نظمت جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بشركة مع طلبة ماستر البيئة والتنمية المستدامة بجامعة الحسن الثاني – كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، ندوة بيئية حول موضوع:
أيّة أدوار لمختلف الفاعلين في المحافظة على الواحات المغربية والتكيف مع التغيرات المناخية ”.
وذلك يومي الجمعة 22 ماي 2015 بمركز التربية البيئية، حي 2 مارس، بالدار البيضاء.
وحضره كل من السادة: الأساتذة الجامعيين وطلبة الماستر والإجازة بجامعة الحسن الثاني، وممثل المعهد الوطني للبحث الزراعي بمركز الرشيدية. ورئيس جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض وأعضائها، ومكتب الدراسات GEOBEL…(مخترع تقنية السقي الباطني).
وقد خصص حيز زمني مهم للمداخلات العلمية التي قدمها شركاء الجمعية وأساتذة جامعيين من خبراء ومختصين وباحثين في مجال الواحات. والتي تناولت مواضيع مختلفة، تدور كلها على المحافظة على الواحات في ظل التغيرات المناخية، كما خلصنا في الأخير بمجموعة من الاقتراحات.
تزايد الاهتمام الدولي في العقود الأخيرة بالتغيرات المناخية، نظرا لتزايد حدة الأخطار والكوارث الطبيعية ذات الأصل المناخي. واعتبارا لكون 65% من مساحة المغرب عبارة عن مناطق قاحلة وجافة. وتمثل الواحات أكثر المناطق تأثرا بهذه التغيرات. وتصل مساحتها إلى أكثر من 107 كلم2 من مساحة التراب الوطني، حيث تمثل 15% من مساحة المغرب. وتقطنه ساكنة تصل إلى 1.6 مليون نسمة أي 5.5% من ساكنة المغرب( حسب إحصاء 2004). وتلعب أدوار بيئية واجتماعية واقتصادية مهمة. وهذا ما جعلها تولى اهتمام مختلف المؤسسات والبرامج الوطنية والمجتمع المدني والعلمي والإعلامي.
هذا المجال بات اليوم يعرف مجموعة من التغيرات والتحولات في بنياته الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة بالأساس في التحولات الاقتصادية، حيث إدخال مزروعات جديدة ومستنزفة للمياه السطحية والجوفية، وأيضا التحولات الاجتماعية والحضرية، حيث النمو الديموغرافي الكبير الذي يقدر ب 0.9 % ما بين 1994 و2004 مقابل 1.4 % على المستوى الوطني. كما تتميز هذه الواحات بالكثافة الفلاحية المرتفعة والتي تتجاوز700نسمة في الهكتار الواحد. ونستدل على هذا الضغط الديموغرافي بمبيان تطور عدد سكان واحات درعة الوسطى:
وأيضا عرفت هذه الواحات في العقود الأخيرة توسعا للمدن والمراكز الحضرية، وهذا غالبا ما يتوسع على حساب المجالات الزراعية، مما يساهم كذلك في تقلص المجال الواحي.
أما من الناحية الطبيعية والبيئة، في تزايد وتفاقم حدة الأخطار المناخية، من تصحر،جفاف، براد وفيضانات….وانتشار واسع لمرض البيوض الذي أكدت أحد الدراسات أنه يزداد بارتفاع درجة الحرارة(أنظر الصورة أسفله) خاصة في ظل التغيرات المناخية الحالية. الشيء الذي جعل هذه المجالات تحضى باهتمام وطني ودولي. حيث أدخلت منظمة اليونسكو مجموعة من الواحات المغربية في محمية المحيط الحيوي واعتبرتها تراثا ايكولوجيا عالميا سنة 2000. زيادة على دخول بعض الواحات في قائمة رمسار RAMSAR، بالخصوص واحات درعة الوسطى وواحات تافيلالت. كما أطلق المغرب في المؤتمر الدولي الذي عقد “مدينة ليما ” إنشاء ائتلاف إفريقي للواحات للاستفادة من الإعانات التي يقدمها الصندوق الأخضر (Fond Vert).
صورة لنخيل الفكوس المصاب بمرض البيوض بواحات درعة الوسطى
وأمام تحضير المغرب لاحتضان الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطار COP22 حول التغيرات المناخية. فهو مطالب بتقديم تجارب ومشاريع عملية وميدانية في هذا الإطار.
