لماذا انتفض وينتفض الشباب العربي ؟
دخل العالم العربي اليوم في دوامة من الاحتجاجات والثورات العارمة أشعل فتيلها شاب تونسي كادح مقهور يدعى البوعزيزي من تونس الخضراء، لتمتد وتطال شرارتها باقي الدول العربية المتعطشة الراغبة في التحرر والانعتاق…
إن نظرة شمولية لواقع الدول العربية اليوم تؤكد أن هناك قواسم مشتركة تجمع هذه الدول في خانة واحدة، وتجعلها عرضة لمزيد من الاحتجاجات والثورات التي قد تأتي على الأخضر واليابس، في وقت أصبحت فيه أبواب الحوار موصدة، وآذان الحكام العرب المستبدين صماء، لا تعي خطورة الموقف وجدية المطالب الشبابية المرفوعة.
لن ينكر أحد أن سنة 2000 ستدرس مستقبلا في الجامعات العربية والعالمية على أنها بداية الانتفاضة والنهضة العربية الشعبية الشبابية الحقيقية بعد سنوات عجاف أعقبت التحرر من الاستعمار الأجنبي والداخلي على السواء…
باندلاع ثورتي الفل والياسمين، وانتقال العدوى لباقي الدول العربية كثر الحديث عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الحراك الاجتماعي الباهر، الذي جعل أولئك الشباب المتحمسين يؤمنون ويوقنون بأن الثورة على الأنظمة الجاثمة على صدورهم هي الحل الأمثل والأنجع لتلبية مطالب طال انتظارها، واستقر رأي أغلب المتتبعين على أن دكتاتورية الأنظمة العربية وفسادها يبقى السبب الرئيس وراء هذا الحراك الشعبي غير المتوقع من الحكام
وإذا شئنا التفصيل أكثر يمكن القول إن افتقاد المجتمعات العربية لما اصطلح على تسميته دوليا بالحاجات الإنسانية الضرورية أثمر وعجل بهذه النتائج المحسومة سلفا. فالشباب العربي وفي ظل التطورات التي شهدها العالم مؤخرا وجد نفسه محروما من أبسط الحقوق، لقد أدرك أنه يهيم في عالم افتراضي لا وجود له إلا في مخيلة العقيد وزمرته من الطغاة.
وعندما نتحدث عن الحاجات الإنسانية الضرورية فنحن نقصد بالتحديد:
الحاجة الفيزيولوجية المادية: من أكل وشرب ونوم وملبس، فجل الشباب العربي اليوم يجد صعوبة في تلبية هذه المطالب الأساس لضمان استمراريته إنسانا قبل كل شيء. لن أدخل في تفاصيل البطالة المتفشية والدخل الفردي للمواطن العربي مقارنة بالأموال المنهوبة والفوارق الاجتماعية الصارخة
الأمن: فإذا كان الحكام العرب أنفسهم وهم من هم ثراء وسلطة لا يشعرون بالأمان داخل دويلاتهم، بدليل فتح أرصدة خارجية وتهريب أموال الشعوب وشراء الذمم، فمن أين للمواطن العادي الثقة بهذه الأنظمة ومؤسساتها الهشة العاجزة عن حماية نفسها…
الإحساس بالانتماء: إذا كان الحكام العرب قد تنكروا ويتنكرون لشعوبهم داخليا أو خارجيا بخذلانهم في المحافل الدولية، وتغييب إرادتهم، والإسهام المباشر في وأد الحس الوطني والقومي لشبابهم والتحلل من كل القيم النبيلة تجاه وطنهم وهويتهم العربية، فكيف لهؤلاء الشباب ألا ينتفضوا ويصرخوا بأعلى صوتهم، بله يبحثوا عن بديل، وأدمغتنا العربية المشتتة في أصقاع العالم نتيجة حتمية لسياسات أحادية الجانب.
التقدير والاحترام: ولعل هذه النقطة آخر ما يفكر فيها الزعماء العرب، إذ ينظرون إلى شعوبهم دائما على أنها ملك لهم، ولا سلطة أو مكانة لعبد أمام مملوكه، وكيف لحكام لا يحترمون أنفسهم أن يحترموا ويقدروا رعاياهم.
