تقرير الدورة الثانية للمقهى الأدبي بتنغير

0 374

تحت شعار “الجنوب الشرقي : صحافة وأدب ” نظم المقهى الأدبي بتنغير أيام 26 ـ27 و28 يوليوز 2013 نسخته الثانية من الليالي الرمضانية الثقافية بفندق براوي بتنغير ابتداءأ من الساعة h0022 مساءا من كل ليلة، وعرفت حضور عدد مهم من الأساتذة والأطر والفاعلين والمهتمين بالحقل الإعلامي والثقافي والأدبي بالمنطقة.
اليوم 1: ندوة صحفية
اليوم الافتتاحي شهد تنظيم ندوة تحت عنوان “الصحافة والإعلام بالجنوب الشرقي أسئلة ورهانات” بمشاركة مجموعة من المنابر الإعلامية والصحفية ومن تأطير الباحث والإعلامي “رجب ماشيشي”، وحضرها جمهور متميز أضاف لمحة خاصة بمداخلات قيمة وبلور نقاش مسؤول إلى جانب مختلف الفاعلين والإعلاميين والأساتذة والأطر المهتمين بالشأن الإعلامي والثقافي.

1افتتح المؤطر الندوة مرحباً بالحضور الكريم وكافة المنابر الإعلامية التي لبت الدعوة وقبلت المساهمة في فتح أرضية للنقاش حول واقع وآفاق الصحافة والإعلام بالجنوب الشرقي، وبعدها مباشرة ناول الكلمة لممثل الجريدة الإلكترونية “ناس هيس” الذي بدأ مداخلته بتقديم نبذة تعريفية عن الجريدة وأهم أهدافها وكونها بادرة أشخاص تربطهم علاقات اجتماعية في البداية قبل أن تنضج فكرة الاندماج وتوحيد الجهود لخلق منبر إعلامي يساهم في رفع التهميش الإعلامي الوطني والرسمي على المنطقة والمساهمة في تغطية الأحداث والوقائع ومختلف الأنشطة الاجتماعية والتربوية والاقتصادية والسياسية والثقافية والحقوقية بالمنطقة.

2وفي مداخلة لممثل شركة سابريس الأستاذ الإعلامي والمهني “الحسين الناصري” أشار بعد تحية المشاركين والحضور الكريم إلى بعض المعطيات الصادمة التي تؤكد على ضعف نسبة القراء بالجنوب الشرقي كما على صعيد المغرب مبرزاً بالواضح وبالأرقام احتضار الإعلام المكتوب “صفحة لكل مواطن في السنة أي ما لا يتعدى 10 دقائق في السنة !! كما تطرق لمجموعة من التحديات والعوائق التي حدت من إشعاع الإعلام المكتوب من قبيل ظاهرة العولمة التي أفرزت زخماً إعلامياً وإلكترونياً متنوعاً يتقدم بسرعة ما يعتبر ظاهرة العصر، ومشكل التوزيع والبيع الذي أشار فيه أن مجموع المبيعات في اليوم الواحد تتراوح ما بين 1200 و1400 جريدة ما أفرز ضعف وغياب الجرائد الجهوية والأمازيغية، وختم مداخلته بمناشدة كافة الفاعلين من أجل العمل على تكرار مثل هذه المبادرات الثقافية والإعلامية حفاظاً على الاستمرارية.
وأشار الصحفي “حسن أعبدي” في مداخلته إلى أن الهدف من الصحافة والإعلام عموماً هو كسر شوكة التهميش والتعتيم الإعلامي على المنطقة، وكذا ضرورة التنسيق لخلق مشروع إعلامي متكامل يعتمد الاحترافية وبموارد مالية تساهم في ديناميكيته وتطوره وتحد من علاقاته بالسلطة، كما ألح على وجوب النبش في ذاكرة المجتمع باعتباره أرضية خصبة تضم بعض الملفات الغامضة والظواهر الشائكة التي يجب تسليط الضوء عليها دون إغفال أنها تحتاج الجرأة والمهنية للتعامل معها.

