المرأة الوديعة

0 636

المرأة الوديعة التي وهبت رحمها للغيم ومشت لاهثة بين الحقول تهيئ من شعرها عشبا وزنابق ممتلئة بالحليب
المرأة التي ألقت للحمائم من فتات جسدها وفي نهاية الخط وجدت الطريق ولم تجد نفسها
المرأة التي كلما خاطت جيوبا سرية للفرح على جسدها جيوبا توعدتها الحياة بأنامل من زئبق
لم تترك لها الحرب شيئا
ولا الحب أيضا
كل ما تستطيع فعله الآن
أن تقبع خلف نظارتها تحصي هذا العدد الكبير من القتلى كمراسلة مبتدئة
جثثك على جسدها
جثثها في قلبك
عاجزة تماما عن شق صدرها وإخراج هذا اللغم الذي يعيد تشغيل نفسه كلما ترامت الأشلاء في الأنحاء
عاجزة عن فك هذه الشفرات الملعونة من رسائل الموت عاجزة كيف تخبر امرأة في الضفّة الأخرى تنتظر مراسلاتها عن الحب
أن الروح خطيئة على أجسادنا الفاترة
و أن الحب لغة بائدة ماعاد يتكلمها أحد على هذه الأرض
كيف تصف لها كل هذا الألم وهي تمسك قلبها وتعصره كليمونة على هذه البقع القاتمة من الحزن؟
اصغ إليها يا ربّ
ضع أذنك اليسرى هنا على كتف الأرض،
على سرّتها التي وشم عليها الحمل المتكرر أشجارا كثيرة حتى تثبت للآخرين أنها غابة لا تنهيها الحرائق
غابتك التي وعدتها بأطفال من شجر اللوز وكثير من فرح الحشائش
كيف تخبرك الآن عن يتمها وعُقمِها وأنت تعلمه منذ البداية
كيف تكلمك الآن بصوت خفيض كملاك يائس
أنت الذي همست في أذنها اليمنى حين أطلقت صرخة اعتراض كبيرة
لتُخبرها بكل ثقة الآلهة
ستكون رحلة قصيرة
ها هي في طريقها الطويل إلى الموت
تخبرُك ، كنت مخطئا يا الله
هذه الرحلة لم تكُن أبداً قصيرة !!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.