حقيق الذات: طبيعي أن كل إنسان في هذا العالم يسعى لتحقيق ذاته، وإشعارها بأنه موجود يؤدي وظيفة، لإدراكه المسبق أنه لم يخلق عبثا بل للعطاء والإسهام قدر الإمكان في ترك بصمة يحفظها له التاريخ. فماذا إذا أحس الشاب العربي بأن آفاق تحقيقه لذاته شبه منعدمة، ماذا ننتظر منه غير الانتفاضة والثورة
ختاما نؤكد أن شعور الفرد بأن حاجة من هذه الحاجات الخمسة الضرورية المترابطة مغيبة يدفعه للبحث عنها بكل الوسائل الممكنة، فما بالك إذا كانت مغيبة بالكامل…
لم يعد المشكل مرتبط باتهام الامازيغ بانهم ملحدون او أنهم » نبلاء متوحشون » بدون عقيدة بل المشكل اصبح مرتبطا باغتراب الكاءن الامازيغي عن ذاته كتجربة لا يعيش فيها ذاته كمركز لعالمه الارضي وكخالق لافعاله ومشاعره ؛ انه ، ومن خلال استثماره لكل طاقاته المعرفية في انتقاد اللاهوت العربي ، مرهون وممتلك من طرف ذات او الية برانية غير ذاته مما يولد شعورا بفقدان الحرية والاحباط في انفصاله عن ثقافته، محيطه وجسده …..لم يعد المشكل مرتبط بالاعتقاد او عدمه بل المشكل مرتبط بوجود تقافة عنيفة تعلم العنف للأجيال ، مزقت الحياة واستبدلت فكرة الإله بأنظمة أخرى بيروقراطية استبدادية سياسية …. ليس المشكل في وجود او عدم وجود مقدس يوحد الأجناس وإلا عراق ، بل المشكل في وجود توحيد فقد سلطته المركزية وفتح المجال للانقسامات والتشتت وسوء التفاهم.. فحتى الدساتير المبنية على عامل الدين لم تعد لها شرعية بل انها بشكل تناقضي ستكشف عن الجانب السياسي للمقدس…. لم تعد المشكلة مرتبطة برفع التهمة عن الدين حين كان اعداءه يربطونه بالعنف والإرهاب بل المشكلة مرتبطة بوجود العنف اين ومتى يوجد هذا الدين وهذه ظاهرة كونية لا يمكن لاحد ان ينكرها ….لم تعد الوظيفة الأساسية للدين هي إخراج الامازيغ من العبودية والخضوع الأعمى لما كان يسمى ب »بركة » « اكرامن » كخطاطة ثقافية كانت تنظم علاقات القوى والخضوع، وإنما أصبحت ( الوظيفة) الجديدة للدين هي إعادة إنتاج نفس العبودية لكن في ظل هيمنة قيم إنسانية جديدة تدعي » النسب الشريف » لإنسان يدعي التفوق في كل شيء خاصة حين أحل نفسه محل الإله ؛ان استبدال « بركة اكرامن » ب » بركة الشرفاء » مسألة أسلوب تاريخي اجتماعي سياسي مرتبط بتوالي الديانات حسب الهيمنة والسلطة. فإذا استطاعت المسيحية وحسب تعبير إرنست بيكر »…ان تأخذ العبيد والمعوقين والبلداء و….و تجعلهم أبطال آمنة ….فقط بأخدهم خطوة واحدة بعيدا عن العالم والى بعد آخر….يسمى الجنة »، فان الديانة الإسلامية لم تعمل الا بإيهام الامازيغ بوجود عالم حقيقي مثالي ما فوق حسي وراء استبعادهم الى الجبال وتحريمهم من أدنى شروط الحياة؛ هناك يتم تبخيس كل قيمهم الأصيلة باسم مثل عليا;وحيث المعاناة هي الحقيقة الوحيدة التي تطفو على الامازيغ وحياتهم في الجبال فلا خيار لهم الا ان يصبحوا عدمييين في الوجود فقط لان معنى الحياة يوجد في عالم واقعي آخر غير هذه الجبال……لكن فوق كل ذالك مع من في الجنة أيها الامازيغي؟
لقد اصبح الامازيغ مغتربين عن ماهياتهم وعن إمكاناتهم امام التسلط الاداري والقمع البيروقراطي لدولة تدعي الإسلام وهي تخدعهم وتخدع نفسها بانتظام….ان بحث الامازيغ عن المعنى لوجودهم و من خلال التيه في او من خلال إعادة النظر في الميتافيزيقا العروبية لن يضمن لهم البقاء والاستمرارية….صحيح ان هناك معاناة لم يمكن تفاديها و هم يبحثون عن معنى وجودهم في أشياء بدون معنى خارج ذواتهم …. فهده المعاناة ليست في حد ذاتها لعنة تطفو على الذات الامازيغية وإنما المعاناة مرتبطة بوجود معنى حياتهم في عالم واقعي آخر غير هذا العالم الحقيقي والمنظم بشكل عقلاني بيروقراطي تراتبي وكما يقول نيتشه في كتابه « عدو المسيح » ، « ان معاناة الحياة هي التي تجعلنا نفكر في عالم حقيقي مثالي » ؛ لكن وكما يتساءل نيتشه في « العلم المرح »: » من سيصل الى شيء عظيم اذا لم يجد في نفسه القوة والإرادة لابتلاء المعاناة العظيمة؟ « …..وقد تجد المثقف الامازيغي يعرف الحقيقة التي مفادها انه مختلف و فريد يستطيع ان ينقي نفسه من الاعتقادات الخاوية او الابتعاد من القطيع … لكن خوفه من المقربين اليه (عشيرته) وهم يطلبون الولاء والخضوع (من باب العبودية الطوعية من اجل البقاء) فيضطر المثقف من إخفاء ألحقيقة كوعي خاطىء مما يبقيه داخل القطيع وأخلاق العبيد….