03وفي مداخلة للصحفي والإعلامي “لحسن فاتحي” ممثل جريدة فاس بريس الإلكترونية أشار إلى الدور البارز للصحافة والإعلام في الرقي بالمجتمعات من خلال رصد التغيرات التي تعرفها والتعبير عن حاجياتها الآنية والمستقبلية مبرزاً أنه كلما كان الإعلام قوياً كان تأثيره على المجتمع أشد وأنه يجب تجاوز النظرة التقليدية والاختزالية بين الإعلام والسلطة إذ أن هذه الأخيرة في حاجة إلى الإعلام من أجل تسليط الضوء على منجزاتها وما تقدمه خدمة للمجتمع في حين أن دور الصحافة والإعلام المهني هو الرقابة والمساهمة في تقويم المجتمع بمختلف فئاته، كما ألح على ضرورة تجاوز اتكال أبناء الجنوب الشرقي على إعلام الغير متهمين إياه بالتهميش والتعتيم في حين أن الجنوب الشرقي يعج بالطاقات والمواهب التي تحتاج من يحتضنها ويوجهها وهو ما يحتم العمل على خلق تصور إطار يلتف حوله الجميع خدمة لهذا المجتمع.
كما عرفت الندوة مداخلة عبر الهاتف للصحفي والإعلامي بجريدة المساء المغربية “لحسن والنيعام” الذي أكد بدوره على تثمين كل المجهودات الرامية إلى النهوض بالصحافة والإعلام بالجنوب الشرقي، وأشار في معرض حديثه إلى إشكالية التواصل بين أبناء المغرب العميق والمركز وحمل المسؤولية لأبناء الجنوب الشرقي على اعتبار عدم قدرتهم على التواصل الفعال “وعجزهم” عن إيصال صوت وهموم المجتمع للآخرين ومحدودية ثقافة الصحافة والإعلام بالمنطقة، ما يفرض حسب “والنيعام” تغيير المقاربة والعمل على تعزيز جسور التواصل وتشجيع الكتابة والنشر من أجل إسماع صوت المغرب العميق والتعبير عن همومه.
واختتمت الندوة بتأكيد كافة المتدخلين على ضرورة العمل على دعم كافة المبادرات التي تروم النهوض بالصحافة والإعلام وعلى حتمية توحيد الجهود ورص الصفوف من أجل العمل على إخراج إطار إعلامي يلف كل المنابر الإعلامية بالجنوب الشرقي.
اليوم 2: لقاء أدبي وتواصلي
استمراراً في أنشطته الرمضانية نظم المقهى الأدبي بتنغير يوم 27 يوليوز على الساعة 22h00 مساءاً لقاءاً أدبياً تواصلياً بحضور مجموعة من كتاب وأدباء الجنوب الشرقي ومن تأطير “رجب ماشيشي”.
تناول الشاعر والكاتب “موحى بن ساين” الذي أصدر مؤخراً كتاب “تِيْسَاس” الكلمة في البداية في محاولة لتشخيص واقع الأدب الأمازيغي حيث أشاد بالطاقات والمواهب التي يزخر بها الجنوب الشرقي وبقدرة أبنائه على الإبداع باللغة الأم كما باللغات الأخرى، وأضاف أن الجنوب الشرقي في حاجة ماسة إلى مشروع ثقافي بنيوي شامل ومتكامل يعمل على جمع كافة التصورات والرؤى والجهود التي لا تزال إلى اليوم عبارة عن مبادرات فردية يصعب أن تحقق أهدافها الكاملة في ظل عدم إشراك وتوجيه رؤوس الأموال ورجال الأعمال في العملية ككل، قبل أن يختتم بنداء الشباب الأمازيغي وحثه على الاهتمام بتدوين التراث المادي وغير المادي وتناسي المشاكل والعوائق التي تحول دون ذلك.

