكل دوري كل 3 أشهر.

وزاد أستاذ الطب: “على الحكومة أن ترسل رسائل نصية على الهواتف، وعلى خطباء المساجد القيام بدورهم في التوعية.

وقال “ألاحظ أن هناك إقبالا كبيراً على الحجامة، فلماذا لا يكون نفس الإقبال على التبرع بالدم؟ ينبغي فقط القيام بحملات ناجعة لإيصال خطاب التبرع إلى الجميع بأسلوب سلس وسهل وفعال”.

خصصت مراكز تحاقن الدم بعدد من مناطق المملكة مجموعة من المساجد للتبرع بالدم خلال شهر رمضان، وذلك في ظل الخصاص الكبير المسجل في مخزون الدم بالمراكز الصحية.

في هذا السياق، نشرت الصفحات الرسمية لمراكز تحاقن الدم بغالبية جهات المملكة إعلانات بخصوص المساجد التي تم تهيئتها لإستقبال المتبرعين طيلة الشهر الفضيل.

قررت مراكز تحاقن الدم تخصيص فرق طبية و تمريضية بالمساجد التي ستحتضن حملة التبرع بالدم، و ذلك في الفترات التي تلي الإفطار و خاصة بين صلاتي المغرب و العشاء و كذلك بعد صلاة التراويح.

لتشهد حملة التبرع بالدم في اليومين الماضيين إقبالا ملحوظا للمصلين و هو ما دفع القائمين على مراكز تحاقن الدم لبرمجة مساجد أخرى.

من جانبها، وعدت الوزارة الصحة و الحماية الإجتماعية، ردا على إنتقادات المعارضة، بتطوير عمل منظومة تحاقن الدم في المغرب، كما وعد الوزير خالد آيت الطالب بإحداث بناية جديدة للمركز الجهوي لتحاقن الدم بالدار البيضاء، إذ قام مؤخراً بزيارة تفقدية للمركز الجهوي لتحاقن الدم بجهة الدار البيضاء سطات، إطلع خلالها على الخدمات الصحية التي تقدم للمواطنات و المواطنين.

في الختام، وعد المسؤول الحكومي، مسؤولي و أطر المركز الجهوي لتحاقن الدم بمحافظة “الدار البيضاء سطات”، خلال الجولة التي قادته إلى مختلف مرافق المؤسسة الصحية، بإحداث بناية جديدة تستجيب للمعايير الدولية، من شأنها الإستجابة للطلب المتزايد على الدم و مشتقاته، و تحسين ظروف العمل و الخدمات المقدمة، و النهوض بمنظومة تحاقن الدم في المنطقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.