أسفرت المداخلات العلمية التي حاولت مقاربة هذه المنظومة البيئية المعقدة من جل جوانبها ومكوناتها المتفاعلة بينيا وكذا النقاش العام الذي أعقبها، جملة من خلاصات لامست واقع ومستقبل الواحات في علاقتها بمختلف التحديات التي تواجهها. نورد فيما يلي أهم الاقتراحات والحلول التي تمخضت عن هذه الندوة البيئية على الشكل التالي:
- على المستوى التقني:
- توفير بنيات تحتية ملائمة مع المجال الواحي ومقاومة للتقلبات المناخية(القناطر، السواقي والطرق…)
- توفير محطات الرصد المناخي للتنبؤ بالأخطار المناخية كالفيضانات والأمطار الغزيرة والبرد.
- إنشاء المزيد من السدود التلية والسدود التحت أرضية على روافد أودية درعة وزيز غريس …
- وضع برنامج لتبليط وإصلاح السواقي التقليدية وإنشاء أخرى تحت أرضية تفاديا التبخر.
- الحد من طرق السقي التقليدي(الأحواض) وذلك بالدعم المجاني للفلاحين لاستعمال السقي العصري بالتنقيط أو السقي الباطني.
- وجوب دعم الفلاحين الصغار في استخدام الطاقة الشمسية لضخ مياه السقي.
- على مستوى التدبير
- حسن تدبير مياه السقي وتوجيهها للزراعة الإستراتيجية الوحيدة لنخيل التمر والحبوب والحناء …، وتدبير عقلاني لمياه السقي باعتماد تجربة السكان المحليين في ذلك.
- وضع حد أقصى للضيعات الفلاحية الكبرى في المناطق الخارجة عن الواحات.
- تقنين استغلال ضخ مياه الفرشات الباطنية من أجل الحفاظ على هذا المورد الأساسي.
- تحويل مياه الأودية الكبرى درعة وزيز إلى مناطق خارجة عن المجال الواحي، حيث التربات الخصبة من أجل انقاد واحات هذه المجالات كما في واحات تغبالت-تزارين.
- على المستوى الاستراتيجي
- مطالبة وزارة الفلاحة والوكالة الوطنية للتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان بنهج سياسة فلاحية مندمجة ومستدامة تتلاءم وخصوصيات الواحات وذلك بتشجيع استعمال الزراعات المحلية، نخيل التمر والحناء وتربية الماشية: الذمان ومعيز درعة …والحد من الزراعات الدخيلة المستهلكة للماء.
- ضرورة توفير منح مالية للباحثين في المجالات الواحية من أجل تشجيعهم على البحث عن الحلول، التي من شأنها تكييف هذه المجالات مع التغيرات المناخية.
- تخفيض رسوم التأمين الفلاحي بالمجالات الواحية، من أجل حماية الفلاحة الواحية من الأخطار المناخية التي تعرفها هذه المجالات من حين لآخر.
- برنامج استعجالي لإنقاذ تراث القصور والقصبات التي تشكل أحد المعالم الحضارية للمنظومات الواحات. مع العمل على تثمينها و تطويرها بما يتلاءم و حاجيات الإنسان الواحي المتجددة.
- ضرورة وضع برنامج جديد وفعال لتجميع ومعالجة المياه العادمة سواء في المجالات الواحية القروية أو الحضرية.
- مطالبة المندوبية السامية للمياه والغابات والتصحر بتبني مقاربة تنموية مستدامة ومندمجة لمكافحة ظاهرة التصحر وحماية الأشجار والوحيش الصحراوي من الاستنزاف.
- خلق سياحة ثقافية وبيئية واجتماعية تحافظ على التراث الطبيعي والثقافي والحضاري.
- على المستوى الإعلامي(التحسيسي)
- تشجيع الأبحاث والدراسات في مجال الواحات من خلال الانفتاح على الجامعة على المحيط الواحي.
- تحسيس الفلاحين بأهمية الحفاظ على الواحات ودعم التأقلم والتكيف مع التغيرات المناخية.
- دعم الدولة للمبادرات المحلية( الجمعيات، والساكنة الواحية) في التأقلم مع التغيرات المناخية.
- تحسيس الفلاحين بطرق استعمال المبيدات والأدوية والكميات الواجب استعمالها.
- تحسيس الفلاحين باستعمال الطرق التقليدية للتسميد الطبيعي.
- توعية الفلاحين والمستثمرين بأهمية الحفاظ على المنظومة الواحية وذلك باستغلال عقلاني للمياه والتربة.