4وفي مداخلة للأستاذ والشاعر “عمر الطاوس” صاحب ديوان شعري للأطفال “أوت أ أنزار”، غاص هو الأخر في إشكالية الثقافة الأمازيغية وتدوينها على مر العصور حيث بقيت لسنين طويلة حبيسة ما هو شفوي وفقط وهو ما أثر سلباً بدوره على الأدب الأمازيغي مبرزاً دور الشعوب في الرقي بثقافاتها، كما يمكن حسب الشاعر دائماً توظيف الأدب في الفن والسينما (قصص وحكايات عمر أعلي) وغيرها من الإبداعات الإنسانية الأخرى التي بها يتعرف الإنسان على ذاته وقيمة وجوده والتواصل مع الآخر، وبفضل الكتابة يمكن الإطلاع على ثقافات الشعوب الأخرى وتبادل الخبرات والتجارب وإغناء الرصيد الثقافي الأمازيغي. واختتم بدعوة الإنسان الأمازيغي إلى التشبت بالماء والأرض لأنهما يمثلان رمزاً للوجود وللتنمية وأي صراع محتمل مستقبلاً سيكون حولهما.
أما الأستاذ والكاتب الأمازيغي “زايد أوشنا” الذي صدر له كتاب مؤخراًً حول المقاوم “زايد أحماد” فقد أشار في مداخلته إلى العائق الأول الذي يصادفه الكاتب الأمازيغي أمامه في قراءة التاريخ ألا وهو غياب الأرشيف والتاريخ المحلي والمدون ما دفع به إلى البحث والتنقيب عن معالم حضارة أمازيغية عريقة أصبحت بقدرة قادر مشتتة ومجزأة وتم إفراغها من القيم التي انبنت عليها منذ القدم. كما طرح الكاتب سؤالاً عميقاً عن: من نحن وماذا نريد؟ في إشارة إلى أن القضية الأمازيغية واحدة ولها أهداف مشتركة لكن الإشكال يبقى سؤال “الكيف” كيف يمكن تحقيق هذه الأهداف، هي أسئلة عميقة ورؤية ثاقبة للأمور يلح من خلالها الكاتب على ضرورة مطابقة القول للفعل وحمل الأمازيغيين على قراءة وتدوين التاريخ والأدب الأمازيغيين من أجل الرقي بالثقافة والإنسان.
5ومن جهته تحدث الشاعر والفنان الأمازيغي “عمر أيت سعيد” صاحب الديوان الشعري “تابرات ن أسكمي” عن الشعر والأدب الأمازيغيين وكونهما رهان النهوض بالفكر والثقافة الأمازيغيين من خلال تشجيع الكتابة والتدوين وخاصة التركيز على الناشئة والطفل لغرس القيم والمبادئ الأمازيغية التي تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى لإعادة الاعتبار لها وجعلها من بين مصاف الثقافات العالمية، وفي هذا الصدد كشف قرب إطلاق بوابة إلكترونية تهتم بأناشيد وقصص الطفل الأمازيغي لجعله حسب الشاعر “في غنى عن قيم الثقافات الأخرى التي تجعله مستلباً في الأرض والوجدان”.
كما أشار الكاتب ” سعيد كرام ” صاحب كتاب “صهيل في صحاري الرمال” إلى أن الشاعر (الفرد) لا يمكن إلا أن يولد شاعراً فالشعر بالنسبة إليه موهبة وإبداع راقي يولد بمولد الشاعر فلا يمكن المقارنة بين الشاعر “المصطنع” والشاعر الموهوب، فالاختلاف حسب الكاتب في كون الشعر لا يؤمن “بالشهادة أو الدبلوم” وإنما في القدرة على الإبداع والفكر، مبرزاً دور الشعراء الأمازيغ الذين لم يلجوا المدرسة يوماً لكن شعرهم يحمل ذاكرة وثقافة الشعب فكره ووجدانه، كما دعا في ختام مداخلته إلى الأخذ بالكُتاب وكتابات الأجانب خاصة الأدب الأوروبي لإدخال الأدب الأمازيغي في الأدب المقارن قصد الرقي به نحو الأفضل.
وفي مداخلة للأستاذ والشاعر “عبد الحميد طالبي” صاحب كتاب “دمعة وطفولة” فقد ميز بين مقومات اللغة الميتة واللغة الحية في إشارة إلى أن الأدب الأمازيغي ظل رهين الثقافة الشفوية لعصور طويلة ما جعله في فترة معينة من التاريخ مهدداً بالموت أمام تنامي الثقافات الأخرى، وأضاف في معرض حديثه عن التدوين والكتابة بعض المعيقات التي تحول دون نشر وطبع الكتب الأمازيغية من قبيل ضعف التمويل وقلة الإمكانيات، وإشكالية الخط، وإشكالية القراءة أو القرائية وثقافة الشعب التي قال عنها أنها لا تزال “خبزية” بامتياز، وهو ما يتماشى حسب الشاعر دائماً مع رغبة السلطة التي تعمل على “إنتاج” شعب يرفض القراءة ويشجع على النقد والانتقاد، وفي ختام مداخلته ناشد الشاعر أبناء الجنوب الشرقي من أجل العمل على توحيد الصفوف والإقتداء بتجربة سوس والأطلس في الأدب والكتابة الأمازيغيين.

