أجرى الحوار – محمد ايت ايشو وحميد مومني
دأبت جمعية ” فورباك التربوية ” على الاحتفاء بالتلميذات و التلاميذ المتفوقين في امتحانات الباكالوريا ، نهاية كل سنة دراسية؛ و هي إذ تتقاسم فرحة النجاح مع رواد المنتدى التربوي “فورباك” ،خصت التلميذة “هند بولمان ” الحاصلة على أعلى معدل بإقليم ورزازات بلقاء حصري ، يعرف بالمشوار الدراسي للتلميذة ، و محطات الإعداد ، و الآفاق المستقبلية، و ذلك من خلال حوار أعده الأستاذان محمد أيت إيشو و حميد مومني
س : هند بولمان، مرحباً بك في هذه الجلسة الاحتفالية التي تخصصها جمعية ” فورباك التربوية ” للتلميذات و التلاميذ المتفوقين في امتحانات الباكالوريا ؛ أولاً نهنئك و نهنئ كل التلميذات و التلاميذ الذين اجتازوا الامتحان بنجاح، و نتمنى التوفيق و السداد لمرشحات و مرشحي الدورة الاستدراكية.
في البداية ، من هي هند بولمان؟
هند : هند بولمان تلميذة بسيطة، تنحدر من منطقة إغرم نوكدال القروية ( ضواحي ورزازات)، من مواليد 1994، حصلت على شهادة الباكالوريا بميزة ” حسن جداً ” ، مسلك ” علوم الحياة و الأرض ” بالثانوية التأهيلية ” محمد السادس ” بورزازات.
س: ماذا تمثل لك ( 18.33 )؟؟
هند: 18.33 ،بالنسبة لي هي كل شيء، فهي النقطة التي يتمنى كل تلميذ الحصول عليها. لذلك اشتغلت طيلة السنة ، و طيلة السنوات التي قبلها ؛ لأن الهدف ليس هو النجاح فقط، و لكن الحصول على نقطة تخول لك اقتحام مدارس و مجالات متميزة من اجل فرض الذات و تحقيق الأحلام. وكل هذا كان بتوفيق من الله عز و جل ، و تشجيع من الأبوين.
س: كيف كنت تحضرين لامتحانات الباكالوريا؟
هند: تحضيري و إعدادي كان عادياً جداً، و لكن كنت واعية أن هذه السنة، سنة حساسة، و سنة حاسمة، لأنها تحدد مستقبل التلميذ خلال القادم من الأعوام؛ لذا تعاملت مع المقررات الدراسية بنوع من الحزم و الجدية، فاشتغلت مند بداية السنة بوتيرة مسترسلة و منتظمة، لأنه من غير المجدي تأخير التحضير و الإعداد إلى أواخر السنة، لما يترتب عن ذلك من متاعب صحية و ضغوط نفسية.
فقد كنت أشتغل على تمارين و فروض أتقاسمها مع زملائي في المؤسسة و مؤسسات تعليمية أخرى؛ وكنت أبادر إلى البحث و المثابرة، و لا أنتظر أن أتلقى كل شيء من الأستاذ. و تبقى العشرية التهييئية التي تسبق الامتحان، فترة إطلالة بسيطة فقط. أما الإعداد الأساس فيبنى منذ البداية.
خلال هذه العشرية التهييئية ، كنت أشتغل على نماذج من الامتحانات قصد التحضير الذهني و النفسي و اختبار المكتسبات. و هنا أود أن أنوه بالدور الفعال للأساتذة الأجلاء الذين لم يبخلوا علينا – خلال هذه الفترة – بمساعدتهم و إرشاداتهم و توجيهاتهم القيمة.
س: نعرف أن تمدرس الفتاة القروية يشكل تحدياً كبيراً، خصوصاً في ظل الوضع السوسيو – ثقافي و السوسيو-اقتصادي للأسر المغربية، و ما نلاحظه هو التسرب المدرسي الخطير خصوصاً في صفوف الإناث بالعالم القروي. كيف استطاعت هند تجاوز هذه المعيقات و هذه العراقيل، و أن تستمر في متابعة الدراسة إلى محطة الباكالوريا و بتفوق؟
هند: الوسط القروي وسط منعزل، و سكانه تحكمهم التقاليد و العادات، فالبنت (بالنسبة لهم ) كائن ضعيف يحتاج إلى حماية، ولا يجب أن تلج المدرسة، فمكانها الطبيعي هو البيت ، و يبقى الولد هو رجل الغد و عليه ان يدرس و يشتغل.