لماذا يتجاهل العرب الامازيغ وهم السكان الاصليون في العديد من الدول؟
الحقائق الصارخة.
1 ـ أن الأمازيغ أرضا وشعبا وثقافة وحضارة واقع حاضر مازال يفرض نفسه فرضا ، وليس بإمكان من يفتعل العمى والصمم ويدس رأسه في عتمات قلبه أن يلغيه ، فقط لأنه يتمنى ذلك الإلغاء من صميم انحطاطه وتريديه ، غير آبه لما يهب على عالم الإنسان المعاصر من رياح الأنسنة وإلغاء قوانين الغاب …
2 ـ أن للأمازيغ كأي شعب من شعوب الأرض حقوقاً ، لا بد من احترامها ، إن كنا نطمح في تأسيس مجتمع إنساني حقيقي ، وضمان السلم والاستقرار ، وهي حقوق لن يتنازل عنها الأمازيغ إرضاء فقط لبعض الجهلة المتغطرسين …
3 ـ من حقوق هذا الشعب حقه في الأرض ، أرضه التي بها وجد ، وبها عُرف ، ومنها وعليها تفاعل مع باقي شعوب وثقافات العالم القديم والحديث ، إذ لا يمكن تصور حياة أي شعب من غير أرض. فالأرض مثل اللغة من المقومات الأساسية لوجود أي شعب، وإثبات تمييزه عن غيره . كما أنها من شروط بقائه واستمراره .
4 ـ ضرورة التعايش ، تعايش كل الجاليات العربية واليهودية والإفريقية والأندلسية مع الأمازيغ السكان الأصليين ، وأصحاب الأرض الشرعيين ، وذلك في إطار من علاقات إنسانية راقية أسسها الاحترام والعدل والسلام ، وهي أسس لا يمكن أن تكون أو تدوم إلا بما يلي :
5 ـ الاعتراف بأمازيغية هذه الأرض التي تعيش عليها هذه الجاليات ، لا أن تفرض هذه الجاليات هويتها على الأرض .
6 ـ حمل هذه الجاليات كلها للجنسية الأمازيغية ، طوعاً أو كراهية ، وذلك لسبب وحيد كونها الجنسية الأصل ، والتي لا بديل لهم عنها مادام أفراد هذه الجاليات كلها مقيمين على أرض أمازيغية ، متمتعين بخيراتها وحمايتها .
7 ـ الإيمان ( في انسجام تام مع الواقع الذي لا واقع غيره إلا في أوهام المتعنتين ) بكون اللغة الأمازيغية هي اللغة الأم للمواطنين المغاربة ، والعمل بإخلاص على النهوض بها وتقويتها بعد كل هذا الحصار الذي ضرب عليها ، ذاك أقل واجب وطني عليهم أداؤه إزاءها ، كعامل قوي من عوامل وحدتهم والضامن الوحيد لرقيهم وتقدمهم .
إنها حقائق صارخة تفرض نفسها فرضاً على كل ذي عقل وقلب وضمير ، لكن السيد اسماعيل ايت عبد الرفيع ، وفاء منه لنزعته العروبية الاستعمارية ، لا يفعل للأسف شيئا غير محاولته إخراس صوت هذه الحقائق الصارخة بما يتقنه ( كباقي إخوانه العرب) من الرقص البهلواني على وقع الكلمات الجوفاء ………………..