لا ديمقراطية للإسلام السياسي…. بمنظور الغرب

0 397

لم يعد للديمقراطية مفهومها الوضعي المعروف كشكل من أشكال الحكم السياسي ,المفروض أن يكون قائمٌا بالإجماع علَى التداول السلمي للسلطة وفق منطق فوز الأغلبية عن طريق صناديق الانتخاب مع احترام حقوق الأقليات المشتركة في العملية السياسية , خصوصا بعد أحداث الربيع العربي الأخيرة التي أعقبت حادث الثلاثين من يونيو في مصر أو التي قد تعصف بنتائج الثورة في ليبيا و تونس و اليمن ولاسيما و أن الخلاف بدأ يصل مداه فيهم, و قد أفرزت الثورات في هذه البلدان عن صعود الإسلام السياسي بديلا للأنظمة الاستبدادية المطاح بها آو المستقيلة على إثر انتفاضات شعبية عارمة.
و إذا رجعنا لأصل الكلمة نجدها مركبة مِن كلمتين: الأولى مشتقة من الكلمة اليونانية Demos وتعني عامة الناس، والثانية kratia وتعني حكم. وبهذا تكون الديمقراطية Demoacratia تَعني لغةً ‘حكم الشعب’ أو ‘حكم الشعب لِنفسهِ بنفسه’ بواسطة أعضاء يمثلونه عن طرق الاقتراع كآلية شرعية و قانونية ,منافية للفوضى أو السيطرة بالقوة او عن طرق العسكر للحكم المدني.
و تعد الولايات المتحدة الأمريكية الداعي الأول في العالم إلى الالتزام بنتائج الاقتراع ,بعد الحرب العالمية الثانية, وفق احترام آليات التصويت و عدم تزوير النتائج ,مبررة ذلك وفق منظورها باحترام آليات الديمقراطية الليبرالية و احترام النتائج أيا كانت لترسيخ دولة مدنية تحترم فيها كرامة الإنسان وتعنى بحقوقه و تسمح له بالمشاركة في الحياة السياسية بكل حرية ,دون الإضرار بالآخرين و دون تعصب أو تطرف ديني أو عرقي أو قبلي,و مستندة أيضا إلى القلة القليلة من المثقفين الذين كانوا يرتادون الصناديق و العامة كانوا أصلا أميون ولا يهمهم سوى البحث عن لقمة العيش و عدم الاكتراث للسياسة.
غير أن زعمها هذا تزعزع و ارتبكت حين أظهرت نواياها الحقيقية في المنطقة, تجاه مصالحها, و موقفها الصريح من الانقلاب في مصر, و لم تدري أن الوضع قد تغير و غالبية الشعوب العربية و الإسلامية أصبحت واعية,وكأن لسان حالها يقول لا ديمقراطية للإسلام السياسي. و خافت ,بالتالي,على عرش و امن إسرائيل مؤخرا و تحدث أبراهام-السيناتور في البيت الأبيض- عن ضرورة زيادة المعونة العسكرية للجيش المصري ,بدل قطعها بالمرة, لحمايته حدود الكيان الإسرائيلي و تامين حقوقه على حساب حقوق الفلسطينيين.و أصبح بالتالي للديمقراطية-حسب أمريكا و الغرب بصفة عامة-تتلخص في الزخم الشعبي و التصوير السينمائي للمظاهرات و الفوضى في الشارع يقابله التعتيم على الخصم إعلاميا و حجب جل منابره و منافذه الإعلامية لنقرر بالتالي ان الخروج للشارع خير من الذهاب لصناديق الاقتراع !!!!!!!
و هذا أمر خطير بالدرجة الأولى على أمريكا التي مافتئت تقنع الدول في إفريقيا على تشجيع الديمقراطية و الحكومات المدنية بدل العسكرية إلا أن موقف الدول الإفريقية ,على الأقل,جاء إيجابيا ,أحسن من أمريكا نفسها أو أوربا, في تقدير انقلاب العسكر في مصر على أول حاكم مدني فيها و وصف مرسي بمنديلا.
إن موقف الاتحاد الأوربي و الولايات المتحدة الأمريكية سينعكس سلبا على سمعتهما,خارجيا و داخليا, و سيثبت في نفوس شعوب الربيع العربي بالكفر بالديمقراطية مطلقا و البحث عن البديل الوطني المعبر عن تاريخ و هوية هذه الشعوب و هو مبدأ الشورى الإسلامي المغفل من قادتها و الذي يعد خير بديل للديمقراطية الليبرالية.

عمر لوريكي – أستاذ وكاتب بنيابة زاكورة
للتواصل معي: omari.omaro@gmail.com
https://www.facebook.com/olouriki

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.