و حتى و إن سمح للفتاة بالتمدرس فلن تتجاوز المرحلة الابتدائية، خاصة اذا كانت المؤسسة الثانوية الاعدادية بعيدة عن مقر سكناها، مما يجبر الاسر على منع بناتها قصراً من اتمام دراستهن.
و لكن بالنسبة لي، فقد كنت محظوظة لأن والدي – و رغم عدم التحاقهما بالمدرسة- كانا واعيين بأهمية التمدرس فقد شجعاني طوال مشواري الدراسي و كانا يؤثران على نفسيهما و لو كان بهما خصاصة من أجل توفير حاجياتي و مستلزماتي الدراسية سواء خلال المرحلة الابتدائية، أو خلال المرحلة الإعدادية التي قضيتها بالقسم الداخلي، أو المرحلة التأهيلية حيث كنت نزيلة بدار الطالبة بورزازات. و بفضل دعم أسرتي و تشجيعهم، استطعت اتمام مشواري و الوصول إلي هذه النقطة المشرفة…
س: نعرف أن الدعم المادي و النفسي من طرف الاسر شيء ايجابي و أساسي
هند: خاصة الدعم النفسي لأن الدعم المادي في بعض الأحيان لا يكون مهما، و لكن الدعم النفسي للتلميذ من طرف اسرته و محيطه جد جد أساسي…
س: أتوقع أنك تشاطرينني الرأي في كون النجاح في امتحان الباكالوريا ليس هدفاً في حد ذاته، بل هو معبر نحو جملة من الآفاق التي يستشرفها التلميذ(ة) خصوصاً بعد انتهاء أجواء الفرحة بالنجاح، حيث يبدأ التفكير في هذه الآفاق بجدية تستوجب الحسم. فما هي الآفاق المستقبلية لهند؟؟؟
هند: سنة الباكالوريا ما هي إلا نقطة في بحر، الدراسة التي تتطلب جهد مضاعفاً هي المرحلة الجامعية… كانت امنيتي عند الطفولة أن أصبح طبيبة، و كنت أجد و أكد من أجل تحقيق هذا الحلم، و سأواصل حتى أحققه ،من أجل تقديم خدمة انسانية للمجتمع، و أتمكن من مساعدة اسرتي، و أرد لهم بعض الجميل.
س: بماذا تنصحين التلميذات و التلاميذ المقبلين على اجتياز امتحانات الباكالوريا؟
هند: أولا أهنئ – من هذا المنبر- كل الذين اجتازوا الامتحانات بنجاح، و أتمنى التوفيق للمقبلين على هذا الاستحقاق، فما تزال فرص النجاح متاحة للذين لم يوفقوا “المستدركين” فلا وجود لشيء صعب أو مستحيل: فبالرغبة و الإرادة و المثابرة يمكن تجاوز الصعاب، و ما يشاع عن امتحانات الباكالوريا من تهويل و تخويف – كما كنا نسمع و نعتقد- غير صحيح، فهي سنة كغيرها من السنوات الدراسية، و على التلميذ الاستمرار في طريقة عمله الاعدادي كما هو الحال في باقي السنوات السابقة، بانتظام و تخطيط مستمر على مدى السنة، فلا يعقل تأجيل عمل اليوم أو الأيام إلى الغد.
س: أفهم من كلامك أن الإعداد للامتحانات يخضع لاستراتيجية وتخطيط على المدى البعيد، فهو ليس مشروع سنة بقدر ما هو مشروع السلك الثانوي التأهيلي بأكمله. فبالتخطيط و العزيمة و الارادة يمكن أن نحقق الهدف.
هند: تحضرني اللحظة قولة مأثورة : “المهام المفتوحة لا تنتهي أبداً”، فالنجاح في المهام مرتبط بإتمامها و انجازها كما هو مخطط لها في زمن محدد. فالتأجيل و التأخير قد يصعب مهمة الإعداد .فالتخطيط و التدبير السليم للوقت هو سر نجاح الكثيرين…