المرأة الوديعة
المرأة الوديعة التي وهبت رحمها للغيم ومشت لاهثة بين الحقول تهيئ من شعرها عشبا وزنابق ممتلئة بالحليب
المرأة التي ألقت للحمائم من فتات جسدها وفي نهاية الخط وجدت الطريق ولم تجد نفسها
المرأة التي كلما خاطت جيوبا سرية للفرح على جسدها جيوبا توعدتها الحياة بأنامل من زئبق
لم تترك لها الحرب شيئا
ولا الحب أيضا
كل ما تستطيع فعله الآن
أن تقبع خلف نظارتها تحصي هذا العدد الكبير من القتلى كمراسلة مبتدئة
جثثك على جسدها
جثثها في قلبك
عاجزة تماما عن شق صدرها وإخراج هذا اللغم الذي يعيد تشغيل نفسه كلما ترامت الأشلاء في الأنحاء
عاجزة عن فك هذه الشفرات الملعونة من رسائل الموت عاجزة كيف تخبر امرأة في الضفّة الأخرى تنتظر مراسلاتها عن الحب
أن الروح خطيئة على أجسادنا الفاترة
و أن الحب لغة بائدة ماعاد يتكلمها أحد على هذه الأرض
كيف تصف لها كل هذا الألم وهي تمسك قلبها وتعصره كليمونة على هذه البقع القاتمة من الحزن؟
اصغ إليها يا ربّ
ضع أذنك اليسرى هنا على كتف الأرض،
على سرّتها التي وشم عليها الحمل المتكرر أشجارا كثيرة حتى تثبت للآخرين أنها غابة لا تنهيها الحرائق
غابتك التي وعدتها بأطفال من شجر اللوز وكثير من فرح الحشائش
كيف تخبرك الآن عن يتمها وعُقمِها وأنت تعلمه منذ البداية
كيف تكلمك الآن بصوت خفيض كملاك يائس
أنت الذي همست في أذنها اليمنى حين أطلقت صرخة اعتراض كبيرة
لتُخبرها بكل ثقة الآلهة
ستكون رحلة قصيرة
ها هي في طريقها الطويل إلى الموت
تخبرُك ، كنت مخطئا يا الله
هذه الرحلة لم تكُن أبداً قصيرة !!