ومن جهته كشف الفنان “الناصري محمد” ممثل مجموعة “تواركيت باند” الموسيقية عن قرب إصدار الألبوم الثاني للمجموعة رغم قلة الإمكانيات وضعف التمويل والتشجيع ومؤكدًا أنها تشكل تجربة طلبة متطوعين تشبعوا بقيم النضال من داخل الحرم الجامعي ويسعون من خلال رسالة الفن إلى إيقاظ الوعي الجماعي الأمازيغي وإسماع صوته للآخر عبر الفن الذي يعتبر حسب تعبيره “أرقى وسائل التعبير التي يملكها الإنسان”، كما ألح الفنان “الناصري” على ضرورة تشجيع القراءة والكتابة الأمازيغيين لحفظ الذاكرة والتراث الأمازيغيين والنهوض بهما.
هذا اللقاء التواصلي عرف مشاركة مميزة للحضور والأساتذة عبر مداخلات ساهمت في بلورة نقاش فكري وأدبي حول الأدب والثقافة الأمازيغيين من خلال تقديم توصيات تدعو إلى دراسة سبل الرقي بالأدب نحو الأفضل من خلال تشجيع الكتابة والقراءة ودعم الكتاب والشعراء إضافة إلى التفكير في خلق إطار (رابطة) يلف بين أحضانه مختلف الطاقات والمواهب التي يزخر بها لجنوب الشرقي.

6اليوم 3: أمسية شعرية فنية ملتزمة
استمرراً في أنشطته الرمضانية نظم المقهى الأدبي بتنغير يوم 18 رمضان الموافق ل 28 يوليوز 2013 أمسية فنية ملتزمة بفندق براوي على الساعة 23H00 مساءاً.
وتجدر الإشارة إلى أن الأمسية عرفت مشاركة مجموعة من الشعراء والمجموعات الفنية الأمازيغية الملتزمة بالجنوب الشرقي.
وفي ما يلي قائمة بأسماء المشاركين:
ـ الفنان والشاعر أغطاف من ألنيف
ـ مجموعة أزا باند من قلعة مكونة
ـ الشاعر عمر الطاوس من كلميمة
ـ مجموعة أحيدوس تاسوتا لأحيدوس تنغير

7هذا واختتمت الدورة الثانية للمقهى الأدبي بتنغير في أجواء سمرية وفنية وشعرية رمضانية بامتياز واكبتها إذاعة صوت ورزازات على المباشر في اتصال هاتفي مع لجنة التنسيق، وقد عبرت اللجنة من خلالها ممثليها :رجب ماشيشي، لحسن فاتحي، يحيا ما شاء الله، يونس أيوبي عن شكرها وامتنانها لكل القيمين والحضور والمشاركين ومن ساهم من قريب أو من بعيد في إنجاح الدورة الثانية من المقهى الأدبي بتنغير، هذا وتعد اللجنة بتنظيم أنشطة ثقافية وإعلامية مستقبلية يشارك فيها الجميع مع المضي قدماً في مخططها لبناء مشروع ثقافي بالمنطقة يساهم في إنجاحه الجميع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.